حذر مدير مستشفى أصدقاء المريض المتخصص في علاج الأطفال بمدينة غزة، الطبيب سعيد صلاح، من التدهور المتسارع في الحالة الصحية للأطفال جراء سوء التغذية الحاد والمتوسط، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع، وصعوبة إدخال المساعدات الغذائية.
وقال "صلاح" في تصريحاتٍ صحفية تابعتها "وكالة سند للأنباء"، إن المستشفى يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، مشيرًا إلى أن عدد الحالات التي تتطلب المبيت داخل المستشفى تضاعف بشكل ملحوظ.
وأضاف: "ما نشهده اليوم ليس مجرّد أرقام تتصاعد، بل واقع مرير ينذر بكارثة صحية حقيقية. دخول ثلاث إلى خمس حالات يوميًا من الأطفال للمبيت بسبب سوء التغذية، يكشف أن الوضع يتدهور بسرعة مخيفة، وأننا على أعتاب أزمة إنسانية غير مسبوقة".
وأكد "صلاح" أن الأطفال بين سن 6 أشهر و5 سنوات هم الفئة الأكثر تضررًا، محذرًا من أن القطاع يواجه خطر مجاعة حقيقية تهدد حياة الآلاف من الأطفال إذا لم يتم التدخل العاجل.
وقال: "ما نعيشه اليوم لا يُختزل بتحذير عابر، بل هو ناقوس خطر ندقّه للعالم بأسره، نحن أمام كارثة صحية تتدحرج سريعًا، ولن يكون بالإمكان وقفها ما لم تُفتح أبواب الغذاء والمكملات الغذائية على مصراعيها، وبشكل عاجل ومنتظم."
وأوضح مدير المستشفى أن محاولات إدخال كميات محدودة من المساعدات الغذائية خلال فترات التهدئة أسهمت مؤقتًا في تخفيف الأزمة، لكنها لم تكن كافية أمام تزايد الاحتياجات، خاصة بعد عودة التصعيد وتجدد القيود المفروضة على المعابر.
وبيّن "صلاح" أن المستشفى يستدعي يوميًا قرابة 200 طفل للفحص الطبي، ممن يُشتبه بإصابتهم بسوء التغذية، فيما يتم إدخال من تستدعي حالته المتابعة إلى برامج علاجية خاصة داخل المستشفى.
وفيما يتعلق بالمكملات الغذائية، أكد صلاح أنها ضرورية في ظل غياب بدائل غذائية متكاملة، مشددًا على أن الكميات المتوفرة حاليًا لا تفي باحتياجات الأطفال في القطاع، لا سيما الفئات الأكثر هشاشة.
وأضاف: "نشجع الأهالي على إعطاء المكملات الغذائية للأطفال، خصوصًا من عمر 6 أشهر إلى 5 سنوات، فهي آمنة وضرورية، بل وقد تكون الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياة الكثيرين".
ويواجه قطاع غزة أسوأ أزمة إنسانية منذ أكثر من 18 شهرًا؛ جراء استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية والحصار المبطق، إذ تفاقمت بسبب ذلك الظروف الصحية والمعيشية للمدنيين عمومًا، والنساء والأطفال على وجه الخصوص، فقد لوحظ زيادة في حالات الإصابة بسوء التغذية، والإجهاض، والحاجة لدخول الحضّانات.
فيما تشير تقديرات حديثة نقلتها وكالة أسوشيتد برس عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لارتفاع عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج نتيجة سوء التغذية إلى 3600 طفل بعد أن كان عددهم ألفي طفل الشهر الماضي.
وأمس الأربعاء، أكد مدير مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي، أن القطاع يشهد أزمة حادة في توفير الغذاء والعلاج اللازم للأطفال المصابين بسوء التغذية، خاصة في ظل النقص الحاد في الأدوية وحليب الأطفال.
وأضاف أن حالة الطفل أسامة الرقب تمثل صورة حية لما يعانيه الأطفال في غزة جراء عدم توفر مصادر التغذية السليمة والمياه الصالحة للشرب، وهو ما يفاقم أزمة الصحة العامة في القطاع.
وحذر الفرا من أن القطاع دخل الآن في المرحلة الخامسة من سوء التغذية، وهي المرحلة الأكثر خطورة وفقًا لتصنيف منظمة الصحة العالمية، حيث تزداد الإصابات بشكل ملحوظ بين الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن والضعف العام نتيجة سوء التغذية المزمن.