كشفت تحقيقات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول المعركة التي دارت على شاطئ وكيبوتس "زيكيم" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عن إخفاقات لجنود الاحتلال من لواء "غولاني" وهروبهم أمام مقاتلي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس".
وأظهر التحقيق الذي نشرت نتائجه اليوم الأحد، أن أداء جنود الاحتلال كان ضعيفا، وأسهم بشكل مباشر في نتيجة المعركة في شاطئ "زيكيم".
ووصف التحقيق أداء جنود الاحتلال بأنه "فشل أخلاقي ومهني هائل"، مشيرا إلى أن الجندي في مثل هذه المواقف يتوقع منه أن يتقدم ويضحي بحياته إذا لزم الأمر.
وكشف التحقيق أن قائد القطاع البحري في الجيش تجنب كارثة أكبر عندما قرر التحرك بقواته خلافا للتعليمات، رغم التخلي عن قيادة العمليات في اللحظات الحرجة.
وأظهر التحقيق وجود تباين مقلق في طريقة تناول الأحداث بين مستوطنة "نتيف هعسرة"، القريبة من شاطئ "زيكيم"، وبين ما جرى على الشاطئ وفي كيبوتس "زيكيم".
ففي كلتا الحادثتين، لم يكن هناك تفوق عددي ملحوظ، بل كانت المواجهات متكافئة من حيث العدد بين جنود الاحتلال ومقاتلي وحدة النخبة التابعة لكتائب القسام.
ومع ذلك، كانت القوات الإسرائيلية محدودة العدد وتحت قيادة ميدانية ضعيفة، حيث تولى زمام الأمور قائد فرقة تواصل مع جنوده عبر جهاز لاسلكي، واتخذ قرارات عملياتية خاطئة على الأرض.
وبحسب التحقيق، تميزت هذه القيادة الميدانية بسلوكيات اتسمت بالتراجع وعدم المبادرة إلى الاشتباك المباشر مع المقاتلين الفلسطينيين، ما أدى إلى أداء عسكري ضعيف لم يرتقِ إلى مستوى التحدي، سواء في "نتيف هعسرة" أو على شاطئ "زيكيم".
وفي كلتا الحالتين، كشفت التحقيقات عن إخفاقات مبكرة صادمة، لم تكن ناتجة عن أداء الجنود في الميدان، بل تعود إلى الضباط المسؤولين عن القطاع، وخصوصا أولئك التابعين للواء الشمالي في فرقة غزة.
ورغم حجم الفشل، لم تتم محاسبة أي من القادة، ولم يُتخذ بحقهم أي إجراء تأديبي أو إداري.
كما كشف تحقيق معركة شاطئ "زيكيم"، أن التعليمات التي صدرت لقائد السرية المسؤولة عن القطاع كانت مثيرة للدهشة، إذ طُلب منه، في حال حدوث إنذار، أن يغادر مقر السرية ويتجه مباشرة إلى الملجأ، ما يعكس مستوى الارتباك وضعف الجهوزية في صفوف القيادة.
وطوال تسع دقائق حاسمة أعقبت بدء الهجوم المفاجئ في الساعة 6:29 صباحا من يوم 7 أكتوبر، وهي فترة قصيرة زمنيا لكنها حاسمة ميدانيا، غاب الجندي المسؤول عن تلقي الاتصالات اللاسلكية ونقل المعلومات الحيوية.
فقد كانت وظيفة هذا الجندي تلقي البلاغات حول ما يجري في الميدان، والإبلاغ عن التسللات، وتنسيق التواصل بين الكتيبة والوحدات المختلفة، لكنه لم يكن في موقعه داخل مقر السرية، بل كان مختبئا داخله، عاجزا عن أداء دوره في لحظة فارقة.
وحسب التحقيقات فإن السرية نفسها التابعة للواء "غولاني" كانت متورطة في الحادثتين، حيث تعمل تحت قيادة الكتيبة المدرعة 77، وقد شابت هذه القضايا إخفاقات واضحة منذ بداياتها.
وأثناء المعارك التي خاضها اللواء الشمالي ضمن فرقة غزة، ارتكبت أخطاء إضافية، كان من أبرزها نسيان جثث سبعة جنود إسرائيليين داخل ملجأ على الشاطئ لمدة أسبوع كامل، بعد أن قُتلوا نتيجة استهدافهم بقاذفة قنابل وإطلاق نار كثيف.
ورغم كل هذه الإخفاقات، لم يتخذ الجيش أي إجراءات عقابية ضد ضباطه المسؤولين عنها، وذلك بقرار مدروس ووفقاً للنهج الذي تبناه رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي.
يشار إلى أن العديد من هذه الإخفاقات تم كشفها في وقت مبكر بعد الهجوم المفاجئ، إلا أن الضباط الذين أهملوا في البداية، هم أنفسهم من قادوا لاحقا العمليات الميدانية في غزة.
وفي إطار التحقيق بأحداث شاطئ "زيكيم"، برز مشهد إقدام ستة جنود من لواء "غولاني" على مغادرة موقعهم في موقف سيارات قرب الشاطئ، قبل أن يتراجعوا ويهربوا فعليا بعد أن رصدوا نحو عشرة مقاتلين من "القسام" على مقربة منهم، لا تفصلهم سوى عشرات الأمتار.
ونتيجة لهروب جنود "غولاني" من موقعهم، تمكن مقاتلو القسام من تنفيذ الهجوم الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 إسرائيليا من أصل 17 كانوا في المنطقة.
وأشار التحقيق إلى أن الجنود لم يبدوا الشراسة المتوقعة منهم في مثل هذه الظروف، واعتبر ذلك إخفاقا كبيرا، إذ يفترض بالجنود في مواقف كهذه أن يواجهوا العدو ويتقدموا في القتال، حتى وإن كان الثمن حياتهم.
وأشار التحقيق إلى أن مقاتلي وحدة النخبة استغلوا انسحاب عناصر "غولاني" للاستيلاء على مركبة سافانا التي تركوها خلفهم، ثم استخدموها للتوجه إلى كيبوتس "زيكيم".