الساعة 00:00 م
الإثنين 07 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.82 جنيه إسترليني
5.28 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.1 يورو
3.74 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

رفعت رضوان.. شهيد الإسعاف الذي دافع عن الحياة حتى آخر لحظة

الشهيد محمود السراج.. حكاية صحفي لم تمهله الحرب لمواصلة التغطية

مقتل شرطي بغزة.. غضب واسع ودعوات عشائرية وحقوقية بضرورة إنفاذ القانون

فواجع الغزيين تتسع..

بالفيديو والصور "قتلوا عائلتي قدام عيني".. شهادات مؤثرة لنازحين من خانيونس

حجم الخط
نزوح من خانيونس
غزة - وكالة سند للأنباء

تتجدد مأساة مئات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة وتتفاقم مع كل رحلة نزوحٍ يُجبرون عليها بين فينة وأخرى؛ بحثًا عن أمان مفقود منذ شهورٍ طويلة في ظل ملاحقات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لهم، فيبدو المشهد وكأنهم يسيرون نحو مصيرٍ مجهول وعلى عاتقهم أعباء الحياة تتعاظم.

في مناطق بمدينة خانيونس جنوب القطاع، زعم الاحتلال سابقًا أنها "آمنة وإنسانية"، وقعت آخر فصول هذه المأساة بعد أن استفاق المئات في ساعةٍ مبكرة من صباح اليوم الاثنين، على أصوات انفجارات ضخمة؛ نتيجة قصف المدافع والطائرات الحربية الإسرائيلية.

كانوا في حيرةٍ من أمرهم ما الذي يحدث؟ وما الحجة التي سيُقدمها الاحتلال هذه المرة تبريرًا لجرائمه؟ فكانت النغمة المعتادة "منطقة قتالٍ خطيرة"، إلى أين نذهب إذن؟ سؤال ردده النازحون ولا إجابات شافية أمامهم.

بين لحظة وأختها، اكتظت شوارع خانيونس شبه المدمرة، بالنازحين وبعض أمتعتهم، بينما يُحاصرهم القصف الإسرائيلي جويًا وبريًا من كل جانب، ومع كل دقيقة تمر وهم في طريق النزوح، تتضاءل فرص النجاة، فمن ينجو من الموت، لن ينجو من فظاعة المشاهد المروّعة لفقدان عائلته وأحبائه.

وفي مقابلات ميدانية أجراها مراسل "وكالة سند للأنباء" مع شهود عيان داخل مستشفى ناصر الطبي بمدينة خانيونس؛ للوقوف عما جرى معهم، أكدوا أنهم عاشوا صباح اليوم أهوالًا وويلات لا تصفها الكلمات، وكثير منهم لم يتمكن النجاة، وآخرون ينتظرون في أروقة المستشفى أي أخبار عن عوائلهم.

وأجمع شهود عيان أن الاحتلال تعمّد استهدافهم بالصواريخ وقذائف المدافع، بعد دقائق فقط من أوامر الإخلاء، ما تسبب بوقوع عشرات الشهداء والجرحى، عدد منهم لا يزال عالقًا في الطرقات، ولا تستطيع فرق الإنقاذ الوصول إليه بسبب خطوة الأوضاع الميدانية.

وقالت ناجية من عائلة الرقب، إنّ الاحتلال باغتهم صباح اليوم بقصف بلدة بني سهيلا شرق خانيونس بالصواريخ والقذائف رغم وجود أعداد كبيرة من خيام النازحين في تلك المنطقة.

وأضافت أنّ عائلتها لم تكن على علم بما يجري، ما تسبب بحالة من الذعر الشديد في صفوفهم، مشيرةً إلى أنهم نزوحوا فورًا من مكان تواجدهم لكن القصف المدفعي كان يُلاحقهم.

وصل بها طريق النزوح الشاق إلى مستشفى ناصر، وهناك كانت تنتظر مجيء بقية أفراد عائلتها، لكن الاتصالات على هاتفها المحمول كان تأتي لها بأخبار تفيد باستشهادهم واحد تلو الآخر، فيما أُصيب عدد منهم بجراحٍ متفاوتة.

وقدّرت عدد الشهداء من عائلتها بـ 30 فردًا، حيث ارتقوا جراء استهدافهم بشكلٍ مباشر على طريق صلاح الدين.

ولا تزال جثامين شهداء عائلة الناجية ملقاة على الطرقات؛ وسط محاولات لإجلائهم على عربات تجرّها الحيوانات، لكن كثافة القصف تحول دون ذلك.

وتابعت حديثها والصدمة تبدو على ملامحها الشاحبة، أنّ هناك شهداء وجرحى ملقون على الطرقات في مناطق شرق خانيونس، وعشرات العائلات محاصرة وسط بلدة بني سهيلا.

33110306-1701802818.webp

"قتلوا أهلي قدام عيني"..

لم تكن هذه الناجية الوحيدة التي تبحث عن عائلتها بين جثامين الشهداء والجرحى، فهذه سيّدة أخرى اهتزت الأرجاء لصراخها على أهلها الذين ارتقوا شهداء، منهم لا يزال تحت ركام منزلهم.

قالت ببحة صوتٍ حزين إنّها كانت تنتظر عائلتها على بعد مسافة قريبة من منزلهم في بني سهيلا، ليتمكنوا من الهرب قبل أن يشتد القصف، لكن صواريخ الاحتلال كانت أسرع إليهم من أي محاولات نجاه.

وأضافت في شهادتها أنّ عددًا منهم خرج من المنزل، بينما كان آخرون يحاولون استخراج بعض أمتعتهم التي يحتاجونها في أي محطة نزوح(..) كانوا ينتظرون تجمعهم في مكان واحد على لينتقلوا سويًا، لكن باغتهم صاروخ غادرد فمنهم من ارتقى شهيدًا بشظاياه، ومنهم من بقي عالقًا تحت الأنقاض.

وخلال تواجدها لساعات ظلّت تتوسل هذه السيدة فرق الإنقاذ من يحاول الوصول إلى منطقتهم؛ لإخراج جثامين أهلها، إلى أنّ جاء "تكتك" بجثامين والدتها وشقيقها وطفليه من أمام منزلهم.

"قتلوا أهلي قدام عيني"، صرخت المكلومة بأعلى صوتها عند بوابة المستشفى، وراحت في غيبوبة بكاء ثم تابعت: "كانوا بيحاولوا يطلعوا، لكن الصاروخ أسرع، أعدموهم بدون رحمة".

صوت آخر كان يُعبّر عن حالة قهر وعجز أمام بوابة المستشفى، ناشد صاحب سيارة مدنية بضرورة أن تتظافر جهود الجميع، لإجلاء جثامين الشهداء، مؤكدًا أنّ عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى لا يزال ملقى في الطرقات.

نزوح متكرر ومعاناة لا يُعرف لها نهاية

على بعد أمتار من مجمع ناصر، يجلس المئات من المواطنين على طول الطريق المؤدي إليه والخوف ينتابهم، بانتظار معرفة أي أخبار عن أقاربهم إن كانوا من بين الشهداء أو المصابين.

وفي منطقة الكتيبة التي تقع وسط خانيونس، طالتها أوامر الإخلاء، قال أحد المواطنين من عائلة بعلوشة، إنهم عقب الانسحاب الأخير قبل ثلاثة شهور، عادوا إلى منزلهم المدمر وأعادوا ترميم الطابق الأرضى منه وعاشوا داخله.

وأردف أنّه فضّل المبيت في غرفة من بيت شبه مدمر على الجلوس في خيام النازحين في الشوارع، من أجل والده الذي يعاني من جلطة دماغية وموت سريري، لكنه اليوم يعود مرغمًا إلى الشارع.

وأفاد أنّه واجه صعوبة بالغة قبل أن يتمكن بتأمين سيارة بمبلغ مالي مرتفع، من أجل نقل والده المريض إلى خيمة نصبها على بحر خانيونس، وتفتقر لأدنى مقومات الحياة الآدمية.

هذا النزوح المتكرر للمرة الخامسة لعائلة بعلوشة، دفع ضيفنا لختم حديثه بالتساؤل "أين العالم من معاناتنا؟ لماذا لا يُحرك ساكنًا؟ ألهذا الحد هانت أرواحنا ودمائنا عليكم؟ لا سامحكم الله".

يُشار إلى أنّه بأوامر الإخلاء الجديدة قلّص الاحتلال المساحة "الآمنة" في خانيونس من 45 كم إلى 25 كلم مربع، أي قرابة النصف، وفق ما جاء على لسان مدير الإمداد في دائرة الدفاع المدني الفلسطيني محمد المغيّر في تصريحات خاصة بـ "وكالة سند للأنباء"، مؤكدًا أنّ هذا النزوح أوجد كثافة سكانية تفوق الوصف في منطقة مواصي خانيونس والمحافظة الوسطى.