أكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن المزاعم الإسرائيلية عن "عدم وجود جوع في غزة" تتناقض مع الأدلة الواضحة، مشددة على أنه من الصعب تبرير الحصار الإسرائيلي وسط صور الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والتحذيرات الحرجة من المجاعة.
وقالت الصحيفة إنه لعقود طويلة، كانت دولة الاحتلال تفخر بقدرة مسؤوليها على الدفاع والمجادلة والإقناع حول العالم لكن حرب الإبادة في غزة شكلت اختبارًا صعبًا للدبلوماسية العامة الإسرائيلية.
وشددت على أن الحجة الإسرائيلية الرئيسية القائلة بعدم وجود جوع في غزة يصعب تبريرها. وينطبق الأمر نفسه على ادعاء مسئولون إسرائيليون بوجود الغذاء في غزة، وأن الأسواق مفتوحة.
ولفتت إلى أن بعض المواد الأساسية لا تزال متوفرة في القطاع، حتى بعد 11 أسبوعًا من الحصار الإسرائيلي الشامل، وأن بعض الأكشاك والمتاجر لا تزال توفر بعض المواد الأساسية.
لكن الغالبية العظمى من الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة، والبالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لا يستطيعون شراء ما يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة، ولو استطاعوا، لما كان المخزون كافيًا إلا لعدد قليل منهم.
هناك كمية محدودة من الدقيق الفاسد غالبًا في قطاع غزة، حيث يبلغ سعر الكيس القياسي زنة 25 كيلوغرامًا مئات الدولارات، وكميات محدودة من الأغذية الطازجة كالبطاطس والطماطم، والتي يتراوح سعر الكيلو منها بين 10 و15 دولارًا.
بموازاة ذلك لا توجد منتجات ألبان، ونادرًا ما تتوفر اللحوم. أغلقت المخابز المجانية أبوابها قبل أسابيع بسبب نقص الوقود والدقيق، بينما تغلق المطابخ المجتمعية، التي كانت تقدم مليون وجبة يوميًا، أبوابها بسرعة.
وقد أصبحت جميع المستودعات الرئيسية تقريبًا التي تديرها منظمات غير حكومية دولية كبيرة، مثل برنامج الغذاء العالمي أو الأونروا، فارغة الآن، ويعيش العديد من الناس على البازلاء المعلبة أو الفاصوليا المجففة، والتي يوجد منها كمية محدودة.
تشديد الحصار
أبرزت الغارديان أن هناك آلاف الأطنان من الغذاء والدواء والمأوى والوقود وكل شيء آخر ضروري للبقاء على قيد الحياة، جاهزة للإرسال إلى غزة، ولكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا عندما تفتح سلطات الاحتلال نقاط التفتيش التي تسيطر عليها على طول محيطها.
ولفتت إلى أن كمية كبيرة من المساعدات تم جلبها وتخزينها خلال وقف إطلاق النار الذي استمر عشرة أسابيع ودخل حيز التنفيذ في منتصف يناير/كانون الثاني، ولكن كل هذا اختفى ــ ولم يعوض هذا التدفق عواقب الحرب التي دمرت الزراعة وإمدادات المياه وأنظمة الصرف الصحي والخدمات الصحية، مما جعل السكان في حالة ضعف شديد وعرضة للأمراض.
ويقول عمال الإغاثة إن الأدوية الأساسية المستخدمة في علاج سوء التغذية أصبحت تخضع للتقنين الآن، كما أن الإمدادات الطبية بدأت تنفد.
ثم هناك أدلة واضحة على صور أشخاص يعانون من سوء تغذية واضح - غالبًا أطفال.
كما أن تقريرًا صدر يوم الاثنين عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو ائتلاف من الخبراء قدم المشورة للأمم المتحدة والحكومات لعقود، أفاد بأن الفلسطينيين الذين يعيشون هناك يواجهون "خطرًا حرجًا من المجاعة".
وقد وجد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الذي وضع نظامًا للإنذار بالمجاعة من خمسة مستويات، أنه بين 1 أبريل/نيسان و10 مايو/أيار من هذا العام، كان 244 ألف شخص في غزة في أشد حالات الأمن الغذائي خطورة: المستوى الخامس، "كارثة/مجاعة".
وأشار التصنيف المرحلي المتكامل إلى حدوث "تدهور كبير" في وضع الأمن الغذائي في غزة منذ آخر تقييم له في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وتروج دولة الاحتلال إلى نفى أن تكون تستخدم التجويع كاستراتيجية متعمدة، لكن المساعدات التي سُمح بدخولها إلى غزة خلال معظم فترة الحرب المستمرة منذ تسعة عشر شهرًا كانت غير كافية، وغير متوقعة، وخضعت لإجراءات بيروقراطية مُنتقدة بشدة، مما أعاق وصول العديد من الشحنات وأبطأ وصول المزيد منها. كما كان توزيعها صعبًا في ظل الدمار الواسع والعنف المستمر.
وقد استشهد ما يقرب من 53 ألف فلسطيني منذ بدء الهجوم الإسرائيلي. ودُمّرت شبكات الصرف الصحي وإمدادات المياه والخدمات الصحية. واكتظت الطرق بالأنقاض، وتعرضت الجرافات الإسرائيلية لاستهداف ممنهج.
ومؤخرا روجت الحكومة الإسرائيلية لخطتها الخاصة لتوزيع المساعدات من خلال ستة مراكز رئيسية في جنوب غزة، والتي ستديرها شركات مقاولات خاصة، وتحميها القوات الإسرائيلية.
وتقول وكالات الإغاثة إن الخطة الإسرائيلية الجديدة غير عملية، وغير كافية، ومن المرجح أن تكون خطيرة، وربما غير قانونية، إذ ستُشرّد مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، وتُجبرهم على النزوح إلى أجزاء أصغر فأصغر من القطاع. وبناءً على ذلك، قالت إنها لا تستطيع الموافقة على التعاون معها.