في تحول لافت، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية مفاوضات مباشرة مع حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، هي الأولى منذ العام 1997؛ والتي تأتي في سياق بحث صفقة لإطلاق سراح الأسرى؛ وضمن بحث سياقات اليوم التالي؛ كما ينقل مراقبون.
الخطوة غير المسبوقة؛ جاءت بعد عقود صنفّت فيها واشنطن الحركة كمنظمة إرهابية؛ وأثارت قلقا بالغا لدى أوساط القرار في حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ تبعا لما رصدته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤولين في حكومته.
وتمثل المفاوضات الأمريكية المباشرة مع حماس، تطورًا مهمًا في السياسة الإقليمية، مع احتمالات متعددة تتراوح بين تحقيق تهدئة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وصولًا إلى تغييرات أوسع في الديناميكيات السياسية.
ويعتقد مراقبون أن خيارات نتنياهو في التعامل مع هذه المفاوضات، ستعتمد على التوازن بين الضغوط الداخلية والمصالح الإستراتيجية لـ "إسرائيل".
وتسعى المفاوضات أيضا، وفق إعلان مسؤولين أمريكيين، لتحقيق وقف إطلاق نار طويل الأمد بين "إسرائيل" وحماس، في ظل تعثر الوصول للمرحلة الثانية من الاتفاق.
وتطرح هذه التطورات الديناميكية في الموقف الأمريكي تجاه حركة حماس، تساؤلات حول خيارات نتنياهو بالتعامل معها، خاصة وأن جميعها تضعه في خانة الخيارات الصعبة؛ كما يصنفها المراقبون.
النائب العربي السابق في الكنيست الإسرائيلي إمطانس شحادة؛ يقول إنّ هذه الخطوة أثارت قلقًا لدى نتنياهو؛ لكنّه مرتبط برغبته في طمأنة أمريكية تجاه الموقف؛ وليس في إطار الرفض.
يعددّ شحادة في حديثه لـ "وكالة سند للأنباء"؛ مجموعة عوامل تكبح غضب نتنياهو تجاه هذا الفعل؛ يتمثل أهمها في الترحيب الكبير من النخب الإسرائيلية لهذا المسار؛ والذي يمثل ضغطا أمريكيا مباشرا يدفع الأطراف نحو الالتزام تجاه واجباتها من الاتفاق.
ثانيها يتمثل في رغبة عوائل الأسرى والمحتجزين؛ وجود هذا الدور الضاغط على نتنياهو؛ خاصة في ظل صورتين متقابلتين ظهرتا في المرحلة الأولى؛ تتمثل أولاهما بالإفراج عن أسرى أحياء وآخرين جثامين؛ وهي الصورة المرعبة التي لا ترغبها العوائل.
وبات في حكم اليقين؛ أن خيارات نتنياهو الشخصية تغلبه في التعامل مع ملف الأسرى؛ الأمر الذي يفاقم من حدّة الغضب المرتبط بهذه العوائل؛ وحاجتها لواشنطن كطرف ضاغط.
العامل الأبرز والأهم؛ يتمثل في حاجة نتنياهو لضمانات أمريكية تتعلق بملفات استراتيجية له؛ تضمن بقاءه أولا في الحكم؛ وثانيا تؤهله للعودة مجددا من بوابة الانتخابات المزمعة العام القادم؛ وفي القلب منها ملفات التطبيع وفتح العلاقات الاستراتيجية مع الفضاء العربي.
خياران سيئان
بين الاستمرار أو العرقلة؛ يراوح نتنياهو في موقعه؛ لكن يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي؛ أن خيارات المراوحة باتت ضيقة لديه؛ خاصة في ظل المشهد السياسي الذي تعامل به ترامب مع الرئيس الاوكراني زيلنسكي؛ بعد طرده من البيت الأبيض.
يضيف مجلي لـ "وكالة سند للأنباء": "نتنياهو كان لديه علم مسبق بهذه اللقاءات؛ وبات واضحا لديه خطورة الحسابات الشخصية في التعامل مع الموقف".
ويشير مجلي؛ لوجود مجموعة مكتسبات يحاول نتنياهو الحصول عليها؛ أهمها ما سينتجه الحوار الأمريكي الإسرائيلي فيما يتعلق بمستقبل الحكومة و"إسرائيل" أيضا في المنطقة.
كما أن سيناريو الانتخابات؛ قد يدفعه للقبول بالصفقة؛ لكسب الأصوات التي خسرها؛ وتوجهت غالبا لليمين الوسط؛ ويحتاج بعد عام ونصف للوصول إلى منطقة آمنة؛ يكسب فيها الأصوات على قاعدة ما حققه في الحرب من اغتيالات؛ واستعادة الأسرى.
سيناريوهات
وعلى ضوء ما سبق؛ يبرز سيناريو تعاون نتنياهو مع الجهود الأمريكية كخيار أولي؛ خاصة في ظل حاجته للدعم الأمريكي وافتقاره للمناعة السياسية الداخلية التي تؤهله لرفض الموقف الأمريكي؛ خاصة وأنها ستدفع في المحصلة لتحقيق أهدافه من الناحية السياسية المتعلقة بإعادة الأسرى؛ وإزاحة حماس عن مشهد إدارة القطاع.
كما يمكن لنتنياهو الاستمرار في المفاوضات غير المباشرة مع حماس عبر الوسطاء، مع التركيز على قضايا مثل تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.