أجمع محللون سياسيون، أن العملية الأخيرة التي استهدفت حزب الله تمثل ضربة قوية، خاصة في عنصر المفاجأة وقطع الاتصالات بين القيادة والعناصر، مؤكدين أن هذه الخطوة قد تكون بداية لعملية أكبر تخطط لها إسرائيل.
وقال العميد العسكري اللبناني سعيد قزح في حديثٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء"، "إن هذه الضربة ليست سوى بداية لعملية أكبر تعد لها إسرائيل، ومن المرجح أن تكون هذه الخطوة الأولى في سلسلة من العمليات المفاجئة."
ويضيف "قزح"، "حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي، فلديه شبكة أرضية بديلة للاتصالات، تم بناؤها بعد حرب 2006، غير أن السؤال يبقى: هل تمكنت إسرائيل من اختراق هذه الشبكة بوسائلها التقنية المتقدمة؟"
وأمس الثلاثاء، استشهد 9 أشخاص، بينهم طفلة، وأصيب نحو 2800 آخرين، بينهم السفير الإيراني في لبنان وعناصر من حزب الله، جراء انفجار هواتفهم المحمولة في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب اللبناني في وقت متزامن. في حين تكرر السيناريو اليوم الأربعاء حيث وقعت انفجارات جديدة؛ أسفرت عن استشهاد شخص وإصابة عدد آخر جراء انفجار أجهزة لاسلكية في مناطق مختلفة بلبنان.
ويتساءل "قزح": "كيف استطاعت إسرائيل تنفيذ مثل هذه العملية النوعية؟ ربما تمكنوا من الوصول إلى المصانع التي أنتجت هذه الأجهزة وقاموا بتفخيخها بمواد شديدة الانفجار، تختلف عن المتفجرات التقليدية التي نعرفها."
ويشرح "ضيف سند" قائلًا: "أعتقد أن الكمية المستخدمة من هذه المواد كانت ضئيلة جداً، لكنها كافية لإحداث ضرر هائل، وهو ما يفسر الدقة التي رأيناها في هذه العملية."
ويضيف: "من المحتمل أن إسرائيل استخدمت موجات كهرومغناطيسية ضخمة لتفعيل التفجير عن بعد. وهنا يبرز السؤال الكبير: كيف تمكنوا من معرفة الترددات الدقيقة التي تعمل عليها تلك الأجهزة؟"
ويطرح سؤالًا باستنكار: لماذا لم تتأثر الأجهزة الأخرى المستخدمة في المستشفيات اللبنانية، بينما استهدفت تلك التي في حوزة عناصر حزب الله فقط؟ هل يعود الأمر إلى دقة المعلومات التي تمتلكها إسرائيل؟"
ويؤكد "قزح" أنه "في عالم الحروب، عنصر المفاجأة هو المفتاح لتحقيق الانتصار، ولا شك أن التوقيت يلعب دورًا حاسمًا في تحقيق هذه المفاجأة، وقد يكون ما شهدناه مؤشرًا على تلك المفاجأة".
ويستطرد "ما فعلته إسرائيل في هذه الضربة الأخيرة تمثل في قطع وسائل الاتصال، وهو أمر شديد الأهمية، لأن الاتصال بين القيادة والعناصر هو شريان الحياة للجيوش في ميادين المعارك."
ويشرح ضيفنا، "عندما ينقطع هذا الاتصال الحيوي، تتبدد القدرة على التنسيق وتحديد الأهداف، ما يترك العناصر في حالة من الضياع، وهذه هي الضربة الكبرى التي تمنح العدو تفوقًا استراتيجيًّا".
" إسرائيل وضعت حزب الله أمام خيارين"..
من جانبه، يرى المحلل السياسي أليف صباغ، أن هناك احتمالية كبيرة أن القواعد البريطانية في قبرص قد تكون قد أدارت هذه العملية أو شاركت في تنفيذها. فإسرائيل، في تقديري، لا تمتلك التقنيات اللازمة للسيطرة على أجهزة الهاتف المستهدفة، مما يجعل تدخل بريطانيا أو جهة أخرى متخصصة أمراً وارداً."
ويلفت "صباغ" في حديثٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء"، "إلى أن زرع المتفجرات في الهواتف منذ مرحلة إنتاجها تكشف عن اختراق أمني حققته الموساد بمساعدة جهات أجنبية قريبة من المصنع. هذا النوع من العمليات المعقدة يتطلب تعاوناً دولياً، وهو ما أراه ملموساً هنا."
ويوضح "صباغ": أن "التوقيت هو العامل الأهم في هذه العملية. في رأيي، إسرائيل قامت بالتفجير بعد أن شعرت بأن حزب الله بدأ يشكك في أمن الهواتف التي يستخدمها. وأرى أن هذا القرار جاء قبل الموعد المحدد، حيث كانت الخطة الأصلية تفترض أن يكون التفجير بداية لحملة عسكرية واسعة، أو أن يحدث خلال الحرب."
ويوضح "صباغ": "بالنسبة للحكومة اللبنانية، من الواضح أن هناك تضامنًا شعبيًّا واسعًا مع المقاومة، يشمل جميع الطوائف، حيث أصدرت الحكومة اللبنانية بيانًا حملت فيه إسرائيل المسؤولية عن المجزرة، مُضيفًا: "ما أراه مثيرًا للدهشة هو غياب التنديد من الولايات المتحدة أو أوروبا، رغم أن العملية استهدفت مدنيين بشكل واضح."
ويقدّر "صباغ"، "السيناريوهات المتوقعة تشير إلى أن المقاومة تلقت ضربة موجعة أثرت في ميزان الردع بينها وبين إسرائيل، وهذا يضع حزب الله في موقف حرج، حيث يتوقع جمهوره منه ردًّا مؤلمًا وثأريًّا".
ومن وجهة نظر "صباغ"، يرى "أن الرد قد يتأخر بناءً على الحسابات اللوجستية وتقديراته للنتائج، خاصة إذا كان الرد يعني الدخول في حرب واسعة.
ويختم "ضيف سند" بقوله: "أعتقد أن إسرائيل وضعت حزب الله أمام خيارين؛ إما أن يتجنب التصعيد ويوقف جبهة الإسناد، أو يقوم برد قوي تعتبره إسرائيل مبررًا لبدء حرب واسعة، خاصة وأنها لم تتبنَّ العملية رسميًّا، مما يتيح لها الفرصة لاتهام حزب الله بإشعال الحرب."