الساعة 00:00 م
الأربعاء 15 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.21 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4 يورو
3.7 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

ثواني قلبت حياتي للأبد

فلسطينية تروي كيف فقدت ساقها وفظائع حصار "الإندونيسي"

حجم الخط
الحرب على غزة
غزة - وكالة سند للأنباء

لا أستطيع أن أصف المشهد من هول ما شاهدته.  لم أتخيل أنني لا زلت على قيد الحياة. كل ذلك حدث في ثواني قلبت حياتي رأسا على عقب .صوت الصراخ والبكاء، رائحة البارود لا زالت تلازمني حتى الآن، هكذا تروي الفلسطينية عبير أبو سالم، 22 عامًا، تفاصيل قصف منزلها الذي تسبب بفقدانها ساقها.

وبدأت معاناة عبير منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، ولكنها وأسرتها صمدوا في منزلهم في مشروع بيت لاهيا 20 يومًا، عندما هدد جيش الاحتلال منزل جيرانهم بالقصف، لينزحوا إلى منزل في جباليا المعسكر.

تقول: نزحنا إلى في منزل جدي المكون من 4 طوابق، أنا وعائلتي مكثنا في الطابق الأرضي، الذي لم يسلم من القصف كون طائرات الاحتلال قصفت العمارة، كنا حوالي (5) أشخاص.

تفاصيل لن تنسى

توضح تفاصيل القصف الذي نفذها الاحتلال في العاشرة من مساء 30 أكتوبر الماضي، "كان جزء منا مستيقظًا والبقية نيام، وأنا كنت مستيقظة. لن أنسى ما شاهدته ذلك المساء ولا يمكن محوه من ذاكرتي. بداية سمعت صوت انفجار وشاهدت الجدران تتهدم والأعمدة تطير. حاولت الهرب ولم أستطع ومع ضغط الهواء وجدت نفسي في الغرفة الثانية. الدنيا كلها كانت سواد ورائحة بارود.

حاولت عبير أن تقف فلم تستطع، نظرت إلى قدمها فوجدتها مقطوعة، فبدأت تصرخ على أمي وتقول: رجلي انقطعت وزحفت جهتها وهي تنادي: أمي الحقيني، رجلي انقطعت، والثانية انحرقت.

تضيف: رقبتي كانت محروقة وما زلت أعاني من الحرق والبتر حتى الآن، وفق شهادتها التي نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

في أحضان الأم

في حينه ارتمت عبير بحض أمها التي كان نصفها السفلي تحت الأنقاض غير ظاهر، تقول: أمي لم تكن قادرة على مساعدتي. بدأت أمي تنادي على الشباب الموجودين بالخارج وتستغيث بهم ليقدموا لنا المساعدة.

جاء شابان وأحضرا فرشة ووضعوا عبير عليها ومشوا في شارع طويل جدا، وبالصدفة وجدوا سيارة إسعاف وضعوها بها ونقلتها إلى المستشفى الإندونيسي.

تستذكر أنه أثناء خروجها من المنزل شاهدت أختها ريماس، 12 سنة ملقاة تحت السيارة وعرفت لاحقا أن قوة القصف دفعتها لخارج البيت.

تقول: عندما وصلت إلى المستشفى الإندونيسي وضعوني في قسم الاستقبال. تفاجأت بأن أختي بجواري وكان وجهها متورمًا وكانت تنظر إلي وتضحك. اعتقدت أنها تودعني وسوف تموت وتبين أن أختي لديها كسر في الجمجمة ونقطة دم على المخ وكان عندها نزيف داخلي والحمد الله تم السيطرة عليه.  

أجرت عبير عملية جراحية في المستشفى وعندما فاقت لم تجد أحدا من أهلها قربها. تقول: حاولنا أن نتصل على أهلي، ولم يكن هناك إرسال ولا اتصالات وعلمت لاحقا أننا كنا موزعين على ثلاث مستشفيات: العودة والإندونيسي وكمال عدوان.

تضيف: لم يكن لدي ملابس أرتديها، بقيت بلبس العمليات ليلة كاملة والناس المتواجدين حولي بالمستشفى أعطوني ملابس وأنا طلبت منهم إعطائي ملابس للصلاة.

حصار الإندونيسي

مكثت عبير في المستشفى الإندونيسي 26 يوما خلالها حاصر الاحتلال المستشفى، ومكثوا 5 أيام بدون أكل، وتضيف: كنا نعتمد طول اليوم على المياه والتمر وكلنا كنا ننام في ممر المستشفى لوجود قناصة أمام الغرفة التي كنت بها.

تتابع: شعرت بالخوف والرعب وطول فترة مكوثي بالمستشفى كنت استخدم الحفاضات لعدم مقدرتي على المشي وهذه معاناة أخرى كانت أمي تسحبني بالسرير إلى زاوية من زويا المستشفى وتقوم بتغطية الزاوية بستارة حتى تستطيع تغيير الحفاضات لي، ووضعي في المستشفى ازداد سوءا ودمي وصل 7، ومن شدة الخوف والرعب لم أكن أعرف أنام.

 قبل حصار المستشفى بيوم واحد نفذ الاحتلال حزاما ناريا حول المستشفى ووقع عليها الجبس وسلك الكهرباء، تقول: الحمد الله أنه لم يحدث تماس كهربائي وإلا لحرقنا.

وأكدت أنه طول فترة محاصرتها بالمستشفى لم يتم عمل الغيار اللازم لها بعد بتر قدمها.

وتستذكر كيف قصف الاحتلال في 20 نوفمبر 2023، الطابق الثاني للمستشفى وغرفة العمليات وكان فيها ناس واستشهد كل من كان موجودا بتلك الغرفة.

وقالت: كان الاحتلال طوال الوقت يلقي علينا غاز، كنت أشعر كل الدنيا ضباب حولنا وكان الشهداء ملقون على الأرض في ساحة المستشفى ولا أحد يستطيع الخروج لسحبهم من شدة إطلاق النار.

الإجلاء نحو الجنوب

وأشارت إلى أنه في 23 نوفمبر تم التنسيق ما بين الصليب الأحمر وجيش الاحتلال على خروج المرضى على دفعات وقد جاء إلى المستشفى أربع باصات لنقل المرضى و12 سيارة إسعاف. وأثناء خروجي من المستشفى شاهدت الجثث الملاقاة على الأرض  وحجم  الدمار الذي لا يتخيله أحد.

توضح:  كنت في الباص رقم (4)، جلست على درج الباص، أول مرة أجلس وكان الألم في جسمي شديدًا. وصلنا حاجز نتساريم وبقينا هناك ما يقارب (10) ساعات وكان الوجع يزيد والحرق كان يؤلمني ألماً غير محتمل لدرجة أنني أحيانا كان يغمى عليّ. 

تتابع: أنزلونا على الحاجز من الباص وأجلسونا على الأرض، ووطلب الجنود من المصابين الجلوس على الأرض على الحصمة والحجار ومن هم غير مصابين يبقوا واقفين، وفرزوا الشباب لجهة والنساء لجهة، حتى الأطفال.

ومضت تقول: كانوا يفتشون الباصات، وكان الباص الذي وصلت به مليئا بالمصابين ومبتوري الأطراف. كان معنا طفل عمره 17 سنة كان مصابا في رجيله ورأسه، أخذه الجنود وضربوه وبعد 4 ساعات أحضروه وعندما سأله والده ماذا حدث معك قال: ضربوني وعذبوني.

ومع منتصف الليل وصلت عبير إلى مستشفى ناصر، وهناك بقيت في الاستقبال على الأرض بدون أسرة، وأبلغوها بوقف علاجي، فبدأت تتساءل أين أذهب لأستكمل علاجي، ثم توجهت إلى منزل أحد الأصدقاء في النصيرات.

وقالت: بعد تهديد النصيرات بالإخلاء من قوات الاحتلال لجأت إلى أحد مراكز الإيواء في دير البلح، للأسف أنام على فرشة رقيقة لا تصلح لوضعي، وازدادت الأمراض عندي لو لم يتم محاصرتي في المستشفى الإندونيسي لكنت الآن خارج البلاد للعلاج. أنا اليوم غير قادرة على عمل تحويلة وأكمل علاجي خارج البلد ولا زال الألم شديدا.