في مخيمٍ مكتظٍّ بالحياة والوجع، كان صوت حسن يعلو بين الأزقة المُنهكة، يردد بألمٍ يشبه ألم الكبار: "اشهد يا عالم علينا وهدموا بيوت"... لم يكن يدري أن النشيد الذي أحبّ، سيغدو شاهدًا عليه، وأن البيوت التي غنّى لها، ستُهدم فوق قلبه الصغير.
استُشهد الطفل حسن علاء عياد، أحد أبناء مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، إثر قصف إسرائيلي دمّر المكان الذي كان يأوي إليه، ليُضاف اسمه إلى قوافل الوجع الفلسطيني، لاجئًا صغيرًا وُلد لاجئًا ومات لاجئًا، ولم يُكمل بعد عامه الرابع عشر.
عرفه المخيم بصوته الطفولي الصادق، وهو يصدح في المسيرات والمناسبات الوطنية، يحمل في حنجرته الصغيرة وجع القضية وكرامة الوجع، كان حسن يغني لا ليُطرب، بل ليُذكّر، وكان من القلائل الذين يجعلونك تُنصت لا لصوتهم فقط، بل لما في الصوت من حقيقة موجعة.
لم تسلم طفولته من الحرب، ولم يُمهله القصف ليحمل صوته نحو فضاء أوسع، "وكالة سند للأنباء" رصدت تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي مع خبر استشهاد حسن، حيث عبّر ناشطون عن حزنهم العميق لفقدان صوتٍ صغير كان يحمل همًّا كبيرًا، وأعادوا تداول مقاطع مصوّرة له وهو يغني، وكتبوا: لقد ارتقى من كان يُغنّي لفلسطين، إلى فلسطين.
استـ ـشهاد الطفل حسن علاء عياد 💔
— صالح الجعفراوي SaLeh AL-jafarawi 𓂆 (@salehaljafaraw) May 5, 2025
كان الطفل حسن موهوب في الغناء وبقدم رسالة هادفه بصوتو وكان والده علاء بشجعو دايماً
الله يرحمك ياا حسن ويصبر قلبك ياا أبو حسن 💔 pic.twitter.com/0sfZae1fVf
اشهد يا عالم علينا - الشهيد حسن علاء عياد pic.twitter.com/XUqTsmFvDr
— وطن (@socialsavant_me) May 5, 2025
وفي مشهد وداعٍ مفجع، وقف والده فوق نعشه يودّعه كما كان يشاركه الغناء: بصوت متهدّج يختلط فيه النشيج بالدمع، صاح: "زفوا حسن لأمه.. الأقصى بيجري بدمه"، ثم قال بصوت مكسور: "حسن كسر ظهري.، كلمات اختزلت عمق الخسارة، ليس فقط لفقدان الابن، بل لفقدان من كان يشاركه الصوت والرسالة والحلم.
واستشهد الطفل حسن علاء عياد في الغارتين اللتين شنهما الاحتلال الإسرائيلي على منطقة تبة النويري ومحيط برج النوري غرب مخيم النصيرات، الغارة الأولى استهدفت دراجة نارية "تكتك" في محيط الحساينة غرب المخيم، بينما استهدفت الثانية سيارة مدنية قرب برج النوري؛ وأسفر ذلك عن ارتقاء 9 شهداء على الأقل وعدد من الجرحى.
وتُواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، استئناف جريمة الإبادة الجماعية والتجويع ضد المدنيين في قطاع غزة لليوم الـ 50 على التوالي، تزامنًا مع فرض حصار مُطبق على القطاع بإغلاق المعابر كافة ومنع إدخال الدواء والمساعدات الإنسانية والغذاء.