وصف موقع Axios الأمريكي قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف جالانت بالخطوة "الدرامية".
وأصدرت الجنائية الدولية أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وجالانت يوم الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة للعام الثاني.
وأبرز Axios أن قرار الجنائية سيؤدي إلى زيادة عزلة "إسرائيل" دوليًا وزيادة الضغوط على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة، في وقت يواجه فيه إدانات واسعة النطاق على المستوى العالمي لما يرتكبه من جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين.
خطوة تاريخية
هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد دولة الاحتلال الحليف الرئيسي للولايات المتحدة.
وسوف يكون نتنياهو وغالانت معرضين لخطر الاعتقال إذا سافرا إلى إحدى الدول الـ 125 الموقعة على نظام روما الذي أسس الهيئة الدولية، ومن بينها العديد من حلفاء "إسرائيل" الغربيين. والولايات المتحدة ليست من بين هذه المجموعة ولا تعترف باختصاص المحكمة.
ومع ذلك، فإن التطور يشكل تحديًا كبيرًا لإدارة بايدن في آخر شهرين لها في السلطة وسيكون قضية رئيسية لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب القادمة.
وفي هذا السياق، قال القضاة في حكمهم إنهم رفضوا الطعون التي تقدمت بها "إسرائيل" بزعم أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها ولاية قضائية على الوضع في غزة أو على المواطنين الإسرائيليين.
وذكر الحكم أن "إسرائيل" ليست مضطرة للاعتراف باختصاص المحكمة حتى تتمكن من إصدار أوامر اعتقال، فيما قال القضاة إن أوامر الاعتقال صنفت على أنها "سرية"، بهدف حماية الشهود ومنع تخريب التحقيق.
لكن القضاة قالوا إنهم قرروا الكشف عن بعض المعلومات "نظرا لأن سلوكا مماثلا لما ورد في مذكرة الاعتقال يبدو أنه مستمر".
وقالوا إنهم وجدوا أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
تهديدات أمريكية
أبرز موقع Axios أن خطوة المحكمة الجنائية الدولية قد يؤدي إلى دفع الكونجرس إلى إصدار تشريع ضد المحكمة.
وهدد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي جون ثون (ديمقراطي جمهوري) بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية إذا مضت قدماً في إصدار مذكرات الاعتقال.
وقد كرر السيناتور ليندسي غراهام (جمهوري من كارولاينا الجنوبية) التهديد بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
فيما قال مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس المنتخب ترامب النائب مايكل والتز (جمهوري من فلوريدا) إن إدارة ترامب ستتخذ إجراءات ضد المحكمة الجنائية الدولية في يناير/كانون الثاني.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن إدارة بايدن "تناقش الخطوات التالية" بالتنسيق مع الشركاء، بما في ذلك "إسرائيل".
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "إننا نشعر بقلق عميق إزاء اندفاع المدعي العام في السعي للحصول على أوامر اعتقال والأخطاء الإجرائية المزعجة التي أدت إلى هذا القرار. لقد أوضحت الولايات المتحدة أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة قضائية على هذه المسألة".
اتهامات التجويع كمدخل للإبادة
في حكمهم، قال القضاة في الجنائية الدولية إن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت "حرما عمدًا وعن علم السكان المدنيين في غزة من أشياء لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية والإمدادات الطبية، بالإضافة إلى الوقود والكهرباء".
وكتب الخبراء أن القيود أدت إلى تعطيل قدرة المنظمات الإنسانية على توصيل الغذاء والمساعدات الطبية وكان لها "تأثير شديد على توفر المياه في غزة وقدرة المستشفيات على توفير الرعاية الطبية".
وأضافوا أنهم لم يجدوا "أي حاجة عسكرية واضحة أو مبرر آخر بموجب القانون الإنساني الدولي للقيود المفروضة على الوصول لعمليات الإغاثة الإنسانية".
وقال القضاة "لذلك وجدت الدائرة أسبابا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب".
وكتب القضاة أن نقص الغذاء والماء والإمدادات الطبية والوقود "خلق ظروفا معيشية مصممة لإحداث تدمير جزء من السكان المدنيين في غزة، مما أسفر عن مقتل المدنيين، بما في ذلك الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف".
"ولم تتمكن الأدلة من تحديد ما إذا كانت جميع عناصر الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة قد توافرت". لكن القضاة قالوا إنهم وجدوا أسبابا معقولة للاعتقاد بأن "الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في القتل ارتكبت فيما يتصل بهؤلاء الضحايا".
كما أكد القضاة أن نتنياهو وجالانت "مسؤولان أيضا عن إلحاق معاناة شديدة من خلال أفعال غير إنسانية بأشخاص يحتاجون إلى العلاج"، وذلك من خلال تقييد أو منع الإمدادات الطبية والأدوية من الدخول إلى غزة، وخاصة المخدرات وأجهزة التخدير.
وجاء في الحكم أن الأطباء أجبروا على إجراء عمليات جراحية لأشخاص مصابين وبتر أطراف، بما في ذلك على أطفال، دون تخدير، أو أجبروا على استخدام وسائل غير مناسبة وغير آمنة لتخدير المرضى، مما تسبب في ألم ومعاناة شديدين لهؤلاء الأشخاص.
وكتب القضاة أن "هذا يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية وأعمال غير إنسانية أخرى".
ووجد القضاة أيضًا أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان المسؤولية الجنائية باعتبارهما رئيسين مدنيين "عن جريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجمات متعمدة ضد السكان المدنيين في غزة".
وحددوا حادثين "يمكن اعتبارهما هجمات موجهة عمداً ضد المدنيين"، وقالوا إن هناك أسباباً للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت، "على الرغم من وجود تدابير متاحة لهما لمنع أو قمع ارتكاب الجرائم أو ضمان إحالة الأمر إلى السلطات المختصة، فشلا في القيام بذلك".