يحل الشتاء ضيفاً عزيزاً على نفوس البشر وينتظرونه عاماً بعد عام، ولكن الحال يبدو مختلفاً على مواطني قطاع غزة، وخصوصاً النازحون في الخيام التي باتت مهترئة ولا تحميهم من أمطار وعواصف الشتاء، بفعل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023 الماضي.
وتزداد هذه المعاناة على النازحين القاطنين بجوار وداي السلقا في دير البلح بالمحافظة الوسطى، مع اقتراب فصل الشتاء، خاصة بعد التحذيرات التي أطلقتها مؤخراً بلدية المدينة بخصوص الوادي، واعتباره منطقة حمراء بسبب ما قد يحدث من تدفق للمياه خلال سقوط الأمطار.
ووادي السلقا، هي بلدة زراعية تمر من شرقي إلى غربي مدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، ويبلغ عدد سكانها 12 ألف نسمة.
نزوح يتلوه نزوح..
ويقول الطبيب أحمد الزعانين؛ أخصائي العلاج الطبيعي، وهو أحد النازحين في تلك المنطقة، إنهم تلقوا تحذير البلدية بصعوبة بالغة، خاصة أنهم نزحوا بالقرب من منطقة الوادي لقلة الأماكن المتاحة لنصب الخيام، عقب نزوحهم من مدينة رفح جنوب القطاع قبل حوالي 4 أشهر على إثر الاجتياح البري.
ويضيف الزعانين في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء": "استقر بنا الحال بالقرب من الوادي، وكنا نتوقع أن نعود لمنازلنا في مدينة بيت حانون شمال القطاع قبل أن يحل فصل الشتاء".
ولفت النظر إلى أن النزوح الجديد سيكون صعباً ومعاناة كبيرة، خاصة أن الحديث يدور تقريباً عن 4 آلاف عائلة تقطن في تلك المنطقة.
ويأمل الطبيب الزعانين، بأن تنتهي هذه الحرب قبل أن يحل فصل الشتاء وعدم النزوح مرة أخرى، مطالباً البلدية بتوفير قطعة أرض للنازحين للانتقال إليها كحل مؤقت.
ولا يختلف الحال كثيراً لدى المواطن عاطف أبو عمشة والذي يقطن بالقرب من الوادي، وقد أعرب عن تخوفه وقلقه بعد التحذير الذي أطلقته البلدية، متسائلاً: "وين نروح؟!، نزحنا سابقاً من رفح وهذا النزوح الثاني وما دفعنا للجوء لهذا المكان هو توفر المياه التي تعد شريان الحياة".
ويطالب أبو عمشة في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، بلدية دير البلح بتنظيف الوادي الذي أصبح مكباً للنفايات والمعلبات بعد تواجد آلاف النازحين هناك، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء لكي لا تكون النفايات عائقاً أمام مياه الأمطار، وتحدث كارثة بحق ما يقارب 20 ألف نازح بالقرب من منطقة الوادي.
ويدعو بلدية دير البلح ولجان الطوارئ لمساعدة النازحين قدر المستطاع لمواجهة فصل الشتاء، وتوفير شوادر وخيام بدلاً من خيامهم المهترئة قبل أن تسقط الأمطار وتحل الكارثة.
جهود لحل الأزمة..
من جانبه، يقول رئيس لجنة الطوارئ في بلدية دير البلح، إسماعيل صرصور، إنه جرت العادة سنوياً أن تقوم البلدية بتحذير الأهالي والسكان والمجاورين أيضاً لوادي السلقا، بسبب الفيضان الذي يحدث فيه وانتشاره على أراضي المواطنين الزراعية، وغرق بعض البيوت.
ويشير صرصور في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"، إلى أنه في الأعوام السابقة حدثت حالة وفاة بسبب تدفق المياه لمنازل أحد المواطنين، ومن هنا جاء التحذير بضرورة التوجه لمناطق مرتفعة حتى لا يعرض الناس حياتهم وأطفالهم وممتلكاتهم للخطر، أو التوجه لمراكز الإيواء والمدارس المنتشرة في مدينة دير البلح.
ويلفت رئيس اللجنة، إلى أن طواقم البلدية تتابع على مدار الثلاثة أيام السابقة منطقة الوادي، دون أن يلاحظ تناقص أعداد النازحين من المنطقة بالشكل المطلوب.
وبيّن أن عدد النازحون يقدر في محيط وصحن البركة بالآلاف، مشيراً إلى النزوح يزداد يوماً بعد يوم إلى أنحاء مدينة دير البلح بشكل عام.
ويطالب صرصور الجهات الشريكة والمؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى مساندة بلدية دير البلح ولجنة الطوارئ العاملة فيها، لتوفير الآلات والمعدات الثقيلة التي تساعد في تعزيز السواتر الترابية في محيط البركة والوادي.
وينوه إلى أن عدد النازحين في مدينة دير البلح حالياً يقدر بنصف سكان القطاع، يجري تقديم الخدمات لهم قدر المستطاع في مخيمات الإيواء والمدارس، رغم شح السولار والمعدات وشح قطع الغيار.