الساعة 00:00 م
السبت 11 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.73 دولار أمريكي

بالفيديو طبيب بريطاني: ما يحدث في غزة ليس حربا بل إبادة

حجم الخط
طبيب بريطاني.jpeg
رفح- تامر حمدي- وكالة سند للأنباء

"في أول يوم وصلت للمستشفى أجريت خمس عمليات جراحية، وكانت العمليات صعبةً للغاية، لكنّ شعوري بالرضا عن إنقاذ حياة هؤلاء الجرحى لا يُوصف"، هكذا عبّر طبيب التخدير والآلام المزمنة البريطاني هادي بدران عن شعوره عقب وصوله لقطاع غزة ومشاركته بإنقاذ حياة العديد من الجرحى.

ويضيف الطبيب البريطاني في حديث خاص لـ "وكالة سند للأنباء"، من داخل غرفة العمليات بمستشفى غزة الأوروبي: "ما يجري في غزة ليس حربا بل إبادة".

ويوضح بدران أنه "استقبل حالات لشابين وطفل في اليوم التالي، اثنين منهم بتر أحد أطرافهم بفعل قصف إسرائيلي استهدفهم مركبة كان يستقلونها في جنوب القطاع".

ويشير إلى أن اثنين من الضحايا فقدوا أطرافهم السفلية نتيجة التهتك الشديد في العظم والحروق الذي سببه القصف في جسدهما، بينما الثالث فيخضع الآن لعملية جراحية معقدة في محاولة لجبر سلسلة من الكسور في ساقة الأيسر.

ويتابع بدران: "بعد يوم عمل شاق وجدت مكانا قرب غرفة العمليات مددت جسدي ونمت نوما عميقًا في تلك الليلة لم أنمه في أي مكان في العالم".

إصرار على المساعدة رغم المرض..

ورغم مرضه بالسرطان، لم يتردد الطبيب بدران في السفر إلى غزة لمساعدة جرحى الحرب، وعن ذلك يحدثنا: "لم أستطع تجاهل نداء الواجب الإنساني، خاصةً مع ازدياد أعداد الضحايا جراء الحرب المروعة".

ويسرد: "كان هناك رفض من عائلتي في البداية أولا لأني مريض بالسرطان من الدرجة الرابعة، والثاني لأن غزة تحوّلت إلى أخطر مكان في العالم، لكن في النهاية زوجتي وأطفالي الاثنين تقبلوا الأمر وسوف أعود إليهم وأعيش ما تبقى من شهر رمضان في لندن".

وعندما وصل إلى غزة، التقى الطبيب بدران مع عدد محدود من أطباء التخدير والجراحين المحليين المتاحين، ويقول: "لقد كانوا منهكين ويعانون من شدة الإرهاق والتعب هم انموذج للتضحية تعلمت منهم وأضفت إليهم".

"أود أن أسلط الضوء على أن الطواقم الطبية المحلية لا يتلقون رواتب ولا دعما، ورغم ذلك يعملون دون كلل، والأكثر من ذلك هو أعداد المتطوعين سواء الممرضين أو من التخصصات الأخرى إنهم أبطال وانموذج يحتذى به".

مستشفى وملجأ..

وعمّا رآه في مستشفيات غزة، يقول الطبيب البريطاني: "لم أرَ في أي مكانًا في العالم تسخدم في المستشفيات لإيواء الناس إلا هنا في غزة، يوجد صفوف من الخيام تصطف وتغلق الشوارع حول المستشفى، كما تزاحم العديد من الفلسطينيين على هذه المستشفى على أمل أن تمثّل ملاذًا آمنًا، لكنهم مخطئون لأنه لا يوجد في غزة مكان آمن".

ويكمل: "الناس يعيشون في ممرات المستشفى وممرات الدرج وحتى خزائن التخزين، وتقلّصت الممرات التي صممها الاتحاد الأوروبي لاستيعاب حركة المرور المزدحمة للطاقم الطبي والنقالات والمعدات إلى ممر واحد ضيق".

ويمضي في وصف ما رآه داخل المستشفى: "البطانيات معلّقة من السقف لإنشاء مناطق صغيرة لعائلات بأكملها، مما يوفر قدرا من الخصوصية.. هكذا يعيشون رغم كل هذا الوجع والعذاب على أمل النجاة من التوحش الإسرائيلي".

ومستشفى غزة الأوروبي كان مصمما لاستيعاب حوالي 300 مريض فقط لكنه الآن ممتلئ بأكثر من ألف مريض وآلاف آخرين يبحثون عن ملجأ.

ووصل الطبيب بدران وهو من أصل فلسطيني إلى غزة في مهمة طبية مدتها أسبوعا واحدا فقط، ضمن فريق مكون من 10 جراحين واستشاريين وممرض واحد ضمن بعثة طبية تابعة لمؤسسة رحمة الدولية الجمعة الماضية.

وقال الطبيب البريطاني إن رحلتهم من القاهرة إلى معبر رفح وهي الأصعب، مضيفًا: "ما لفت انتباهنا شاحنات المساعدات الإنسانية المتوقفة، وهي تمتد على مسافة تبلغ أميالا، بسبب عدم السماح لها بالدخول إلى غزة".

وواجه الطبيب البريطاني صعوباتٍ جمّة في الوصول إلى قطاع غزة، حيث تقدم بسيل من الطلبات خلال الأشهر الماضية، إلى أن تم إدراج اسمة ضمن الفريق المسافر إلى القطاع حيث الحرب والخطر الذي لا ينتهي، وفق ما يقول.

منظمات طبية محدودة..

وتسمح السلطات الإسرائيلية والمصرية لأربع منظمات طبية دولية هي "رحمة، وإيديا، وماب، وباما" بالدخول إلى غزة من خلال معبر رفح البري مع مصر، بهدف تقديم المساعدة الطبية العاجلة للجرحى الفلسطينيين.

من جهته، يقول نائب رئيس جمعية رحمة أديب شويكي إن الوفد الطبي هو الخامس الذي يدخل بتنسيق من منظمته، ويضم أطباء وجرحين واستشاريين من الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن.

شويكي في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "حصلت المنظمة على أذونات من مختلف الأطراف (إسرائيل- مصر- الولايات المتحدة) لتنظم كل أسبوعين رحلة لفريق طبي دولي إلى غزة بهدف مساعدة الفريق الطبية المحلية".

ويواجه الآلاف من الجرحى الفلسطينيين آلاما ومعاناة لا توصف، في وقت تواجه المستشفيات خطر الانهيار الشامل مع تواصل الحرب الإسرائيلية المروعة في قطاع غزة المكتظ بالسكان لليوم 158 على التوالي.

وتتضاعف معاناة المصابين بالمستشفيات في ظل نقص المستهلكات الطبية، ويعاني بعضهم من عدم وجود من ينظف لهم الجروح بعد البتر، إضافة إلى القيود المفروضة على سفرهم للخارج لتلقي العلاج، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالعدوى والموت.

ومستشفى غزة الأوروبي هو المستشفى الوحيد الذي يعمل بكامل طاقته بعد اقتحام وتدمير المستشفيات الرئيسية في القطاع مثل مجمع الشفاء الطبي، الإندونيسي، وكمال عدوان في شمال القطاع، ومستشفى ناصر الطبي في خان يونس.

من ناحيته، يصف الطبيب علي دبوس أخصائي جراحة الأورام وزراعة الأعضاء بمركز الحسين في عمان الأوضاع الطبيبة في غزة بـ"الكارثية والمروعة".

ويقول "دبوس" لـ "وكالة سند للأنباء": "إن المستشفى يمتلك خمس غرف عمليات وجميعها تعمل على مدار 24 ساعة من أجل إنقاذ الجرحى والمرضى، لكن نواجه مشكلة حقيقية هي عدم وجود أماكن بالمستشفى لنقل هؤلاء للاستشفاء فيها".

ويردف: "غزة تحتاج إلى طواقم طبية ومخبرية وتمريضية وفي جميع التخصصات من أجل المساهمة في التخفيف من ألام وأوجاع جرحى ومرضى سكان القطاع".