في ساعات الفجر الأولى، بينما كانت مدينة نابلس تلفها سَكينة ما قبل النهار، استيقظت عائلة "خماش" على أصوات جنود الاحتلال الإسرائيلي التي سرعان ما تحولت إلى كابوس مرعب.
لم يكن حمزة، الشاب الذي كان يشارك عائلته لحظات السمر قبل أن يداهمهم الظلام، يدرك أن هذه الليلة ستكون الأخيرة في حياته، لم يكن يعلم أن جدران منزله التي طالما احتضنت ضحكاتهم ستشهد لحظات رعب وألم لا يمحوها الزمن، إنها حكاية فجرٍ تحول إلى فاجعة، وروحٍ صعدت إلى بارئها ظلماً، تاركة خلفها عائلة مفجوعة ومدينة تنزف حزناً وغضباً.
سعيد خماش، والد الشهيد، بصوتٍ يعكس هول الفاجعة: "في حوالي الساعة الواحدة والنصف فجراً، وبينما كان حمزة مستيقظاً مع عائلته، سمعنا أصوات انفجارات هزت الحي القديم".
ويتابع: "بعد صلاة الفجر، وبينما كنا نحاول استيعاب ما جرى، فُوجئنا بقوة خاصة تابعة للاحتلال تفجر باب منزلنا، لم يتمالك حمزة نفسه، أراد فقط أن يعرف ما الذي يحدث، فما كان من جنود الاحتلال إلا أن أطلقوا النار عليه مباشرة في فخذه دون أي إنذار."
ويضيف الأب المكلوم بمرارة: "لم يكتفوا بإصابته، بل قاموا بإسقاطه أرضاً وهو ينزف، ثم أمروا جميع من في المنزل بالخروج، قيدوا ولديّ أنس ويوسف، واعتقلوا يوسف، وتجاهلوا توسلات والدة حمزة وصراخها بأن ينقلوا ابنها المصاب الذي ينزف بغزارة إلى المستشفى."
ويردف الأب حديثه بصوتٍ خنقته العبرات: "بعد وقتٍ عصيب، وصلت سيارات الإسعاف، لكن جنود الاحتلال منعوها من الاقتراب وتقديم أي إسعافات أولية لحمزة، لم يسمحوا للطواقم الطبية بالوصول إليه إلا بعد مناشدات وتوسلات عديدة، ولكن كان الوقت قد فات، فقد نزف حمزة دمه الطاهر وفارق الحياة أمام أعيننا."
ويختتم والد الشهيد حديثه: "حمزة لم يكن ينتمي لأي فصيل، كان شاباً بسيطاً يساعدني في عملي، لقد اغتالوه بدم بارد وبشكل وحشي غير مبرر، ودمروا محتويات غرف المنزل، أي خطر كان يشكله شاب أعزل داخل بيته؟
من جهته، أكد مدير الإغاثة الطبية في محافظة نابلس غسان حمدان، أن الشهيد حمزة لم يكن يشكل أي خطر على جنود الاحتلال، موضحا أن إطلاق النار عليه كان عملاً غير مبرر على الإطلاق.
وأشار حمدان إلى أن الإصابة كانت في الشريان الرئيسي في ساقه، وهذا ما تسبب في النزيف الحاد الذي أودى بحياة الشهيد حمزة خماش.
ويشدد: "لقد تعمد جنود الاحتلال ترك الشاب حمزة ينزف، وعرقلوا بشكل متعمد وصول سيارات الإسعاف إليه، وهذا ما أدى في نهاية المطاف إلى استشهاده. هذا عمل مشين يتنافى مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية."