الساعة 00:00 م
الثلاثاء 29 ابريل 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.86 جنيه إسترليني
5.1 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.13 يورو
3.62 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عدد شهداء الحركة الرياضية في ارتفاع متواصل

كيف انتزعت الحرب روح الأماكن في غزة وحولتها إلى مأوى للنازحين؟

بالفيديو والصور لم تعد مخيماتهم صالحة للعيش.. الشتاء ضيف ثقيل على أهالي غزة

حجم الخط
الشتاء في غزة.jpeg
غزة- وكالة سند للأنباء

تبدل الزمان ولم يعد الشتاء من الفصول المحببة بالنسبة للفلسطينيين في قطاع غزة، ولهفة انتظار لياليه الماطرة أصبحت في نظرهم بمثابة كابوس يؤرق تفكيرهم مع كل حديثٍ عن منخفض جوي قادم؛ بسببالكارثة التي تحل بهم في مخيمات النزوح، حتى باتوا يتمنون ألا يأتي الشتاء عليهم.

فمع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، يواجه النازحون للعام الثاني على التوالي أوضاعًا إنسانية غير مسبوقة، في ظل عدم وجود آفاق بوجود اتفاقٍ يوقف آلة القتل والتدمير والتهجير، وعدم توفر المقومات التي قد تُساعدهم للتعامل مع أجواء الشتاء الباردة والماطرة.

ويعيش قرابة مليوني نازح في مخيمات ومراكز إيواء في المناطق الغربية والوسطى من قطاع غزة حتى مواصي مدينة رفح جنوبًا، وسط نقص حاد في الخدمات الإنسانية المقدمة لهم، وشح كبير في مياه الشرب والطعام وغيرها أساسيات الحياة.

خيام النازحين في فصل الشتاء - صورة أرشيفية.webp
 

وتتخوف العائلات النازحة في قطاع غزة من غرق خيامهم المهترئة بمياه الأمطار أو اقتلاعها بفعل شدة الرياح خلال فصل الشتاء، في وقتٍ تتزايد فيه مخاوف النازحين على امتداد شاطئ البحر بفعل ظاهرة المد والجز التي تطاول خيامهم؛ ما يزيد من تفاقم أوضاعهم الإنسانية.

والتقت مراسلة "وكالة سند للأنباء" مع عائلات لجأت إلى منطقة وداي السلقا شرق دير البلح وسط القطاع، حيث يعيشون في حالة ترقب وخوفٍ من غرق خيامهم، في سقطت الأمطار.

أم عصام محمد التي نزحت مع عائلتها من حي الشجاعية شرق غزة ونصبت خيمتها من القماش والنايلون في منطقة وادي السلقا تقول إنّها سمعت بالنداءات التي طلبت من النازحين المقيمين على ضفتي الوادي أو داخله أو بالقرب منه الإخلاء تحسبًا لأي حالة غرق خلال فصل الشتاء، لكنها لم تفعل ذلك.

وأضافت: "فلا مكان آخر يُمكننا اللجوء إليه في ظل النزوح المتكرر وعمليات الإخلاء الإسرائيلية التي لا تتوقف في مختلف المناطق حتى تلك التي يدّعي الاحتلال بأنها إنسانية آمنة".

الشتاء في غزة.jpg
 

لكنها لا تنكر حجم المعاناة التي يواجهها المقيمون في منطقة وداي السلقا حيث يمر وسط الأحياء السكنية وخيام النازحين من شرق البلدة وحتى غربها، ومن المحتمل أن تتعرض المنطقة للغرق مع أي منخفض جوي قادم.

وأشارت إلى أنّه في الشتاء الماضي دخلت مياه الأمطار إلى خيمتها وأغرقتها، والآن ينتابها الخوف من قدوم شتاء قارس يزيد من معاناتهم، موضحةً أنها تعكف حاليًا على إصلاح تقوب خيمتها التي تضررت جرّاء حرارة شمس الصيف ورياح الخريف والقصف الإسرائيلي.

بدوره أكد إسلام معين وهو نازح من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة ويعيش حاليًا في خيمة في منطقة وادي السلقا، أنّه قضى الشتاء الماضي بظروف مأساوية للغاية، جعلته عرضة للمرض أكثر من مرة، في ظل انعدام وسائل التدفئة، وعدم توفر الأغطية والملابس الشتوية التي تحميه من البرد القارس.

يبحث إسلام حاليًا عن مكانٍ آخر يلجأ إليه في ظل التحذيرات من الغرق، لكنه في الوقت ذاته يعمل على إصلاح خيمته، حيث أضاف طبقة نايلون جديدة فوق الخيمة ودعمّها ببعض الحجارة كي يمنعها من التطاير في حالة العواصف الهوائية والمطرية.

ويقول لمراسلتنا: "مع غياب مستلزمات الشتاء الأساسية، أعمل بكل السبل المتاحة التي يُمكن من خلالها أن أُخفف البرد عني وعن عائلته في الشتاء، خاصة أمي التي تعاني من أزمة قلبية حادة وتحتاج رعاية خاصة في أجواء البرد".

وفي مشهد مماثل تبحث عائلة جندية عن مكانٍ آخر تلجأ إليه في الشتاء يكون أخف ضررًا عليها، تحكي لنا الأم جانبًا من معاناتهم: "نعيش أكثر من 10 أشخاص في خيمة واحدة متهالكة خاصة سقفها ما يجعلنا عرضة للغرق في حال سقوط الأمطار".

ولا تستطيع شراء خيمة جديدة لأن الأسعار مرتفعة للغاية (ما بين 2000 لـ 3000 شيكل) بينما لا يوجد مصدر دخل لغالبية العائلات حاليًا؛ فنحو 90% من الغزيين باتوا يعتمدون على المساعدات والمعونات المقدمة من المؤسسات الإغاثية ذات الصلة وعلى رأسها وكالة "أونروا".

وأشارت إلى أنّ غالبية العائلات النازحة داخل المخيمات لم تحصل خلال الشتاء الماضي على مساعدات تعزز أوضاع النازحين في قطاع غزة،مثل إمدادهم بشوادر قماشية أو بلاستيكية لتدعيم خيامهم المهترئة، أو حل مشكلة الصرف الصحي وتوفير مستلزمات التدفئة من أغطية وملابس وغيرها.

150 ألف خيمة لا تصلح للاستخدام..

بدوره قال مدير المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إسماعيل الثوابتة، إنّ قرابة 150 ألف خيمة من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام الآدمي بسبب الاهتراء خلال فصل الصيف، مؤكدًا أنّ معظمها بحاجة للاستبدال، إذ إنها مصنوعة من الخشب والنايلون والقماش.

وحذر الثوابتة في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" من أنّ مليوني نازح في القطاع أمام كارثة إنسانية حقيقية في المخيمات، في ظل منع الاحتلال من دخول المساعدات وتحديدًا الخيام والشوادر للنازحين.

ولا يختلف الحال في شمال القطاع كثيرًا عن الحال في جنوبه، حيث يعاني السكان من ظروف قاسية تتواصل فيها عمليات النزوح بسبب استمرار القصف والعمليات البرية وسط اشتداد الحصار ومنع إدخال المستلزمات الأساسية للسكان أهمها الغذاء والأدوية وغاز الطهي، وفق الثوابتة.

وحمّل الاحتلال والإدارة الأميركية كامل المسؤولية عن هذه الظروف الكارثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مطالبًا المجتمع الدولي والدول العربية بتقديم الإغاثة الفورية والعاجلة لمن هم بأمسّ الحاجة إلى مأوى مناسب يقيهم من برد الشتاء.

ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فمنذ بدء الحرب دمر الاحتلال بشكل شامل البنية التحتية وأوقفت ضح الوقود إلى القطاع، وتعطلت جميع محطات وأنظمة معالجة المياه العادمة، والتي تشمل ست محطات، وتوقفت حوالي 65 مضخة للصرف الصحي.

ونتيجة لذلك، يتم التخلص من مياه الصرف الصحي، والتي تقدر بحوالي 130,000 متر مكعب يومياً، دون معالجة، إما الى البحر أو في وادي غزة، بينما يتسرب جزء كبير منها الى الشوارع والطرقات، وأحياناً داخل المنازل بسبب تدمير أنابيب الصرف الصحي أو انسدادها.

كما تشكلت برك في ساحات مراكز الايواء وأمام خيم النازحين، ما وفر بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض، خاصة في فصل الشتاء مع تغيّر الأحوال الجوية وسقوط الأمطار.

معاناة تتعاظم..

وعلى ضوء ذلك، أوضح مستشار وكيل وزارة الحكم المحلي زهدي الغريز أنّ أزمةً صحية وبيئية تلوح في الأفق مع قدوم فصل الشتاء، نظرًا لتلف شبكات الصرف الصحي بفعل القصف الإسرائيلي وعمليات التجريف التي طاولت غالبية الطرق والشوارع في قطاع غزة.

وقال الغريز في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" إنّ التداعيات الكارثية لانهيار البنية التحتية في القطاع ستبدو جليًا مع تغيّر الأحوال الجوية وسقوط الأمطار، فقد دمر خلال حرب الإبادة المستمرة 655 ألف متر من خطوط الصرف الصحي و330 ألف متر من خطوط المياه.

وعلى ضوء ذلك سيواجه آلاف النازحين الذين يتكدسون في الخيام المكتظة أو الأحياء السكنية المدمرة، معاناة مضاعفة في الشتاء، حيث سيغرقون بمياه الصرف الصحي، أو بمياه الأمطار أو بالمد المتزايد في المخيمات على البحر.

ولفت أنّ حركة السير ستكون صعبة جدًا بسبب تجريف الطرق والحفر التي أحدثها القصف في مختلف الأماكن، بالإضافة لتوقف محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وتكدس أطنان من النفايات.

وشدد زهدي الغريز أنّ ذلك يستجوب تدخلًا أمميًا عاجلًا لوقف الحرب ونزيف المعاناة التي تثقل كاهل الغزيين وتفاقم ظروفهم المأساوية.