الساعة 00:00 م
السبت 19 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.89 جنيه إسترليني
5.2 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.19 يورو
3.69 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

هل تبقى قرارات "يونسكو" بشأن فلسطين حبراً على ورق؟

"نتنياهو" والمفاوضات بشأن حرب غزة.. "لعبة تضييع الوقت"

ضحكة في وجه الحرب.. صانعو المحتوى في غزة يروّضون أوجاعهم بالفكاهة

"حرب البيت".. رغبة إسرائيلية حقيقية لاستكمال السيطرة عبر الإبادة والقوة الغاشمة

حجم الخط
مدرعة.png
غزة- وكالة سند للأنباء

تُعتبر جريمة الإبادة الجماعية والحرب العدوانية التي تُنفذها قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ الـ 7 من أكتوبر 2023 الماضي، فرصة ذهبية لاستكمال ما بدأته العصابات الصهيونية منذ العام 1948؛ لا سيما مع الدعم الدولي والصمت والتخاذل العربي.

حكومة نتنياهو ترى أن الوقت الآن هو الأمثل لاستكمال مشاريعها المختلفة التي تستهدف القضية الفلسطينية برمتها؛ خاصة مع وجود الدعم الإنجيلي الأعمى المسنود سياسيا من اللوبي الصهيوني في أمريكا ودول غربية أخرى.

وقد فتحت البيئة العربية والإسلامية، الصامتة أو المتخاذلة، شهية "تل أبيب" لتحقيق الأهداف السياسية والعسكرية بالمنطقة.

وأول المشاريع التي تُريد حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة تنفيذها هي "حرب البيت"؛ وهو مصطلح لوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، ويكشف عن آمال إسرائيلية باستكمال احتلال الأرض الفلسطينية.

وترى قوى اليمين الإسرائيلي التي تقود دولة الاحتلال منذ عقود متواصلة في الحرب على غزة استكمالا لحرب النكبة عام 1948، وتسعى لتهجير الشعب الفلسطيني بأسره، وتوسعة مساحة "إسرائيل"؛ كما عبرّ عن ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش؛ الذي قال إن حدود القدس تصل لدمشق.

ولم يعد التعبير الديني المتطرف عن "حرب البيت" محصورا في الإطار النظري، فتبعا لمراقبين باتت المؤسسة الأمنية والعسكرية والسياسية في "إسرائيل"، أداة لتنفيذ أهداف قوى اليمين، في السيطرة والتوسع والإبادة.

حرب وجود

ويمثل هذا الدعم بنظر المراقبين؛ فرصة تاريخية؛ لتحسم فيها "إسرائيل"؛ مخاوفها وأطماعها في آن واحد؛ إذ يعترف أقطاب اليمين؛ أن ثمة تهديدًا وجوديًّا يعترض إسرائيل، وهو ما صرّح به سرًا بينامين نتنياهو في اجتماعه مع سفراء الدولة.

نتنياهو قال لهم نصًا "لدي مخاوف من استمرار الدولة، وأعمل لأجل أن تعيش مئة عام أخرى".

وفي شهر مايو من العام 2022، أيدّ رئيس الوزراء السابق ايهود باراك الذي وصل لسدة الحكم عبر حزب العمل "حزب يساري"، ما ذهب إليه نتنياهو.

وقال في مقال له "على مرّ التاريخ اليهودي لم تعمر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلا في فترتين: فترة الملك داود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانتا بداية تفككها في العقد الثامن، وأخشى أن تحل لعنة هذا العقد على الدولة التي تعيش هذه الفترة".

توسعة الخارطة

ترى إسرائيل أن ثمة فرصة تاريخية أيضا بتوسعة الخارطة، كما عبر عن ذلك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

توسعة الخارطة؛ ترجمها سموتريتش في خطاب شهير له العام المنصرم؛ حين وضع خارطة لفلسطين والأردن معا على منصة خطاب له، موسومة باللون الأزرق في إشارة إلى أنها ضمن "إسرائيل"، كما أنّ نتنياهو ذاته في كتابه "تحت الشمس"، يعتبر الأردن جزءًا من أرض الميعاد.

وهذا ما يذهب إليه القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بالأردن علي العرموطي، الذي قال إن الأردن، في وجه العاصفة الإسرائيلية، "نؤمن بأن اليوم التالي للحرب على الضفة ولبنان، سيكون في الأردن، اذا سقطت غزة؛ سنراه صباحا عند حدودنا"، تبعا لما يقوله لسند.

ضمن مشروع متدرج، يهدف الاحتلال لحسم الوضع التاريخي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أولا؛ ويتمثل أولها في ترحيل الشعب الفلسطيني عن القطاع والضفة؛ والداخل المحتل أيضا؛ ضمن خطة متعددة الطبقات والأهداف؛ تسيطر في المحصلة على كامل الجغرافيا الفلسطينية؛ وصولا لتحقيق ما يمكن تحقيقه كوطن بديل للفلسطينيين في مناطق الطوق.

سياسة "الترانسفير" في قلب المعادلة

يقول الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي، إنّ هذه الخطة تمثل جوهر المشروع الإسرائيلي؛ ومن قبل مثلـت قاعدة المشروع الصهيوني في المنطقة؛ وهو اليوم يعاد للطاولة مرة أخرى على قاعدة أنّ الفرصة مواتية لتحقيقه في ظل بيئة سياسية مثلى بالنسبة لقيادة الاحتلال.

ويصف البرغوثي في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء" ما يجري في شمال غزة، تطبيقًا فعليًّا لسياسة الترانسفير؛ التي تعتمد بشكل أساسي على ترحيل وتهجير سكان الشمال للجنوب؛ ثم بعد ذلك يتابع خطته، كما فعل في خطة الحرب البرية.

ورغم الموقف السياسي المعلن لمصر والأردن، برفض سياسة الترحيل؛ لكنّ البرغوثي يعتقد أن الجنون الإسرائيلي يتصور بإمكانية تحقيق هذا الهدف في ظل مجازره المروعة التي لا تجد رادعا دوليا ولا حتى إقليميا؛ ويعتقد أن ثمة فرصة لاستكمال المشروع.

ووفق البرغوثي، ما يفشل ذلك لهذه اللحظة، الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني؛ الذي لا زال رغم مرور عام كامل من الإبادة والحصار والتجويع، يرى استحالة استبعاده من أرضه.

من جهته، يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رمزي رباح، إنّ ما تقوم به إسرائيل فعليا هو إبادة جغرافية وديمغرافية للوجود الفلسطيني، وفق سياسات متوازية من التجويع والحصار والقتل والتنكيل والمجازر؛ وينفذها بشكل تدريجي في الضفة وغزة، مع إجراءات أخرى في القدس والداخل تؤدي جميعها في المحصلة لتنفيذ مخطط ترحيل الفلسطينيين.

يضيف رباح لـ "سند" أن جوهر هذا المشروع يرتكز على 3 محددات رئيسية، أولها انهاء الكيانية السياسية للشعب الفلسطيني، وتصفية العنوان السياسي المتعلق بالقضية؛ وثانيها يتمثل في السيطرة الجغرافية الكاملة، وإعادة احتلال الأرض، وثالثها يتمثل في إزاحة وإبعاد العنصر البشري عن الأرض الفلسطينية.

يلفت رباح إلى وجود إجراءات إسرائيلية تسير بشكل متواز تجاه تحقيق هذه الأهداف، خاصة مع وجود حكومة يمينية تؤمن بضرورة حسم الواقع الديني والتاريخي والسياسي لصالح الوجود الإسرائيلي في المنطقة.

الإبادة هي الهدف

ينبه المتحدث الإعلامي باسم الدفاع المدني بغزة الرائد محمود بصل، إلى وجود سياسة جديدة غير مفهومة في شمال غزة يستخدمها الاحتلال، "هو من جهة يدفع السكان للرحيل والنزوح عبر ما يسميه بالممرات الإنسانية الآمنة، وفي نفس الوقت يقتلهم بالقذائف في هذه الممرات".

كما يوضح بصل لـ "سند" بأنّ الاحتلال لو أراد أن يحقق التهجير فحسب؛ لفك حصاره عن المنطقة الشمالية، وما وضع حواجز في المنطقة الشرقية الغربية للمناطق المحاصرة، تحديدا في دوار أبو شرخ والصفطاوي.

وهذا يدلل بشكل قطعي تبعا لبصل؛ على وجود سياسة تهدف لإبادة السكان، وليس فقط تهجيرهم أو ترحيلهم.

والابادة هنا تشترك فيها ثلاث أدوات رئيسية؛ "القتل والذبح من خلال المجازر، والحصار من خلال منع المساعدات الكاملة، والتجويع من خلال دفع السكان للموت المحقق". 

يعلق النائب العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة على ما سبق؛ بالقول: "إسرائيل انتقلت من مرحلة الرغبة في تحقيق الردع واستعادة الدولة والهيبة؛ لمرحلة حسم الوضع السياسي في المنطقة بأسرها، ضمن إعادة تموضع جيوسياسي من جهة، وإعادة تخطيط الدور السياسي فيها؛ مسنودة بقرار أمريكي وغربي كامل".

يسمي زحالقة ما يحدث بـ"إعادة هندسة الواقع السياسي والاستراتيجي في المنظومة السياسية بالمنطقة، بما يرتب لإسرائيل دور الشرطي الأوحد؛ والثاني السيطرة الجيوسياسية التي تحقق الأهداف الاستراتيجية لمشروعها، وتقضي ضمنيا إزالة أي تهديد يقف في وجهه".

و يضيف زحالقة لـ"سند": "ذلك يدفع إسرائيل لمزيد من الجنون حول تحقيق أهداف خاصة بكينونتها السياسية، أول هذه الأهداف توسعة نفوذها الجغرافي على حساب المساحة الفلسطينية، وحسم الدولة اليهودية التي يعملون لأجل تحقيقها، على حساب الوجود الديمغرافي الفلسطيني".

ويتابع "ولهذا يعملون ضمن مخطط يسمونه بـخطة الجنرالات، وهي الخطة التي تقضي توفير مساحات أمنية جديدة؛ إلى جانب القفز في الهواء؛ لصالح تحقيق الأهداف الكبرى لدولة اليمين في إسرائيل؛ والذين يرون أن الأرض الإسرائيلية قد تتحقق في هذه الظروف".

بين إمكانية التحقيق وعدمه؛ تخوض إسرائيل حربها؛ التي ترى فيها فرصتها الأخيرة؛ لتحقيق أكبر سنوات من الردع، وهي حرب يجمع السياسيون والمراقبون على أنها لا تزال مستمرة برغبة دولة الاحتلال؛ والتي لن توقفها حتى ترى كفايتها من الدم المروي والأرض المسلوبة.