اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي بالتواطؤ والصمت المريب، مؤكدة أن استهداف الاحتلال الإسرائيلي الوحشي للمستشفى المعمداني في مدينة غزة وتدميره بالكامل، لم يكن ليحدث لولا هذا التقاعس المستمر عن تحمل المسؤولية.
وأشارت "الخارجية" في بيانٍ لها، إلى أن الاحتلال سبق أن دمّر عمدًا 34 مستشفى في قطاع غزة، وأخرجها عن الخدمة بشكل منهجي، ضمن سياسة متكاملة تشمل أيضًا تجويع السكان، وحرمانهم من المياه والدواء، في انتهاك صارخ لكل المواثيق والقوانين الدولية.
ورأت الخارجية أن استهداف المرافق الصحية والطواقم الطبية يُعد من أبشع مظاهر الإبادة الجماعية، ويجسد استهتارًا سافرًا بالضمير العالمي، ويمثل جزءًا من مخطط إسرائيلي متعمد لتدمير مقومات الحياة في غزة، وتحويلها إلى منطقة غير قابلة للعيش، لدفع سكانها نحو التهجير القسري.
وأكدت أن مجلس الأمن الدولي يتحمل المسؤولية الكاملة عن فشله في وقف الإبادة الجارية، وفي إلزام الاحتلال بفتح المعابر، وتأمين تدفق المساعدات، والبدء الفوري في جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، مطالبة بتحرك عاجل لوقف ما وصفته بالمجزرة المفتوحة بحق المدنيين في القطاع.
وقصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية فجر اليوم الأحد مبنى الاستقبال في المستشفى المعمداني بصاروخين، ما أدى إلى تدميره بشكل كامل، واندلاع حرائق كبيرة التهمت أقسام الاستقبال والطوارئ والمختبر والصيدلية، متسببة بأضرار جسيمة عطّلت عمل المستشفى بالكامل.
وسبق الاستهداف تهديد مباشر من جيش الاحتلال، أرغم المرضى والجرحى على مغادرة المستشفى تحت وطأة الخوف، واضطر كثيرون منهم لافتراش الشوارع المحيطة وسط برد قارس، بعد أن فقدوا الملاذ الأخير الذي يؤويهم.
وبخروج المعمداني عن الخدمة، خسر أكثر من مليون فلسطيني في محافظتي غزة وشمال غزة أحد آخر المراكز الطبية التي كانت تقدم خدماتها في ظل الانهيار الشامل للمنظومة الصحية، نتيجة سياسة ممنهجة استهدفت البنية الطبية في القطاع، منذ بداية حرب الإبادة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي طالت المستشفيات والمراكز الصحية بلا استثناء.
وطوال الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرًا، بقي المستشفى المعمداني في غزة شاهدًا على الألم والصمود، لا سيما بعد أن تحوّل إلى أحد أهم المراكز الطبية في شمال القطاع، عقب الدمار الواسع الذي ألحقه الاحتلال بمجمع الشفاء الطبي والمستشفيين الإندونيسي وكمال عدوان.
ويقع المستشفى في الأطراف الشمالية لحي الزيتون جنوب مدينة غزة، وتديره الكنيسة الأسقفية الأنغليكانية في القدس، ويُعد من أقدم مؤسسات الرعاية الصحية في المدينة، إذ يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1882.
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصدّر المستشفى واجهة المجازر المروعة حين قصفت طائرات الاحتلال باحته خلال لجوء مئات النازحين والمرضى والجرحى إلى أسواره، مما أدى إلى استشهاد 471 فلسطينيًا وإصابة مئات آخرين، في واحدة من أبشع جرائم الحرب التي أثارت غضبًا واسعًا وردود فعل دولية منددة، ومطالبات متجددة بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني والمنشآت المدنية والطبية في القطاع.