تمر الذكرى الـ31 لمجزرة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، تلك الجريمة البشعة التي ارتكبها المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين في 25 فبراير 1994، خلال شهر رمضان.
ففي فجر يوم الجمعة الـ 25 من شهر فبراير لعام 1994 (15 من رمضان 1415 للهجرة) وقف المستوطن باروخ غولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد وانتظر حتى سجد المصلون الذي كان عددهم زهاء 450 فلسطينيًا، وفتح نيران سلاحه الرشاش عليهم وهم سجود.
هاجر "غولدشتاين" من الولايات المتحدة في عام 1980 واستقر في مستوطنة "كريات أربع"، لم يكن منفردًا في فكره، بل كان جزءًا من مشروع استيطاني عنصري يستهدف تهويد الأرض الفلسطينية وتغيير هويتها، وبدلاً من أن يكون هذا الفعل البشع بداية النهاية لعنف المستوطنين، فقد أصبح سابقة تُضاف إلى سلسلة طويلة من جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين.
واليوم، ومع مرور 31 عامًا على تلك المجزرة، نجد أن مشهد الدماء الفلسطيني لا يزال يتكرر، كما شهدنا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، فمن مجزرة المسجد الإبراهيمي إلى مجازر غزة، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يمارس نهجًا إجراميًا ممنهجًا ضد الشعب الفلسطيني في كافة أنحاء فلسطين.
"جريمة بشعة"..
في أعقاب ذلك، أغلقت قوات الاحتلال أبواب المسجد على من كان داخلها، ومنعت دخول القادمين من خارج المسجد لإنقاذ الجرحى.
وشهدت مدينة الخليل حالة من التوتر والاحتقان، ومع تشييع الضحايا، أطلق جنود الاحتلال النار على المشيعين، ما أسفر عن استشهاد 21 آخرين، ليصل عدد الضحايا إلى 50 شهيدًا وأكثر من 150 جريحًا، سرعان ما توسعت المواجهات في الخليل، وارتفع عدد الشهداء إلى 60 شهيدًا.
وفي رد على المجزرة، نفذت كتائب عز الدين القسام عدة عمليات استشهادية في الفترة بين أبريل وديسمبر 1994، أسفرت عن مقتل 36 إسرائيليًا وإصابة أكثر من 100 آخرين.
"إجراءات تهويدية"..
وشرعت قوات الاحتلال في إجراءات تهويدية قاسية، ففرضت حصارًا على المسجد وأغلقت البلدة القديمة لمدة ستة أشهر بحجة التحقيق في الجريمة.
وفي وقت لاحق، قررت حكومة الاحتلال تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعًا احتلاليًا على الحياة اليومية للمواطنين في البلدة القديمة.
وفرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي واقعًا احتلاليًا قاسيًا على حياة الفلسطينيين في البلدة القديمة بالخليل، حيث وضعت الحراسات المشددة على المسجد الإبراهيمي وأقامت بوابات إلكترونية عند مداخله، كما منحت السلطات الإسرائيلية اليهود السيطرة على نحو 60% من مساحة المسجد، في خطوة تهدف إلى تهويده والاستيلاء عليه بشكل كامل.
ولاحقًا، نصب الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على جميع المداخل، وأغلق معظم الطرق المؤدية إلى المسجد أمام المسلمين، تاركًا بوابة واحدة فقط تخضع لإجراءات أمنية مشددة، كما أغلقت السلطات سوق الحسبة، وخاني الخليل، وشارعي الشهداء والسهلة، مما أدى إلى عزل البلدة القديمة عن محيطها.
وعزز الاحتلال من الإجراءات الأمنية حول المسجد، شملت نقاط مراقبة عند مدخل المسجد وبوابة القفص، إضافة إلى تثبيت 26 كاميرا داخل المسجد، واستخدام إضاءات كاشفة وأجهزة استشعار صوتية ومرئية.
ومنذ تلك اللحظة، تصاعدت الاعتداءات على المسجد الإبراهيمي، وتواصلت عمليات إغلاق البلدية القديمة في محيطه، بما في ذلك شارع الشهداء، الذي يعتبر الشريان الرئيسي لحياة الفلسطينيين، مما أسفر عن إغلاق مئات المحلات التجارية في المنطقة.