حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، من مخاطر خطوة أمريكية رسمية لدعم خطط الاحتلال الإسرائيلي ضم الضفة الغربية المحتلة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين، قولهم إنّ: "السفير الأمريكي الجديد في إسرائيل، مايك هاكابي، يخطط لإغلاق خطوط التواصل المباشر بين الدبلوماسيين الأمريكيين في سفارة أمريكا بالقدس المحتلة العاملين في الشؤون الفلسطينية، مع وزارة الخارجية ووكالات الحكومة الأمريكية".
وأبرزت الصحيفة أنه "في السنوات الأخيرة، كان لمكتب داخل السفارة الأمريكية بإسرائيل، خط اتصال مباشر مع واشنطن، حيث كان المقصود الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ترى أن القضايا الفلسطينية مهمة، وتعتبر الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة منفصلتين عن إسرائيل".
وأشارت إلى أن السفير الأمريكي الجديد، هاكابي، قرّر إغلاق هذه القناة المباشرة، وهو ما من شأنه أن ينهي فعليا الوضع الخاص لمكتب الشؤون الفلسطينية بالسفارة، والذي كان يرسل البرقيات لواشنطن دون الحاجة للحصول على موافقة أولية من مسؤولي السفارة البارزين.
وأوضحت أن البرقيات التي كانت تصدر من المكتب تذهب للوكالات الأمريكية العاملة في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي.
وكان المكتب يعمل من مبنى القنصلية القديم بالقدس وليس السفارة، وهو مسؤول عن التواصل مع كبار المسؤولين الفلسطينيين وتقديم التقارير حول القضايا الفلسطينية".
وقال المسؤولون إن القائمة بأعمال رئيس مكتب الشؤون الفلسطينية في السفارة، لورديس لاميلا، علمت في الفترة الأخيرة بقرار هاكابي الذي استشار وزير الخارجية ماركو روبيو قبل اتخاذ القرار".
وبعد أن طُلب من وزارة الخارجية التعليق على هذه المقالة، صباح الثلاثاء، قالت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، في مؤتمر صحافي بعد الظهر إنّ: روبيو قرّر دمج مسؤوليات مكتب الشؤون الفلسطينية بشكل كامل في السفارة.
وتابعت بروس، بأنّ: "هاكابي سيشرف على عملية الاندماج في الأسابيع المقبلة". وأضافت أن "التغيير في عمل المكتب لا يعكس أي جهود للتواصل أو الالتزام بالتواصل مع الضفة الغربية أو غزة".
مخالفة الموقف الأمريكي التاريخي
نبهت الصحيفة إلى أن الرؤساء الأمريكيون، جمهوريون أم ديمقراطيون، ظلوا لعقود طويلة، يرسلون سفراءهم لتل أبيب نظرا لعدم اعتراف الولايات المتحدة رسميا بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وكان لدى الخارجية قنصلية في القدس الشرقية، والتي تعود إلى التمثيل الأمريكي منذ العهد العثماني".
وأوضحت "إلا أن ترامب قرّر في ولايته الأولى نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، واعترف بالقدس كعاصمة، وأغلق عمليات القنصلية، حيث ضمت الشؤون الفلسطينية ضمن عمل السفارة الجديدة. وأعيدت تسمية القسم باسم: وحدة الشؤون الفلسطينية؛ على الرغم من بقائه في المبنى القديم".
وبينت الصحيفة أن "الموقف الأمريكي من تسوية النزاع ظل قائما على حل الدولتين. ومع أن إدارة جو بايدن لم تعد تفعيل عمل القنصلية، إلا أنها قررت تغيير اسم وحدة الشؤون الفلسطينية إلى مكتب الشؤون الفلسطينية في عام 2022، وأعادت عملية التواصل المباشر مع واشنطن".
وقد تمتع مدير المكتب بسلطة الموافقة على البرقيات الدبلوماسية التي يعدها الموظفون وإرسالها إلى الولايات المتحدة، دون الحصول على موافقة من كبار المسؤولين في السفارة الذين كانوا يوافقون على حركة البرقيات الأخرى.
وقد كان الدبلوماسيون الذين عملوا في ذلك المكتب حريصين على ضبط اللغة، والمواضيع التي يدرجونها في البرقيات، لأنهم لم يكونوا يريدون أن يقوم كبار المسؤولين بإلغاء سلطة استخدام تلك القناة المباشرة.
وقال الدبلوماسي الذي عمل على قضايا غزة في مكتب الشؤون الفلسطينية من عام 2021 حتى استقالته العام الماضي، مايك كيسي: "بينما استخدمنا السلطة المنفصلة للإبلاغ عن القضايا الرئيسية، كان علينا أن نكون حذرين في كيفية صياغتها لتجنب فقدان استقلالنا".
وقد زادت الحساسية السياسية للبرقيات بين السفارة في دولة الاحتلال الإسرائيلي وواشنطن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال كيسي إنه طلب من معظم الدبلوماسيين في المكتب التوقف عن إرسال البرقيات، إلا في حالة التحديث اليومي، ومع ذلك حافظ مكتب الشؤون الفلسطينية على استقلاليته وظل الدبلوماسيون فيه يكتبون ويرسلون البرقيات.
إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أنّ: "هاكابي أخبر في الفترة الأخيرة، موظفي السفارة أنه يريد الاجتماع مع المسؤولين الفلسطينيين في رام الله. وهي مهمة عادة ما تقع على عاتق مدير مكتب الشؤون الفلسطينية، حسب قول المسؤولين".
وقد رأى هادي عمرو، الذي عينه بايدن مبعوثا خاصا للشؤون الفلسطينية أن إغلاق الخط المباشر بين مكتب الشؤون الفلسطينية وواشنطن من شأنه أن يقوض قدرة الدبلوماسيين على تقديم تقارير مباشرة وغير منمقة.
وأكدت الصحيفة أنّ إغلاق هذه القناة من شأنه أن يقلل بشكل كبير من مصداقية الدبلوماسيين الأمريكيين وبالتالي قدرتهم على التواصل مع الشعب الفلسطيني في وقت نحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى.
وفي الأسبوع الماضي، ألمح هاكابي إلى أنه سيغلق قناة التواصل المباشر بين مكتب الشؤون الفلسطينية، ووزارة الخارجية الأمريكية، وقال للصحافيين "من المؤكد أن هناك حاجة إلى الوحدة والقيادة الموحدة عندما يتعلق الأمر بكيفية إدارة الأمور في السفارة".
وقال بعض المسؤولين السابقين في السفارة إنّ: "قرار هاكابي يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تدعم ضم إسرائيل للضفة الغربية".
وقال موظف بارز سابق في القنصلية في القدس، إبراهيم دلالشة: "إنها خطوة صغيرة تشير إلى اتجاهات مثيرة للقلق بشكل متزايد في السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين، بما في ذلك إمكانية دعم ضم (إسرائيل) للضفة الغربية".
وفي عام 2017، قبل أن يصبح هاكابي سفيرا، زعم أنّ: "إسرائيل لديها صك ملكية للضفة الغربية" مردفا: "لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية، ولا يوجد شيء اسمه مستوطنة، إنها مجتمعات، إنها أحياء، إنها مدن. لا يوجد شيء اسمه احتلال".
وفي الأسبوع الماضي، قال للمعلق المحافظ بن شابيرو إنّ: "الضم ليس قرارا أمريكيا"، مشيرا إلى أنه: "سيحدث في النهاية". ومع ذلك، أخبر هاكابي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، أثناء جلسة المصادقة على تعيينه، في شهر آذار/ مارس أنّ: "سياساته لن يتم تنفيذها في الشرق الأوسط، بل سياسات ترامب".
وأخبر الرئيس الأمريكي، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أثناء مؤتمر صحافي، عقد بشباط/ فبراير أنّ: "الولايات المتحدة تناقش ضم إسرائيل للضفة الغربية مع ممثلي الحكومة الإسرائيلية. والناس يحبون الفكرة"، لكنه أوضح أنّ: "الإدارة لم تتخذ موقفا بشأنها بعد".