الساعة 00:00 م
الأربعاء 01 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالصور بين فكي الحرب والدواء.. نقص الأدوية شبح يهدد حياة المرضى في قطاع غزة

حجم الخط
WhatsApp Image 2024-02-04 at 09.47.28.jpeg
فاتن الحميدي- غزة- وكالة سند للأنباء

ماذا لو كنتَ مصاباً بمرض مزمنٍ في قطاع غزة؟ يعني أنك ستقف لأيام على طابور يمتد أمتاراً بقدميك التي أنهكها المرض وتحت أصوات القذائف والقصف؛ ليتسنى لك الحصول على شريط دواء لا يكفي لأكثر من أسبوعين، وربما عدتَ بعده خالي الوفاض، بينما يقترب منك شبح الموت كل لحظة تُبلَّغ فيها بنفاذ الدواء!

تتفاقم معاناة المرضى في قطاع غزة في ظل شح الأدوية والمستلزمات الطبية، جراء الحرب الإسرائيلية الطاحنة المستمرة على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ما يجعل أصحاب الأمراض المزمنة والأوبئة بين فكي الحرب وخطر الموت.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن قطاع غزة يضم أكثر من ألفي مريض بالسرطان و1100 مريض بحاجة لغسيل الكلى ونحو 50 ألف مريض مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأكثر من 60 ألف مريض بالسكري، وغيرهم من آلاف أصحاب الأمراض المزمنة دون رعاية صحية فعلية.

يأتي ذلك في وقت تعمل تسعة من أصل 36 مستشفى حاليًا، و18 من أصل 72 مركزًا للرعاية الصحية في قطاع غزة، بينما يبلغ متوسط إشغال الأسرّة في المستشفيات العاملة 350%، ونسبة إشغال الأسرّة في وحدة العناية المركزة 260%، وفق أرقام صادرة عن منظمة الصحة العالمية التي تبرز كذلك النقص الحاد في الوقود والمياه والغذاء والكهرباء في المستشفيات والمرافق الطبية التي تعاني من عبء شديد ما يجعلها غير فعالة.

WhatsApp Image 2024-02-04 at 09.47.27 (2).jpeg
 

وبهذا الصدد، نقلت "وكالة سند للأنباء" شهادات عدد من المرضى الذين يعانون الخطر المحدق في كل دقيقة، في ظل التراجع الحاد والنقص المستمر للأدوية.

عيون ترى الموت..

الستيني عبد المجيد عبد الله عيسى أحد مرضى الفشل الكلوي منذ خمس سنوات في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، يقول لمراسلتنا إن أخطر ما يتعرض له مرضى الكلى، هو ضرورة الوصول إلى المستشفى في أوقات محددة لا يملك فيها المريض اختيار.

ويردف، لو تأخر المريض يوماً فقط عن موعد الغسيل، يأتي في الإسعاف إلى غرفة العناية ويبقى تحت أنابيب الأوكسجين، وهذا ما حصل مع ضيفنا "عيسى" الذي تأخر يوماً عن غسيله نظراً لاشتداد القصف في منطقته.

يغسل مريض الفشل الكلوي في الأوقات الطبيعية يوماً بعد يوم أي ثلاثة أيام في الأسبوع بمعدل 4 ساعات في كل غسلة، وأي تأخير عن الميعاد المحدد، يعني تراكم السموم داخل الجسم وتراكم السوائل في الرئتين ما يصعب عملية التنفس، وفقاً لما أورده "عيسى".

ويتابع، أنه وبازدياد عدد المرضى في مستشفى شهداء الأقصى، ونقص الإمكانيات والأدوية، تقلص عدد الغسلات من ثلاثة أسبوعياً، إلى مرتين في الأسبوع بواقع ساعتين للمرة الواحدة، وهو ما انعكس سلباً على الوضع الصحي للمريض.

ويلفت السيد "عيسى" إلى أن حياته تعرضت للخطر جراء إغلاق الطرق أو اشتداد القذائف والصواريخ ونيران الاحتلال، ونتيجة لذلك اضطر للمكوث في خيمة بجانب المستشفى؛ ليتسنى له عدم التأخر عن الغسيل وتجنباً لأي خطر قد تتعرض له حياته.

WhatsApp Image 2024-02-04 at 09.47.27 (1).jpeg
 

وبحسب شهادة ضيفنا، يضم قسم الكلى في الوقت الراهن أكثر من 400 مريض على عكس ما كان عليه قبل الحرب من 120 مريض فقط، والذي ازداد بزيادة عدد النازحين المرضى الذين أجبرتهم آلة الحرب على الخروج من بيوتهم شمال قطاع غزة.

وعن معاناة نقص الأدوية، يبيِّن "عيسى" أن مرضى الكلى يفتقرون إلى هرمون "الأرثروبيوتين"، وهو ما تفرز الكلى السليمة للدم، الذي من المفترض أن يأخذه المريض بعد كل غسلة، بينما لم يأخذه المرضى منذ شهر ونصف، أما في الوقت الذي ينخفض فيه دم المريض إلى (5-4) يعطى وحدة دم كبديل عن الهرمون " لا تُجدي نفعاً كثيراً".

كذلك يعاني مرضى الفشل الكلوي من نقص "الكالسيوم" الذي هو بمثابة الطعام والشراب للمريض، وهو جزء من المعاناة التي يتجرعها المرضى في الحرب.

" نحن أقرب إلى الموت من غيرنا"، بهذه العبارات ختم السيد عيسى قوله لمراسلتنا، فوفقاً لشهادته وما رآه أمام عينه، توفي منذ بداية الحرب ما لا يقل عن 12 مريضٍ في قسم "الكلية الصناعية".

أما السيد عمر أبو شرخ (64 عاماً)، أحد النازحين من غرب مدينة غزة إلى جنوب القطاع، يعاني من ضغط الدم المرتفع، وتجلط الدم، لم يجد الدواء متوفراً في أيٍ من الصيدليات أو المراكز الصحية.

بخطىً متثاقلة يتوجه "أبو شرخ" وابنته إلى مستشفى ناصر في مدينة خانيونس تحت أزيز الرصاص وقذائف المدفعيات؛ لأخذ جرعات من الدواء لا تكفي إلا لأسبوعين فقط، لكن المعاناة تفاقمت بعد نزوحهم إلى دير البلح، فلم يستطع الرجل الستيني من الحصول على أي نوع من الأدوية من أي مستشفى أو صيدلية الأمر الذي جعل حياته عرضة لخطر الموت والسكتات القلبية في أي لحظة.

ولم يختلف الحال عن السيدة هدى زيدان إحدى مرضى السكري المزمن، والتي من المفترض أن تحصل على مجموعة من الأدوية تكفيها لثلاثة أشهر، إلا أن النقص الحاد في المستلزمات الطبية حال دون حصولها على ذلك.

تروي السيدة "زيدان" لمراسلتنا معاناة الحصول على الدواء، فبعد طابور يستمر أكثر من خمس ساعات على عيادات الوكالة والحكومة، لم تحصل إلا على نوع واحد من أدوية سيولة الدم، ولأسبوعين فقط، مبينةً أنها لا تعرف إن كانت ستحصل على غيره بعد أسبوعين أم ستُفاجأ بنفاذ الأدوية.

وتبدي السيدة "زيدان" مخاوفها من التعرض لارتفاع أو انخفاض مفاجئ للسكر في الدم، جراء شح الأدوية وعدم انتظامها، ما قد يؤدي إلى غيبوبة تدخل المريض في خطر محتم.

WhatsApp Image 2024-02-04 at 09.47.27.jpeg
 

خطر محدق..

إلى ذلك، يقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في أحدث تصريحات له، إن ما يدخل من مساعدات طبية شحيحة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر يكون أغلبها عبارة عن أدوية تخدير وأخرى مخصصة للعمليات الجراحية وما بعدها، دون أن تحتوي على أدوية لعلاج الأمراض المزمنة وحالات مرضية أخرى.

ويشير إلى أنه في الوقت الذي تتفشى فيه الأمراض والأوبئة في مراكز النزوح المكتظة بشدة، فإن الكميات المتوفرة من الأدوية الخاصة بالأمراض التنفسية والنزلات الرئوية وتلك الخاصة بالأمراض المزمنة مثل ضغط الدم والسكري تبقى شحيحة للغاية ويكاد رصيدها يقترب من الصفر، ما نتج عنه تردي الحالة الصحية لعشرات الآلاف من المرضى.

يضاف إلى ذلك خطورة عدم توفر عدد كبير من أدوية المضادات الحيوية، الأمر الذي يتسبب في زيادة التهاب الجروح، وغالبية مسكنات الألم ومراهم الجروح، فضلًا عن المستهلكات الطبية، بما في ذلك المطهرات التقليدية مثل "اليود". كما أن العشرات من النساء الحوامل تعرضن للإجهاض جراء نفاد الأدوية المميعة للدم -التي تمنع تجلط الدم- والمقويات والفيتامينات.

وتواجه المستشفيات نقصًا شديدًا في مستلزمات التخدير والسوائل الوريدية والأنسولين، فيما تتعطل المعدات الطبية عن العمل بشكل متزايد في المستشفيات مثل: أجهزة المراقبة، وأجهزة التنفس الصناعي، والحاضنات، والأشعة السينية والأشعة المقطعية، وأجهزة التحليل، وأجهزة التخدير، والتي تعتمد على الكهرباء.

ويحذر الأورومتوسطي من أنه دون الأدوية والإمدادات الطبية والاحتياجات الأساسية الأخرى سيموت عشرات آلاف المرضى في قطاع غزة ببطء وبشكل مؤلم، ما يبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، لتعزيز وإعادة تزويد المرافق الصحية المتبقية، وتقديم الخدمات الطبية التي يحتاجها الجرحى والمرضى.