في قلب غزة التي تحتضر تحت وطأة الحرب، حيث لا تجد إلا آثار الدمار والشوارع التي تئن من كثرة الجراح، يظل الأمل ينبض في روح محمد العمرين، شيف بيتزا فلسطيني، لم يقتصر حلمه على صنع العجينة الإيطالية، بل حول شغفه إلى رسالة أمل، تجمع بين طعم الحياة ومرارة الواقع.
في شاحنة بيتزا صغيرة، تحمل كل قطعة منها دفء الفرح، لا يوزع محمد الطعام فحسب، بل يزرع الابتسامة على وجوه الناس الذين فقدوا الكثير، لكنهم لم يفقدوا الأمل.
من رفح إلى خان يونس، يجوب الشوارع المدمرة، ناقلًا السعادة والمودة بين الأزقة التي طالما شهدت القتل والدمار، مهمته لم تكن مجرد تقديم وجبة، بل أن يُعيد للحياة طعمها، وللقلوب نكهتها، ليقول من خلالها إن غزة لا تزال على قيد الأمل، وإنه رغم كل شيء، هناك دائمًا مجال للحلم.
"عرباية السعادة"..
يقول محمد العمرين، شيف بيتزا من غزة، إنه فقد كل شيء في الحرب، ولكنه لم يفقد الأمل على الرغم من التدمير الذي لحق بغزة، لم يتخل عن شغفه بالمطبخ الإيطالي.
ويضيف "العمرين" في تصريحاتٍ صحفية تابعتها "وكالة سند للأنباء"، أنه كان يحلم بحلم شاحنة البيتزا قبل الحرب، وبعد أن دمرت الحرب غزة وأحلامهم، تمكن من بناء مشروعه "ترك فود" الذي يوزع البيتزا مجانًا في شوارع المدينة المدمرة.
ويوضح "العمرين" أنه سافر إلى إيطاليا في 2023 ليتعلم أسرار العجينة الإيطالية، وقرر أن يعيد هذا الطعم المميز إلى غزة.
ويؤكد بنبرةٍ من الأمل أنه بدأ بتوزيع البيتزا مجانًا في المناطق المتضررة، وكان هدفه الأول رسم الابتسامة على وجوه الناس. وقال إنه أصبح الناس ينادونه بـ"عرباية السعادة" بسبب فرحتهم الكبيرة بما يقدمه لهم.
ويشير إلى أنه بدأ في رفح ثم انتقل إلى خان يونس، وعزم على الاستمرار في تقديم الوجبات للأطفال والأهالي في المناطق المدمرة.
بينما كانت غزة تواجه صعوبات لا حصر لها بسبب الحرب، كان محمد العمرين يقاوم التحديات بشجاعة وعزيمة لا تلين، وكان أكبر صعوبة يواجهها هي نقص الموارد الضرورية لتغطية احتياجات الأطفال في المناطق المتضررة.
ويقول "العمارين": "أكثر شيء يؤلمني هو أنني أرى الأطفال يتجمعون حولي، ولكن لا أتمكن من إعطائهم البيتزا لأن الكمية انتهت، هذه اللحظات تلاحقني دائمًا وتجعلني أبحث عن طرق لزيادة الإنتاج حتى أتمكن من تقديم الطعام لأكبر عدد من الأطفال".
لكن التحديات لم تتوقف عند هذا الحد؛ بل كان "العمارين" يواجه صعوبة كبيرة في بناء عربة الطعام في ظل الأوضاع الصعبة، مُضيفًا: "كنت أجمع القطع اللازمة لبناء العربة تدريجيًا، يومًا بعد يوم، وأحيانًا لم أتمكن من العثور على أكثر من قطعة واحدة، لكن رغم كل هذه الصعوبات، لم أستسلم. بفضل الله، أكملت العربة وتمكنت من تحقيق حلمي في ظل الظروف الصعبة".