في مشهدٍ يحبس الأنفاس ووسط إطلاق نارٍ كثيف، خاطرت الطبيبة أميرة العسولي، بحياتها لإنقاذ حياة شاب فلسطيني مصاب برصاصٍ إسرائيلي، أمام مجمع ناصر الطبي الذي يحاصره الاحتلال في مدينة خانيونس، جنوب قطاع غزة.
وأظهر مقطع مصوّر انتشر بشكلٍ واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، الطبيبة وهي تنزع معطفها وتجري على وقع الرصاص في اتجاه الجريح، قبل أن يتبعها عدد من الشبان، ثم قاموا بوضع الجريح على النقالة اليدوية وعادوا به إلى مستشفى "ناصر" لإنقاذ حياته.
وقالت الطبيبة أميرة وهي استشارية نساء وولادة من سكان مدينة خانيونس، إنها استقالت من مهنتها قبل سنتين لأسباب خاصة، مشيرةً إلى أنها كانت تتواجد في جمهورية مصر العربية مع بدء العدوان على غزة.
وأضافت في مقابلة تلفزيونية تابعتها "وكالة سند للأنباء" أنها عادت إلى غزة خلال الهدنة الإنسانية في نوفمبر/ تشرين ثاني المنصرم، وبقيت هناك حيث حوصرت في بيتها لـ 15 يومًا، وخلالها تلقت نبأ قصف منزل أهلها.
وتابعت: "أخبروني أن والدتي المسنّة التي تبلغ من العمر 80 عامًا محجوزة تحت الركام، لم أتحمل الخبر، وتوجهت إلى مجمع ناصر الطبي، مشيًا على الأقدام ليلًا، ومنذ تلك اللحظة قررت البقاء فيه؛ لخدمة ضحايا الحرب، في ظل نقص الكوادر الطبية".
وعبّرت الطبيبة عن سعادتها لتمكنها من إنقاذ حياة الشاب الجريح، مردفةً: "فرحت كثيرًا حين علمت أنه حيّ وأنه ساعد نفسه بربط جرحه بشال، لكنه في الحقيقة كان منهكًا من شدة الألم".
وأشارت إلى أنّه تحدث إليها بنبرةٍ من الخوف والرجاء: "بدهم يشيلوا (بتر) رجلي يا دكتورة؟"، بينما حاولت الطبيبة أميرة طمأنته بأنه سيكون بأفضل حالٍ ولن يتم بتر قدمه.
وكان نشطاء ومغردون على منصات التواصل الاجتماعي، عبروا عن اعتزازهم الكبير بما فعلته الطبيبة أميرة العسولي، حيث وصفوه بـ "واجب بطولي وفدائي"، مؤكدين أنّ هذه المشاهد الشجاعة تثبت قوة العزيمة والإرادة التي تتمتع بها الطواقم الطبية الفلسطينية.
وتواصل طائرات الاحتلال ومدفعيته غاراتها وقصفها العنيف على أرجاء متفرقة من قطاع غزة، وسط تركيز العدوان على خانيونس، واشتداد وتيرة القصف على رفح، مستهدفة منازل وتجمعات النازحين وشوارع، مخلفة آلاف الشهداء والجرحى.