الساعة 00:00 م
الجمعة 10 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.67 جنيه إسترليني
5.26 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.02 يورو
3.73 دولار أمريكي

بالفيديو والصور غادرها والحسرة تأكل قلبه.. مراد العباسي يودّع عائلته مبعدًا عن القدس بشكلٍ دائم

حجم الخط
مراد العباسي - قدس
بيان الجعبة - وكالة سند للأنباء

"ليلة تبدو وكأنها من وحي الخيال، انتظرت أن تنتهي وحشتها لكنّ الحقيقة صادمة!"، بهذه الكلمات يصف الناشط المقدسي مراد العباسي ليلته الأولى التي قضاها بعيدًا عائلته ومنزله، عقب مغارته القدس لخارج الجدار الفاصل، تنفيذًا لقرار إبعاده عن المدينة بشكل دائم.

مراد العباسي (41 عامًا) وهو أبٌ لستة أطفال، كان يعيش مع عائلته في حارة العباسية ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، وبين ليلةٍ وضحاها، أصبح وحيدًا في غرفة صغيرة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، فما أصل الحكاية؟

يقول "العباسي" لـ "وكالة سند للأنباء" إن الاحتلال سلّمه يوم 19 مايو/ أيار الماضي، قرارًا بالإبعاد الدائم عن القدس، خلال 14 يومًا كحدٍ أقصى، وبعد انتهاء هذه المادة سيكون معرضًا للاعتقال، ومن يستضيفه سيُلزم بدفع غرامة تُعادل 1500 دولار.

مراد العباسي.jpg
 

ويملك "العباسي" البطاقة الزرقاء (هوية خاصة بأهل القدس) منذ عام 2015، بعد 14 عامًا من زواجه بسيدة مقدسية، وبدت حياته تتحسن بعدها، لكن الأمر لم يدم طويلًا، إذ جمّد الاحتلال قرار "لم الشمل" الخاص به عام 2017.

ويؤكد ضيفنا أن عائلته تعد العائلات الأصيلة في "سلوان"، لكنه لم يحصل على الهوية الزرقاء لأن جده كان يعمل برام الله عند احتلال القدس عام 1967، حيث أصدر الاحتلال هذه الهويات آنذاك فقط للموجودين في المدينة، مستثنيًا أبناء القدس الذين كانوا موجودين خارجها.

ومنذ تجميد قرار "لمّ الشمل" بدأ "العباسي" بخوض سجال قانوني، ففي نهاية 2021، توجه لـ "وزارة الداخلية" الإسرائيلية في القدس، لتجديد إقامته كالمعتاد، لكنه اصطدم بقرار "رفض التجديد، لأنه لا يحترم إسرائيل وقوانينها" وأن لديهم معلومات سرية تدعم ذلك.

وتعرض في ذات العام للاعتقال والتحقيق عدم مرات، وفي شهر مارس/آذار الماضي، تلقى ضيفنا قرارًا نهائيًا يقضي بطرده من مدينة القدس، بحجة التواجد "غير القانوني" وملفات سرية أخرى؛ ثم في النهاية أمهلته سلطات الاحتلال 14 يوماً لمغادرة المدينة بشكل نهائي.

ويعمل "ضيف سند" في مكتب للنقل العام بحي عين اللوزة، وهو الإبن الأكبر والمعيل الوحيد لوالديه وزوجته وأطفاله الستة، الذين لا يمكنهم الانتقال للعيش معه في رام الله، خشية سحب وثائق إقامتهم في القدس.

ويرفض "العباسي" بشكل قاطع انتقال عائلته للعيش معه في رام الله، لماذا؟ يرد: "ليس من أجل بطاقة الهوية فقط، إنما لتفويت الفرصة على الاحتلال بتحقي قهدفه بإفراغ مدينة القدس من أهلها".

وتجمع "مراد" يوم الجمعة الماضي مع عائلته في سفرة غداء أخيرة عقب عليها: "تعوت أن أتقاسم وجبة الغذاء بين أمي وأطفالي، لكن بعد قرار الترحيل، سأكون وحيدًا لا مع أمي ولا مع أبنائي، في أكثر من هيك وجع!" ، في مشهدٍ أثار تعاطف الفلسطينيين على منصات التواصل الاجتماعي.

F6BF274C-12EF-4C2B-BB15-A1DD597AE4D7.jpeg
 

وداع فاق التوقع..

"غازي"، الابن الأكبر لمراد العباسي، رفض المشاركة في حفل تخرج الثانوية العامة في مدرسته قائلا: "لا أريد هذه الفرحة بدون أن يكون والدي بجانبي"، وهذا ماشكّل صدمة أخرى لوالده الذي يقول: "إن الملف السري أماتني وأنا على قيد الحياة".

وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل مقطعًا مصورا يظهر خلاله "مراد" أثناء توديع عائلته وأطفاله في لحظات مؤثرة حاولوا فيها إخفاء دموعهم مع ترديدهم عبارات "الله معك، الله معك ويسهل عليك، الله ينتقم منهم".

وعن هذا الوداع، يُحدثنا، بصوتٍ خفيض: "كل ما ظهر عبر الصور والفيديو في الإعلام لا يصف حجم الألم والحسرة التي تعتريني وعائلتي؛ نعم توقعت أن يحدث هذا، لكن لم أتوقع أن يكون بهذه القسوة التي لا يمكن وصفها".

ويلفت إلى أنه أنه لن يتوقف وسيجتهد للعودة إلى منزله وعائلته؛ مسهبًا: "لن أفقد الأمل، وكلي إيمان بأن عودتي ستكون مسألة وقت، لأنني صاحب حق، وقصور الدنيا لن تُنسيني حبّة عنب التي كنت أقطفها من شجرتنا المزروعة أمام منزلي بسلوان".