الساعة 00:00 م
الإثنين 28 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.82 جنيه إسترليني
5.11 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.12 يورو
3.62 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدد شهداء الحركة الرياضية في ارتفاع متواصل

كيف انتزعت الحرب روح الأماكن في غزة وحولتها إلى مأوى للنازحين؟

التعليم تحت النار.. كيف يواجه طلبة الجامعات في غزة تحديات الدراسة الإلكترونية في ظل الحرب؟

حجم الخط
التعليم الإلكتروني في غزة
غزة - إيمان شبير - وكالة سند للأنباء

في غزة، يواجه الطلاب تحديات غير مسبوقة في متابعة تعليمهم، وفي وسط الركام والخوف والدمار يُصبح السعي نحو العلم معركة ضد الظروف القاسية التي تجعل أبسط الأشياء، مثل شحن جهاز أو حضور محاضرة عبر الإنترنت، أمورًا شبه مستحيلة.

الكهرباء المقطوعة والإنترنت الضعيف يجعلان من الدراسة تحديًا مستمرًا في أوقات النزوح، وتصبح متابعة المحاضرات والواجبات الأكاديمية أكثر صعوبة، حيث يمكن أن تمر أيام دون اتصال بالإنترنت، ومعه تتبدد فرصة التواصل مع العالم الخارجي ومعرفة المستجدات.

أمام هذا الواقع، يُضطر الكثيرون للبحث عن أماكن بديلة تتيح لهم الوصول إلى الشبكة، حتى ولو كان ذلك يعني التنقل بين المخاطر والتهديدات اليومية.

وتحدثت "وكالة سند للأنباء" مع مجموعة من الطالبات الجامعيات في قطاع غزة عن تأثير الحرب على تعليمهن اليومي وصعوبات الحياة التي يواجهونها في ظل التعليم الإلكتروني.

"صبر رغم عنفوان الغارات"..

الطالبة في كلية الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني بجامعة فلسطين، ياسمين الأميطل، تستهل حديثها بقولها: "أعتبر نفسي محظوظة إلى حد ما، إذ أن معاناتي كانت أقل من غيري. نعم، كانت مشكلة انقطاع الكهرباء تؤثر على دراستي، لكني أستغل كل فرصة لشحن هاتفي واللابتوب مرة واحدة يوميًا، ثم أقضي ساعات طويلة في البحث عبر الإنترنت لتنسيق وكتابة بحث التخرج."

وتكمل "الأميطل" حديثها، مشيرة إلى التحديات الإضافية التي واجهتها: "للأسف، لم تكن طاقة الأجهزة كافية لمشاهدة المحاضرات بشكل مباشر عبر منصة 'يوبينار'، فكنت أشاهدها متأخرة بعد تسليم بحثي."

وعن تفاصيل يومها، تُجيبنا: "أقوم بشحن اللابتوب قبل يوم من الامتحان، وأدرس من هاتفي، رغم أن الدراسة عبر الهاتف مرهقة للغاية، وأحرص على شحن اللابتوب بشكل كافٍ لضمان تأديتي للامتحان في اليوم التالي".

وتُكمل "الأميطل"، "أواجه صعوبة في الوصول إلى الإنترنت بسبب القصف الإسرائيلي الذي استهدف مناطق شمال قطاع غزة، وأستخدم شريحة الإنترنت الخاصة بأخي وأضع الهاتف على سلالم المنزل للحصول على شبكة جيدة، وأجلس هناك لتقديم الامتحانات".

وفي سؤالنا "كيف تتعاملين مع الضغط النفسي الناتج عن الحرب والمخاوف على الأهل والأصدقاء، وأنت مُطالبة أيضًا بالتركيز على دراستك؟ بعد صمت تُجيب: "أتجنب متابعة الأخبار والصور المؤلمة المتعلقة بالحرب، وأقرر الابتعاد عن هذه المشاهد النفسية المتعبة، وأركز فقط على دراستي والتواصل مع أصدقائي وأهلي في جنوب القطاع. أعمل على دعمهم نفسيًا وأحاول تجنب سيطرة الأفكار السلبية على عقلي".

وتُكمل "ضيفة سند"، "أتلقى دعمًا من الجامعة، حيث عقدوا امتحانًا بنظام "راسب أو ناجح"، مما ساهم في تخفيف الضغط النفسي عني، وأتاحوا لنا ثلاث جلسات مختلفة لدخول الامتحان، وكان الوقت المتاح كافيًا".

وتوضح، "أرى فرصة في التعليم الإلكتروني الذي عاد بعد توقف العملية التعليمية بسبب ظروف الحرب. رغم فقدان أدواتي الهندسية وفلاشة مشاريعى، أواصل دراستي وأتطلع إلى التخرج".

وعن دعم والدتها، تُعبّر: "أقدر دعم والدتي، التي كانت القوة التي أعادتني للطريق الصحيح. خصصت ساعات النهار للدراسة بسبب انقطاع الكهرباء ليلًا، وكنت أساعد في المنزل عند الإمكان، وأكتب في خانة الإهداء في بحث التخرج: "إلى نفسي التي صبرت واجتهدت تحت أزيز الطائرات وعنفوان الغارات"، وأستمر في تحقيق إنجازات رغم كل الصعوبات.

"ضغط نفسي وأزمات يومية"..

لا يختلف الحال كثيرًا عن الطالبة ياسمين الأميطل، إذ تنتقل التحديات إلى سارة الصفدي، الطالبة في جامعة الأقصى تخصص تصميم داخلي، التي تعاني من تأثيرات مماثلة للحرب على دراستها.

وتوضح "الصفدي" أن انقطاع الكهرباء منذ بداية الحرب قد تسبب في مشكلة كبيرة، حيث يؤثر عدم توفر الإنترنت بشكل دائم على حياتها الدراسية بشكل ملحوظ.

وتشير ضيفتنا إلى صعوبة الوصول إلى الإنترنت بسبب الأوضاع الأمنية والنزوح. وعندما يتوفر الإنترنت، يكون ذلك بشكل محدود وغير مستقر.

وتُبيّن "الصفدي"، أن الجامعة قد وفرت لهم الدراسة الإلكترونية والامتحانات، وقامت بتخفيف الضغط النفسي عبر نظام "نجاح أو رسوب" فقط، دون علامات. ومع ذلك، بما أن تخصصها يعتمد بشكل كبير على العمل العملي، فإن التعليم الإلكتروني لا يكون كافيًا ولا يرقى إلى جودة الدراسة الحضورية.

وتقول إن "الأوقات تتسهل أحيانًا، لكنهم يواجهون ضغطًا كبيرًا بسبب الأوضاع الحالية، بالإضافة إلى النزوح وكثرة الأزمات اليومية"، مُشيرةً إلى أن التعليم الإلكتروني لا يتناسب بشكل كبير مع التخصصات العملية، حيث يعتمد تخصصها بشكل أكبر على الجانب العملي وتوافر الكهرباء والإنترنت.

وتلفت "الصفدي" إلى أنها فكرت في ترك الدراسة بسبب الظروف، لكنها أصرت على الاستمرار بسبب حلمها الذي تأمل في تحقيقه".

"إنجاز رغم شراسة الحرب"..

على الرغم من التحديات التي واجهتها سارة الصفدي، لا تزال معاناة الطلاب مستمرة، إذ تتقاطع قصتها مع تجربة الطالبة ولاء هاني القطاع، من جامعة فلسطين، وهي في السنة الأخيرة من الحياة الجامعية.

تقول الطالبة "القطاع" من جامعة فلسطين تخصص صيدلة وتكنولوجيا حيوية في المستوى الخامس: "بسبب انقطاع الكهرباء، لا أستطيع شحن الجوال بشكل دوري، مما يحد من قدرتي على حضور جميع المحاضرات".

وتُكمل حديثها، "أكتفي بالمحاضرات المهمة، بينما أكتفي بمراجعة السلايدز للباقي، ولا أستطيع استخدام اللابتوب بشكل كبير، كما أواجه صعوبة في البحث عن المعلومات التي أحتاجها بسبب ضعف وصول الإنترنت وصعوبته."

وتوضح القطاع: "في حالة النزوح، يكون من الصعب الوصول إلى الإنترنت، حيث أقضي أيامًا بدون اتصال، وعندما أحتاج إلى الإنترنت لأداء مهام مهمة، أسعى لتدبير مكان يمكنني من خلاله الوصول إلى الإنترنت، وأستخدم شرائح إلكترونية، مما يسهل الأمر قليلًا مقارنة بغيري، لكن الحصول على شريحة كل شهر يتطلب بعض الجهد."

وتضيف، "أما عن الضغط النفسي موجود، ولكن للأسف لا يوجد خيار آخر أمامنا. ربما الشيء الوحيد الذي يمكن أن يخفف هذا الخوف والضغط هو أن نؤمن بأن ما هو مكتوب لنا سنأخذه مهما كان."

وتقول "القطاع": "التعليم عن بعد، رغم أنه ليس بنفس جودة التعليم الوجاهي، إلا أنه في ظل الظروف الحالية هو الأنسب، والتعليم عن بعد يسمح لنا بالبقاء على تواصل مع المحتوى الدراسي وعدم ضياع الوقت".

وفيما يتعلق بتنظيم الوقت، توضح القطاع: "لا أضغط على نفسي كثيرًا بشأن الجامعة والمحاضرات. أرتب المحاضرات والمهام على مدار الأسبوع كما لو كانت وجاهية، وأحاول تقديم محاضرتين أو ثلاث يوميًا حسب الظروف."

وتشير "القطاع" إلى أنها "لا تشعر بالحاجة لترك الدراسة لأنها تعتقد أن الجامعة تعطيها الأساسيات والأرضية المناسبة لتكمل مسيرتها"، مُعتبرةً أن إنهاء هذه السنة والحصول على الشهادة هو إنجاز، وأن هناك الكثير من الفرص للتعلم بعد التخرج.

"معاناة التعليم عن بعد"..

وبينما يواجهن الطالبات الثلاث تحديات متشابهة في ظل الظروف الراهنة، تجد الطالبة في جامعة الأزهر فدوى إيهاب عويضة (20 عامًا) بتخصص طب الأسنان نفسها أمام تحديات موازية، إن لم تكن أكثر تعقيدًا.

تتحدث "عويضة"، عن تأثير الحرب بشكل كبير على حضور المحاضرات، قائلةً: "تؤثر الحرب على حضوري للمحاضرات، حيث لا أتمكن من شحن جهازي الكمبيوتر أو الهاتف المحمول لمتابعة الفصول الدراسية."

وتوضح "عويضة"، "يوجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى الإنترنت؛ إذ لا يتوفر في معظم الأوقات بسبب كثرة الاقتحامات والقصف المتكرر للمناطق التي توفر وسائل الاتصال."

وتُعبّر عن الضغط النفسي الذي تعانيه: "يوجد ضغط كبير بسبب الخوف على الأهل والأقارب. فقدت خالي وزوجته وأطفاله الثلاثة خلال هذه الحرب الغاشمة، بالإضافة إلى اثنتين من عماتي تم إعدامهما ميدانيًا وهما كبيرتان في السن، مما زاد الخوف من فقدان أشخاص آخرين."

وتشرح "عويضة: "التعليم عبر الإنترنت صعب جدًا، لكن الجامعة حاولت مساعدتنا من خلال توفير دروس ومحاضرات إلكترونية، مع إلغاء فكرة الامتحانات بشكل مؤقت والاكتفاء بالواجبات بسبب سوء جودة الإنترنت."

وتستطرد أن التعليم الإلكتروني يؤثر بشكل كبير على جودة التعليم في تخصصها: موضحةً، "تخصصي يحتاج إلى محاضرات نظرية وعملية معًا، ولا يمكن تحقيق ذلك بشكل صحيح إلا من خلال التعليم الوجاهي."

وتشير "ضيفة سند"، إلى أن الأزمات اليومية تأخذ غالبية وقتها، ما بين توفير المياه ورعاية إخوتها الصغار مع والدتها، والذهاب لشراء مستلزمات المنزل، مُبينةً: "لا يتوفر لدي سوى وقت قليل جدًا للدراسة ومتابعة المحاضرات على الإنترنت في حال توفر الإنترنت."

تؤكد فدوى أن من أصعب الصعوبات التي تواجهها هي توفير الإنترنت لمتابعة الدراسة، إلى جانب المشاركة في أعمال المنزل، لافتةً أن الضغط الدراسي موجود، والطالبة تجتهد للمحافظة على مستواها الدراسي المتفوق حتى لا تذهب جهودها السابقة سدى.

تشير الطالبة إلى أنها فكرت كثيرًا في ترك الدراسة مؤقتًا نظرًا لكثرة النزوح والبحث عن مكان آمن، لكنها توضح: "حبي الشديد لتخصصي ورغبتي في استكمال دراستي ودعم عائلتي لي كانت من أهم الأسباب للاستمرار.