الساعة 00:00 م
السبت 03 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.78 جنيه إسترليني
5.08 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.07 يورو
3.6 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

غالبيتهم أطفال.. 57 فلسطينيًا لفظوا أنفاسهم بسبب سياسة التجويع بغزة

الرضيعة جنان السكافي ضحية جديدة لسوء التغذية.. تحذير من تداعيات خطيرة لأزمة الجوع بغزة

أحدهم عاد لطفلته ولم يجدها..

"قبور متنقلة انتهكوا فيها كرامتنا".. شهادات مؤثرة لأسرى محررين من غزة

حجم الخط
شهادات لأسرى
غزة – وكالة سند للأنباء

كانوا يعيشون في "قبور متنقلة" في غيابٍ قسري تام عن الحياة خارج أسوار السجون، وإذا ما استُدعي أحدهم للتحقيق نطق الشهادتين قبل أن يخرج من زنزانته، جراء سياسة التعذيب والتنكيل التي انتهجها الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين من قطاع غزة.

وحين تحرر عدد من هؤلاء الأسرى ضمن ضفقة التبادل بين حركة "حماس" والاحتلال، عادوا إلى غزة بقلوبٍ مثقلة بالألم واللهفة لمعرفة أخبار الناجين من حرب الإبادة، حيث لم يجل في خاطرهم إلا تساؤل واحد "مين ضايل عايش من أهلي؟".

وقد تحرر أمس السبت 111 أسيرًا من أبناء قطاع غزة الذين تم اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، و18 أسيرًا من المحكومين بالسجن المؤبد، و54 أسيرًا من ذوي الأحكام العالية، ضمن الدفعة الرابعة من صفقة التبادل، التي تم خلالها أيضًا الإفراج عن 3 أسرى إسرائيليين من خانيونس وغزة.

ووثقت لقطات مرئية، آثار التعب والهزال على ملامح الأسرى، وتحدَّث الأسير المحرر يوسف شرف عن الظروف المأساوية للأسرى من قطاع غزة على مدار 16 شهرًا من الحرب.

وأشار شرف في حديثٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" إلى أنّ الأسرى تعرضوا حتى الساعات الأخيرة قبيل تحررهم لتعذيب وتنكيل ممنهج وإذلال وإهانة لكرامتهم الإنسانية، في محاولة لقتل فرحتنا بالتحرر من قيد الأسر.

واعتُقل شرف الذي يعمل صحفيًا في وكالة محلية، بآذار/ مارس 2024 في الاقتحام الثاني لمجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، بعدما فقد زوجته وأطفاله ضمن 37 فردًا استشهدوا من عائلته في حرب الإبادة.

ومنذ اللحظات الأولى لاعتقاله وحتى الساعات التي سبقت الإفراج عنه من السجون، تعرض كغيره من أسرى غزة لضرب مبرح وتعذيب وإهانة، مع فرض تشديدات خانقة على سلوكيات حياتهم اليومية، فلا يُسمح لهم بالذهاب لدورة المياه إلا مرة واحدة في اليوم، بينما يُقدم لهم فتات من الطعام، ومياه شُرب مخلوطة بالكلور والصدأ، وفق شهادته.

وأضاف: "منقطعون بشكلٍ كامل عن أخبار العالم خارج أسوار السجن؛ سوى ما يأتي به الأسرى الجدد تحديدا من الضفة الغربية، كما أنهم حرمونا من أدوات النظافة(..) تخيلوا أننا توسلنا لإدارة السجون ليسمحوا لنا بالحلاقة وبعد 3 شهور وافقوا على طلبنا".

ولخّص يوسف شرف، محطات اعتقاله بالقول: "كنا في قبور متنقلة، عندما يُنادي عليك الجندي للتحقيق تنطق الشهادتين لأنّ خلف هذا النداء جولة تعذيب قد تُفضي بحياتك"، لافتًا أنّ غالبية الأسرى أُصيبوا بأمراض جلدية أبرزها الجرب.

كما أنهم رفضت إدارة السجون، منحه الدواء بعدما أجرى عملية مصغرة "بشفرة وكلور"، "أجراها له طبيب فلسطيني اعتقله الاحتلال من مجمع ناصر الطبي: "فعندما قلت للسجان بدي دوا؛ قال لي خلي حماس تجبلك" يقول يوسف شرف.

وعن أول ما فعله عند عبوره إلى قطاع غزة، أخبرنا أنّه سأل عن أحوال الناجين من عائلته: "مين استشهد غير اللى رحوا؟" حيث لم يتبقَ له إلا اثنين من أشقائه.

ويختم شرف حديثه: "خرجنا من الموت خرجنا من القبر؛ وخلفنا آلاف الأسرى لا يزالون ينتظرون الخروج؛ وهم يحتاجون لمن يسلط الضوء على معاناتهم"، مؤكدًا أنّ الصحفيين يتعرضون لحملة تنكيل واسعة ما يتطلب من الكل الفلسطيني "إعلاء صوتهم وإبراز معاناتهم".

"يعاملون الحيوانات أحسن"..

من جهته؛ قال الأسير المحرر الشاب إبراهيم عرقان؛ إن سلطات الاحتلال شنّت حملة تنكيل واسعة خلال الأسبوعين الأخيرين مع بدء صفقة التبادل مع المقاومة، حيث لم تتوقف سياسة "التعذيب والإذلال وحملة التنقلات من سجنِ لآخر؛ مع شتائم لا تتوقف".

وأضاف عرقان لـ "وكالة سند للأنباء": "عرفت بإطلاق سراحي قبل يومين فقط؛ ولكن لم نعرف شيئا عما يدور في الخارج؛ لا نعرف من استشهد ومن بقي على قيد الحياة".

ولفت أن السلطات شددّت من أساليب تنكيلها وتعذيبها على صعيد تخفيف وجبات الطعام؛ "كما أنهم سمحوا لنا بالاستحمام والحلاقة قبل التحرر بيوم واحد فقط بعد حرمان لأسبوعين؛ لكي نظهر أمام وسائل الإعلام بشكل لائق في محاولة لإخفاء ما فعلوه بحقنا".

وفي إفادته ذكر عرقان أنهم تعرضوا "تهديدات إسرائيلية بالموت حتى اللحظة الأخيرة؛ وكانوا يصرخون بوجوهنا".

وقد اعتُقل عرقان في السابع من أكتوبر؛ ومنذ ذلك حين لم يسلم من إجراءات الاحتلال العنصرية، قائلًا: "الاحتلال يعامل الحيوانات بشكل أفضل من الأسرى، مراكز الاعتقال هي مقابر ولا ترتقي حتى لوصف مقبرة".

وفور خروجه من الأسر؛ صُدم الأسير أحمد دبابش من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، بنبأ استشهاد زوجته وطفلته؛ مضيفًا: "كان الأمر صعبًا للغاية، انتظرت يوم التحرر لألتقي بهم وأستعيد عافيتي برؤيتهم لكنّ لم أجدهم في انتظاري".

وفي وصفه لحياة السجن أخبرنا: "تعرضنا لكل أنواع التعذيب النفسي والجسدي والحرمان من النوم والتقييد لفترات طويلة في أوضاع غير إنسانية والعزل؛ نسيت شكل بنتي وزوجتي، كنا نستيقظ كل يوم ونقول إننا لا زلنا على قيد الحياة".

ويؤكد أنّ عملية التعذيب لا تتوقف في السجون، "يكفي أن تُشتم في كل لحظة؛ ـأن تمنع من قضاء حاجتك إلا لوقت محدد ومرة واحدة؛ أما عن الطعام والشراب فيكفي أن ترى وجوهنا الشاحبة لتعرف حالة التجويع التي تعرضنا لها".

وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن موظفي منظمة الصليب الأحمر "غاضبون" من طريقة إطلاق "إسرائيل" سراح الأسرى أمس، حيث يتم اقتيادهم مكبلين بالأصفاد وأيديهم خلف رؤوسهم "بطريقة تخدش كرامتهم"، وقد قدَّمت المنظمة شكوى لإدارة سجون الاحتلال بهذا الخصوص.

وأمس السبت، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيان إن الحالة الصحية المتدهورة للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المحررين تعكس كيف حوّلت "إسرائيل" سجونها إلى مراكز تعذيب ممنهج، ووصفها بأنها "قبور للأحياء".

وأوضح المرصد أن "الحالة الصحية المتدهورة للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل في إطار صفقة التبادل ضمن تفاهمات وقف إطلاق النار في قطاع غزة تعكس الظروف القاسية التي عاشوها خلال اعتقالهم، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة والانتهاكات المهينة التي استمرت حتى اللحظة الأخيرة قبل الإفراج عنهم".