قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمود مرداوي، إن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال تصعيد عملياته بالضفة الغربية المحتلة، لمنع تطوّر المقاومة فيها، مشيرًا إلى أن تغاضي العالم عن الإبادة في غزة شجع حكومة الاحتلال للمسارعة بالتصعيد بالضفة.
وأضاف مرداوي في "تحليل سياسي" لما تشهده الضفة من عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة نشره على حسابة على منصة إكس، اليوم الأربعاء، أنه في إطار تمسك نتنياهو في استمرار حرب الإبادة في غزة والأهداف المتعلقة فيها يعمل على تحييد عوامل الضغط في الجبهة الشمالية والضفة الغربية".
وأوضح أن الاحتلال دفع نحو عملية استباقية لمنع تحول الضفة لساحة ضاغطة على قرار المؤسسة الأمنية والعسكرية بما يخص الحرب على غزة، خاصة مع ارتفاع التحذيرات التي تصدرها مختلف أجهزة الاحتلال الأمنية من تداعيات المواجهة في الضفة، وإمكانية تأثيرها على البعد العملياتي في غزة.
وأكد مرداوي على أن تغاضي المجتمع الدولي والإقليمي عن حرب الإبادة في غزة شجع الحكومة الإسرائيلية للمسارعة في حسم الضفة الغربية باتجاه أهداف التيار الديني القومي المعلنة والسرية.
وقال: "يسعى العدو لمنع المقاومة في الضفة من التطور، خاصة صناعة العبوات الناسفة وعملية تل أبيب الاستشهادية أعطت مؤشرات على تطور المقاومة ونوعيتها".
وأكد القيادي بحماس، على أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو "معني في إعادة بناء اليمين الصهيوني حول الحكومة، وأحد هذه المسارات هو خلق حالة إجماع داخل اليمين الصهيوني بشأن الضفة الغربية باعتبارها قاسم مشترك، وتمتين الموقف داخل اليمين لتحسين قدرته على إدارة الحرب".
ولفت إلى أن "التحول الهيكلي لقيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سيكون له تداعيات سياسية، مشيرًا إلى أن هذه الفرقة ظلت بعد احتلال العام 1967 توازن بين العمليات الهجومية والجهود لإدارة السكان الفلسطينيين لإطالة أمد الاحتلال العسكري.
واستطرد: "لكن الملاحظ أن زيادة الجهد الهجومي ضد مدن الضفة وتصاعد هجمات المستوطنين ضد القرى الفلسطينية، هو تطبيق عملي لخطة الحسم التي أطلقها وزير المالية سموتيرش عبر إخضاع الفلسطينيين بالقوة أو تهجيرهم، ومصادرة غالبية أراضي الضفة الغربية وإعلان السيادة بشكل كامل من النهر إلى البحر".
وأوضح مرداوي أن الاحتلال بدأ عملية عسكرية فجر اليوم بمشاركة فرقة عسكرية كاملة بالإضافة لأربع وحدات خاصة في الجيش وحرس الحدود والشاباك، كما تشارك في العملية قطعًا جوية من الطيران المسير والتي نفذت غارات جوية أدت لارتقاء شهداء.
وشملت العملية العسكرية الإسرائيلية 3 مدن في الضفة، هي جنين وطولكرم وطوباس، وتركزت في مخيماتها، ما أسفر عن ارتقاء 9 شهداء، إلى جانب حصار مستشفيات ومنع المرضى والجرحى الوصول إليها.
وأضاف مرداوي أن وزير خارجية الاحتلال أعلن أن العملية العسكرية ستكون على نمط المناورة البرية في غزة، حيث سيتم إخلاء المناطق السكنية والمستشفيات وفق الحاجة العملياتية.
في حين، تصدت المقاومة للاحتلال، وتخوض اشتباكات عنيفة مستخدمة الأسلحة الرشاشة الخفيفة والعبوات الناسفة، وتمكنت المقاومة من إعطاب جرافة عسكرية في مخيم نور شمس وإعطاب ناقلة جند بوز نمر في جنين.
أهداف الاحتلال..
وذكر مرداوي أن الاحتلال يسعى من خلال عمليته بالضفة لعدة أهداف، وهي القضاء على المقاومة في شمال الضفة، في ظل استشعار الجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية لخطورة الوضع الأمني في شمال الضفة لا سيما بعد عملية تل أبيب.
كما يهدف الاحتلال لمنع الضفة من التحول لجبهة فاعلة تستنزف الاحتلال وتؤثر في مسار نتائج الحرب، والإصرار على استدامة الحرب في غزة عبر تحييد بقية الجبهات ومن ضمنها جبهة الضفة.
وتسعى "إسرائيل" على الحفاظ على تماسك الحكومة من خلال الاستجابة لمطلب التيار الديني القومي الذي يتركز جمهوره في مستوطنات الضفة الغربية وهو شريك أساسي في الحكومة، حيث يواصل اليمين الصهيوني الضغط على المؤسسة الأمنية والعسكرية لتنفيذ مناورة برية بصورة مشابهة لغزة، وفق مرداوي.
إضافة لتك الأهداف يشير مرداوي إلى أن الاحتلال يسعى "لتنفيذ أجندة أيديولوجية لقطاعات من الجيش خاصة قائد المنطقة الوسطى آفي بلوط طالب بمناورة برية في الضفة مشابهة للمناورة العسكرية في غزة، بهدف تسهيل مهمة التيار الصهيوني في تسريع الاستيطان وحسم الضفة، واستئناف الاستيطان بشكل كبير بين جنين ونابلس، وهذا يتطلب إنهاء حالة المقاومة".
التداعيات..
وحول تداعيات العملية العسكرية الجارية بالضفة، يرى مرداوي أنه من المتوقع أن يرتفع مستوى المواجهة في الضفة، خاصة أن العمليات العسكرية وعمليات القتل ستزيد من دافعية الشباب الفلسطيني للانضمام للمقاومة.
واستطرد: "ستؤدي لزيادة دافعية التيار الديني القومي والمجموعات المسلحة التي يقودها بن غفير في تنفيذ هجمات ضد القرى الفلسطينية في الضفة، واستغلال حالة التوافق بين قيادة جيش الاحتلال في الضفة والتيار الديني القومي، نحو مزيد من التصعيد".
كما أن من تداعياتها "تنفيذ رؤية اليمين الصهيوني بحسم الضفة وإنهاء مفهوم التقسيمات السياسية التي أوجدها اتفاق أوسلو، وهذا يعني إنهاء الصفة السياسية للوجود الفلسطيني بصورة صامته" وفق القيادي.
إضافة لما سبق، فإن من تداعيات ما يجرب بالضفة –وفق مرداوي- هو جعل الحرب على غزة وتداعياتها شاملة للضفة وغزة، بتفكيك الوجود الفلسطيني سياسيا، خاصة أن الرؤية السياسية لإعادة بناء الهوية السياسية للفلسطينيين تشمل وحدة الضفة وغزة، واستثمار ضعف التفاعل الدولي وردة الفعل الإقليمي مع الحرب في غزة لتمرير حسم الضفة.
يُذكر أنّ الضفة الغربية تشهد تصاعدًا في عمليات الاقتحام الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة قبل عشرة أشهر، ووفقًا لمصادر طبية فلسطينية، خلفت هذه الاعتداءات أكثر من 660 شهيدًا وحوالي 5400 جريح منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.