تحت سقوف البيوت المهترئة، تجلس الأمهات بقلوب مكسورة، يحاولن جمع شتات القوة ليكفكفن دموع أبنائهن. في شمال غزة المنسي، لا شيء ينبض بالحياة سوى الجوع. الأمهات يتقاسمن الفتات مع أطفالهن، محاولات يائسة لإخماد صرخات بطونهم الفارغة. الخبز أصبح مجرد ذكرى، والوجبات الدسمة حلمًا بعيد المنال، وأصبح الطحين هو الرفيق الوحيد، والمائدة التي تتزاحم حولها الأيدي هي مجرد طاولة خشبية، تكاد تنكسر تحت ثقل الأحزان.
الجوع في شمال غزة ليس مجرد شعور، بل هو وحش ينهش الأجساد وينسج خيوط اليأس حول القلوب. الحياة توقفت عند حدود الجوع، وأصبح الشمال أسيرًا لمأساة إنسانية تتحدى كل معاني الإنسانية. في هذا المكان المنكوب، أصبحت المعاناة لغة الحياة اليومية، وكل لحظة تمر تزيد من حدة الصراع من أجل البقاء، فشمال غزة ينتظر نجدة لا يعرف متى تأتي، يتطلع إلى السماء بأمل واهن في أن يحمل الغد معه الخلاص.
"وكالة سند للأنباء"، رصدت أبرز التغريدات عبر منصة إكس "تويتر سابقًا"، تعقيبًا على كاريكاتير الفنان محمود عباس حول مجاعة شمال غزة.
كاريكاتير الفنان محمود عبّاس: صورة تعكس الألم
من خلال ريشة الفنان محمود عبّاس، تظهر صورة شمال غزة وهي تتحدث بلسان حال المنكوبين. ويتجسد الألم الإنساني في أبهى صوره الحزينة والمؤلمة. نرى جسد طفل نحيل، ممددًا على علم فلسطين، وكأنّ روحه التي تتوق للحياة قد أرهقها ثقل الجوع والعوز. يحمل بطنه المكتوب عليه كلمة "غزة" قصة شعبٍ يعاني من حصارٍ مرير ومجاعة قاسية تفترس أحلام أطفاله وتضع مستقبلهم على حافة الهاوية.
الطفل الممدد على العلم، لا يمثل فقط حالة من الجوع، بل هو رمز لكرامة الإنسان وصموده أمام قسوة الظروف. يداه الممددتان بلا حول، ووجهه الذي يغشاه الشحوب، يعكسان ندوب واقعٍ مرير يجسد معاناة شعب بأكمله. إنه نداء إلى الضمير العالمي ليستيقظ ويتحرك، لينقذ أرواحًا بريئة أضناها الجوع وحاصرتها المجاعة.
في هذه الصورة، يصور محمود عبّاس ليس فقط مأساة فرد، بل معاناة أمة بأكملها. إنه تذكير قوي بأن الحياة في غزة قد توقفت عند حدود الحاجة، وأن العالم يجب أن يسمع صرخات الأطفال وأن يمد يد العون لإنقاذهم من براثن الجوع والفقر. هذا الطفل النحيل، الممدد على علم وطنه، يظلّ شاهدًا صامتًا على ألم لا ينبغي أن يمر مرور الكرام، وصوتًا يجب أن يصل إلى كل ضمير حيّ ليدفع إلى العمل والتحرك.
ووفق معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، استشهد 33 طفلًا نتيجة المجاعة التي ضربت لشهور مناطق الشمال على وجه الخصوص، فيما يهدد الموت 3 آلاف و500 طفل؛ بسبب إصابتهم بسوء التغذية الحاد.
وأوضحت المعطيات أن الأرقام الدقيقة تشير إلى أنّ ما يحتاجه المواطنون من احتياجات رئيسية في المواد الغذائية يفتقرون إليها، ولا تصل إليهم المساعدات بالحد الذي يحول دون تحقق المجاعة.