مع استمرار أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة وتفاقمها يوماً بعد يوم، خاصة على فئة الموظفين وعدم تمكنهم من سحب رواتبهم عبر البنوك، وكذلك المواطنين والذين لم يتمكنوا من استلام الحوالات التي تصلهم من الخارج، ظهرت في الآونة الأخيرة بعض التطبيقات المزورة والتي تهدف لسرقة الحسابات البنكية ما أثار حفيظة وتذمر عدد من المواطنين في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" للشهر الثامن على التوالي.
ويتم اللجوء لمثل هذا الأسلوب من الاحتيال من قبل شركات وهمية في ظل التطور الإلكتروني، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتسهيل الوصول للجمهور المستهدف.
ضحايا وقعوا في الفخ
ويقول الموظف لدى السلطة الفلسطينية "يحيى.ق"، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه إنه وقع ضحية لمثل هذه التطبيقات قبل أيام، بعد فقدان بطاقة صراف بنك فلسطين الخاصة به أثناء عملية النزوح من مخيم البريج إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة قبل حوالي 3 أشهر وعدم تمكنه من استلام راتبه.
ويضيف يحيى في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن الوضع المادي لديه تأزم كثيراً بسبب عدم تلقيه راتبه، وفي ظل العديد من المحاولات لاستلام راتبه دون جدوى بسبب إغلاق معظم البنوك أبوابها بسبب الحرب ولا تعمل سوى الصرافات الآلية ما اضطره للجوء لتطبيق بنكي لتحويل راتبه لحساب صديق له، ولكنه وقع ضحية لهذا التطبيق المزور وتم سرقة مبلغ مالي منه ما يعادل رواتب 3 أشهر.
وفي السياق، تعرض المواطن جمال إبراهيم (33 عاماً)، لعملية نصب أخرى عن طريق ما يسمى المنح الأميرية، بعد أن تقدم بطلب إليهم للمساعدة في بناء بيته والذي تعرض للقصف والتدمير في الحرب الإسرائيليةعلى قطاع غزة، ولكن ضمن الخطوات الاحتيالية طلب منه رقم الحساب وكلمة السر في إحدى الخطوات ووقع ضحية لهذا الأمر، وسرقة مبلغ مالي منه وإغلاق حسابه فيما بعد.
أساليب وهمية متطورة
ويقول بلال أبو شمالة صاحب محل "بيت المال" للصرافة، إنه يتم تزوير هذه التطبيقات مثل تطبيق بنك فلسطين ووضعه على متصفح "جوجل" أو متجر "أندرويد"، ويتم الاحتيال من خلال رفع تصنيف هذا التطبيق وجعله في أولى محركات البحث ورفع عدد الزوار بشكل وهمي، بحيث عندما يبحث أي مواطن عن تطبيق بنك فلسطين يظهر له في البحث التطبيق المزور ويكون ضحية له.
ويشير أبو شمالة في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أن هناك نوع آخر من القرصنة الإلكترونية عن طريق استغلال حاجة المواطنين للمساعدات عبر صفحات وهمية وإعلانات ممولة باتت تظهر للمواطنين بشكل يومي مثل "منحة الأمير هيا"، و"منحة الأميرة سحاب بنت عبد الله آل سعود"، وهي عبارة عن صفحات وهمية تطلب من المواطنين رقم حسابهم عبر بنك فلسطين، ورقم السر الداخلي، وكذلك واجهة صراف البنك وبالتالي يكون وقع ضحية لعملية الاحتيال.
ويلفت، إلى أن هناك العديد من المواطنين وقعوا ضحية بعد أن سلموا حساباتهم لمثل هذه المواقع والتطبيقات، ويجري بعدها تغيير كلمة السر ومنع الشخص صاحب الحساب من الدخول للتطبيق،ويتم سرقة أموالهم ويظهر لهم أن هذه الأموال قد تم سحبها عبر برامج أوروبية أو من خارج فلسطين وليس من قطاع غزة.
ويوضح أبو شمالة، حول آلية التمييز بين تطبيق بنك فلسطين الرسمي والمزور، بأن تطبيق بنك فلسطين الرسمي لا يطلب بتاتاً "الكود" من متعامليه، على خلاف التطبيق المزور.
وينصح المواطنين بعدم التعامل بالأرقام البنكية مع المواقع المجهولة مثل موقع "السندباد" و"علي بابا"، ومواقع التجارة الإلكترونية الوهمية لعدم الوقوع ضحية لهم، مستغلين مشكلة وأزمة عدم توفر السيولة النقدية في قطاع غزة.
شركات كبيرة وعمليات منظمة
من جانبه، يقول المختص في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر، إن هذه التطبيقات تتبع لشركات كبيرة وليست لشخص أو شخصين بحيث يوهم المواطن بالعملية بأنها رسمية ومؤسسة معتمدة، مضيفاً: "لو أن أحدهم طلب استفساراً معيناً سيرد عليه من خلال الاتصال بأنه سيتم تحويله لخدمة العملاء وهكذا..، ثم في خطوة من الخطوات سيأخذ منه اسم المستخدم وكلمة المرور، وهنا تقع الضحية فريسة للاحتيال والنصب"، لافتاً إلى أن البنك نفسه لا يطلب من عملائه كلمات المرور.
ويضيف أبو قمر في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، أن مثل هذه التطبيقات المزورة ظهرت نتيجة الوضع في قطاع غزة والمشاكل المتعددة في برنامج "ويسترن يونيون"، و"موني جرام"، خصوصاً في شمال مدينة غزة وكذلك جنوب القطاع، من حيث عدم توفر السيولة وبالتالي ظهرت هذه الإعلانات المزورة والتي توهم المواطنين بأنه بإمكانهم سحب هذه الحوالات عن طريق هذه التطبيقات.
ويشير أبو قمر إلى أن المشكلة الأساسية تتمثل في عدم نفي الجهة المختصة لهذه الإعلانات المزورة، حيث ظهرت منذ حوالي 5 أيام وكان من الواجب على إدارة بنك فلسطين وسلطة النقد كونها الجهة التي تنظم العملية المصرفية في فلسطين أن تقوم بالنفي.
من جانبه، نشرت صفحة "بنك فلسطين" عبر الفيسبوك قبل أيام إعلاناً يحذر من سرقة الأموال عن طريق مشاركة معلومات بطاقتك البنكية، ومشاركة رسائل أو رموز خاصة بحسابك البنكي، أو فتح روابط صفحات غير موثقة، دون الإشارة لأي تطبيقات مزورة أو عمليات احتيال تعرض لها المواطنين.
وينوه "ضيف سند"، إلى أن البنوك لا تتعامل مع مثل هذه الحوالات إلا بإعلانات رسمية مثل ما قام به بنك القدس والتأكيد بأنه وكيل رسمي لـ"ويسترن يونيون" على صحفة البنك الموثقة على مواقع التواصل، وبالتالي يجب التأكد عند التعامل مع هذه التطبيقات أو الحوالات من صفحات البنوك الرسمية وليس إعلانات ممولة هنا أو هناك.
ويؤكد أن هناك العديد من المواطنين وقعوا ضحية لمثل هذه التطبيقات، ولكن ليس بمبالغ مالية كبيرة، ولكن على عكس العادة جرى كشف هذه التطبيقات في غضون أيام معدودة لا تتجاوز 5 أيام.
ويلفت المختص الاقتصادي، إلى أن معظم هذه مرتكبي هذه الجرائم الإلكترونية هم من خارج فلسطين، وسرعان ما يتم إخفاء هذه الجريمة والتنقل من دولة إلى أخرى.