الساعة 00:00 م
الأربعاء 01 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.27 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.73 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

معروف: معلبات مفخخة يتركها الاحتلال بمنازل غزة

بالفيديو فلسطينية تُحارب الجوع بحديقةٍ خضروات حول خيمتها في رفح

حجم الخط
WhatsApp Image 2024-03-20 at 1.25.14 PM.jpeg
رفح- تامر حمدي- وكالة سند للأنباء

بينما كانت المسنة الفلسطينية نجاح خضير تبحثُ عن الحطبِ لإشعالِ نارِ الطهيِ، لفت انتباهها وجودُ بذورِ الثومِ في الأرضِ، فما كانَ منها إلاّ أنْ قررتْ زراعتها حولَ خيمتها، مُؤمنةً بأنّ الأرضَ لا تُخونُ من يُعطيها حُبّهُ وعنايتهُ.

ونزحتْ خضير (67 عامًا) من منزلها مع عائلتها مثل عشرات الآلاف من الفلسطينيين من مدينة غزة وشمال القطاع، لتواجهَ واقعًا مُرًا في خيمة مُتهالكة في منطقة مواصي رفح.

ورفضت المسنة الفلسطينية الاستسلامَ للظروفِ القاسيةِ، وُقرّرت أنْ تُحاربَ الجوعَ والغلاء بسلاحِ الأملِ والإرادةِ، فتحوّلُ محيطَ خيمتها إلى حديقةٍ خضراءَ تُزهرُ بالحياةِ.

مع مرورِ الأيامِ، نبتتْ بذورُ الثومِ، وبدأتْ حديقةٌ صغيرةٌ تُزهرُ حولَ خيمتة "خضير"، فهي لم تقتصرْ زراعة خضير على الثومِ فقط، بل زرعتْ أيضًا الخضرواتِ المُختلفةَ، مثلَ البصلِ والطماطمِ والفلفل والجرادة والملوخية والفول البقدونس والفجلِ.

تقولُ خضير بفخر لـ "وكالة سند للأنباء": "لم أُفكر يومًا في الاستسلامِ، فالأمل هوَ ما يُبقي الإنسانَ حيًا، لقدْ علّمني والدي أنّ العملَ والكفاحَ هما السبيلُ الوحيدُ للنجاةِ".

وتضيف المسنة الفلسطينية: "والدي كان مزارعًا وعلمني وأنا طفلة صغير أصول الزراعة وأن أقول الله يطعمنا ويطعم الطير".

وتحكي لنا، إن جيرانها استخفوا في البداية من زراعتها لكن شقيقها الأصغر تشجّع فيما بعد وأحضر لها بذورا متنوعة من الخضراوات ما ساهم في نمو حديقة متكاملة حول خيمتها.

واعتمدت "خضير" على مياه الوضوء وغسل البقوليات في ري زراعتها، لافتة إلى أنها عندما وصلت إلى حيث مكان خيمتها كانت لا تسمع إلا صفير الرياح لكنها الآن أصبحت تستمتع بزقزقة العصافير.

ويعيش النازحون في رفح ظروفً صعبة للغاية، حيث يفتقرون إلى المسكن اللائق والمرافق الأساسية، ويواجهون صعوبة في الحصول على الغذاء والدواء.

ويواجه سكان غزة قفزة هائلة في تكاليف الغذاء القليل إن توفر، وسط انعدام في وجود المواد الغذائية والطبية، وإن وجدت فإن تكلفتها تترك الكثير غير قادرين على شرائها.

وساعد لؤي خضير شقيقته في توفير البذور اللازمة للزراعة وري الخضروات في الصباح والمساء.

ويقول خضير لـ "وكالة سند للأنباء": "الأمثال لم تترك شيئا، واليوم ايش تزرع تأكل، والحمد لله الآن نحصد ما زرعنا عقب وصولنا إلى رفح".

وينصح النازح الفلسطيني جميع أقرانه من النازحين على المبادرة وزراعة الخضروات حول خيامها من أجل توفير اكتفاء ذاتي في ظل ارتفاع أسعارها في الأسواق.

WhatsApp Image 2024-03-20 at 1.25.36 PM.jpeg
 

وتشن إسرائيل حربا على غزة وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأشد في القرن الواحد والعشرين، وسط حالة من القتل والترويع والتجويع للسكان المدنيين في القطاع.

ويعتمد سكان قطاع غزة على الدفيئات الزراعية الأرضية في الزراعة لتغطية احتياجات السكان من الخضار، وأصبح القطاع الزراعي أحد أكثر القطاعات جذبا للأيدي العاملة في مواجهة الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 17 عاما.

وعلى مدى أربعة عقود من الزمن زرع الفلسطينيون في غزة جميع أنواع الخضروات والفراولة في دفيئات زراعية، وكثير من زراعتهم جرى تصديرها للضفة الغربية وللأسواق الخارجية.

وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة لأغراض الإنتاج نحو 180 ألف دونم، بينها 100 ألف دونم مخصصة لإنتاج الخضراوات الحقلية وفق بيانات وزارة الزراعة.

وخلال الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر الماضي، دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 50 ألف دونم زراعي بشكل مباشر في مختلف المناطق داخل غزة ولا سيما في مناطق شمال القطاع وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

العديد من المحاصيل الزراعية ضحية الحرب المتواصلة، حيث أبيدت مساحات زراعية بفعل القصف والتجريف، علاوة على فساد مواسم زراعية مثل حصاد الزيتون وبذر القمح والشعير والبطيخ.

مع حلولِ شهرِ رمضانَ المبارك، كانتْ حديقةُ خضير قدْ أينعتْ، وأصبحتْ مصدرًا للغذاءِ الطازجِ للعائلةِ النازحة.

وتحولت خيمةُ المسنة الفلسطينية من رمزٍ للنزوحِ والبؤسِ إلى رمزٍ للأملِ والصمودِ.

تقول المسنة خضير "الحمد لله اليوم متوفر عندي الغذاءِ الطازجِ للعائلةِ، ووفرت كثيرا من الأموال التي كنا ننفقها على شراءِ الخضرواتِ.

وتضيف: "بعد ما كان الجيران يستخفون بزراعتي اليوم أصبحت مصدر إلهام لهم، حيث زرعت الكثير من العائلات الخضروات بشكل محدود حول خيامها".

وتُشكلُ حكايةُ خضير درسًا هامًا بأنّ الأملَ والإرادةَ هما أقوى سلاحٍ في مواجهةِ صعوباتِ الحياةِ. كما تُظهرُ أنّ الإنسانَ قادرٌ على تحويلِ أصعبِ الظروفِ إلى فرصةٍ للنجاحِ والتغييرِ.