الساعة 00:00 م
الجمعة 04 يوليو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.55 جنيه إسترليني
4.71 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.92 يورو
3.34 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

‏على حافة الموت.. "بتول" طالبة التوجيهي تفرّقها شظية إسرائيلية عن حلمها

مليون نازح محشورون في مساحة ضيّقة بغزة.. و51 أمر إخلاء منذ استئناف الحرب

المساجد في عين العاصفة.. خطّة إسرائيلية مدروسة للانقضاض على هوية القدس

حجم الخط
استهداف الاحتلال لمساجد مدينة القدس
القدس – نواف العامر – وكالة سند للأنباء

لا يُضيّع الاحتلال الإسرائيلي أي فرصة يُمكن من خلالها العبث بهوية القدس والتنغيص على أهلها، والمضي قِدما نحو مخططاته الاستيطانية التهويدية في المدينة، بدا ذلك جليًا في سياسة الهدم المتصاعدة التي لم يسلم منها حتى المساجد.

فقبل نحو أسبوعين استفاق أهالي حي الشيّاح في جبل المبكر بمدينة القدس على مشهدٍ صعب حوّلت فيه جرافات الاحتلال مسجد الحيّ إلى أنقاض بعد 20 عامًا من الصمود في وجه كل المخططات التي حاولت استهدافه.

وتشير تقارير صحفية إلى زيادة عدد المساجد المهددة بالهدم منذ مطلع العام الجاري، في ظل وجود الوزير المتطرف إيتمار بن غفير في منصب وزارة "الأمن الداخلي" المسؤولة عن مراقبة أعمال البناء الفلسطيني في القدس، بعد أن كانت هذه المهمة محصورة في بلدية الاحتلال قبل السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023.

ويتذرع الاحتلال في تنفيذ عمليات الهدم بـ "البناء دون ترخيص"، في وقت لا تمنح التراخيص بحجة عدم وجود مخططات هيكلية للبناء، أو تفرض رسوماً مالية خيالية في مقابل الحصول على ترخيص بناء.

ويؤكد المستشار الإعلامي لمحافظة القدس معروف الرفاعي، أنّ الاحتلال يسعى لإضفاء الطابع اليهودي على المدينة وتغيير وضعها القانوني الحالي، عبر استهداف كل ما يثبت أحقيّة الفلسطينيين بأرضهم ومقدساتهم.

ويقول الرفاعي لـ "وكالة سند للأنباء" إنّ استهداف المنشآت والمباني الفلسطينية القائمة أو تلك التي يُشيّدها أهالي القدس، تأتي ضمن خطة تهويد ممنهجة من أهم أهدافها، الضغط على المقدسيين والتضييق عليهم بكل السبل لدفعهم للهجرة.

ويقع مسجد الشياح على مساحة تقدر بـ 80 مترا مربعا ويتكون من طابق واحد بسقف من "الزينقو" مع ساحة خارجية، وقد بُني قبل 20 عاما ليكون مكانا لأداء الصلوات وتعليم القرآن الكريم لسكان المنطقة. كما يحتضن المسجد جمعية "كتاتيب الإيمان"، التي تقوم بتحفيظ القرآن الكريم وتعليم السنة النبوية للأطفال وتنظيم أنشطة مختلفة للأطفال في الحي.

ويشدد الرفاعي أنّ المسجد بهذه الهيئة التي أُقيم عليها لا يخالف قوانين البناء المعمول بها لكن وجوده لا يروق للجمعيات الدينية الإسرائيلية والمتطرفين فكان الهدم من نصيبه.

ويكشف عن خطة استيطانية تقع منطقة المسجد من ضمنها لشق شارع استيطاني كبير أُعلن عنه مؤخرًا لربط مستوطنات جنوب القدس كجبل أبو غنيم مع مستوطنة "معاليه ادوميم" إضافة لأهمية موقعه الجغرافي قرب حاجز الشياح.

وينوّه الرفاعي إلى أنّ الاستهدافات تصاعدت عقب السابع من أكتوبر، وكان للمسجد الأقصى نصيب الأسد منها، بارتفاع لعداد المقتحمين من وزراء وأعضاء كنيسيت بلغ عددهم زهاء 63 ألفًا، عدا عن عمليات الهدم واستهداف المقدسات المسيحية.

تهيئة لاستهداف أكبر في القدس..

من جانبه يرى الباحث في شؤون القدس فخري ابو دياب أنّ الاحتلال يرصد عبر استهداف مساجد المدينة وضواحيها ردود الأفعال محليًا وعربيًا والبناء عليها في مراحل قادمة، معتبرًا ذلك خطوة لتهيئة الأجواء للاستهداف الكبير الذي سيطال المسجد الأقصى.

ويقول أبو دياب في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" إنها "وسيلة التدرج في تعويد الناس على أنّ المساجد ليست ذات قيمة ويُمكن أن يطالها الهدم كغيرها من الأبنية وصولا لهدم المسجد وتغيير معالمه ووجهه؛ ليمر الخبر على الناس بشكلٍ اعتيادي حينها".

ويتحدث عما أسماه "الهدم المعنوي في العاصمة القدس على وجه الخصوص موضحًا: "الهدف من هدم المنازل إفقاد المقدسي الأمان الاجتماعي، وهدم المنشآت والمحال التجارية لإفقاده الأمان المعيشي، بينما كشر مؤخرًا عن أنيابه بهدم المساجد لإفقاد المجتمع المقدسي الأمان الروحي والديني وتكمن خطورتها في التوطئة لتغيير المشهد والتركيبة السكانية وعنوانها أنّ الأقصى في عين العاصفة".

ويعتبر حي سلوان نموذجا في الاستهداف المعنوي والديني حيث تم تسليم أوامر لهدم ستة مساجد فيها من أصل ثمانية مساجد كونها محيطة بالمسجد الأقصى، وفق ما جاء في حديث أبو دياب، كما أنّ استهداف مسجد محمد الفاتح في حي رأس العامود يعد مثالا صارخًا على نوايا الاحتلال الاستيطانية.

والمسجد الفاتح بُني عام 1965 على أرض وقفية، وبتصاريح بناء أردنية، واضطر أهالي الحي قبل سنوات إلى توسيع مساحته لعدم اتساعه لكافة المصلين من دون تراخيص بعدما يئسوا من محاولات استصدارها، فتذرعت سلطات الاحتلال بـ "البناء دون ترخيص" وأصدرت أمرًا بالهدم.

ويؤكد فخري أبو دياب أنّ الاحتلال جعل مسجد الفاتح في عين الاستهداف، نظرًا لموقعه الاستراتيجي وسط البوابة الجنوبية للبلدة القديمة من القدس، علاوة على كونه ملاصقاً لمقبرة عين الزيتون اليهودية.

ويصف في ختام حديثه أنّ ما يجري بحق مساجد الفلسطينيين عمومًا ومدينة القدس على وجه التحديد هو بمثابة حرب دينية عقائدية فليس عبثًا أن تُهدم المقدسات وتستهدف بهذه الوتيرة المتصاعدة.

يتفق المختص بشؤون القدس الإعلامي عدي جعار مع سابقيه، بأنّ استهداف المساجد يأتي ضمن خطة مدروسة إسرائيليًا للنيل من قدسية المدينة ومحيطها.

ويُبيّن في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" أنّ مسجد الشياح ليس الوحيد الذي جرى استهدافه مؤخرا بل سبقه هدم العراعرة في التجمع البدوي قرب بلدة جبع، ومسجد عكاشة الذي تحول إلى كنيس يهودي ومسجد الرحمن في بيت صفافا الذي أُجري عليه التغيير لأن قبته ذهبية صفراء تحاكي قبة الصخرة وتستفز مشاعر المستوطنين.

وتوسع الاستهداف من وجهة نظر جعار ليشمل أئمة المساجد بالاعتقال والمحاكمة والتضييق والاعتقال البيتي وكان نصيب الائمة أحكاما رادعة بين 123 شهرا لتسعة أعوام بدعوى الدعاء لغزة يوم الجمعة.

ويعطي مثالا على ذلك بخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة، الذي نشر جماعات المستوطنين على مجموعاتهم خريطة لطريق منزله والدعوة لاستهدافه بالحجارة وإطلاق النار.