أبرزت صحيفة الغارديان البريطانية استشهاد عشرات الفلسطينيين غالبيتهم من النساء والأطفال خلال 48 ساعة الأخيرة في تصعيد إسرائيلي مميت لحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وذكرت الصحيفة أن قطاع غزة يشهد واحدة من أعنف فترات الحرب منذ انقلاب دولة الاحتلال على اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي.
وجاء تكثيف حملات القصف في الوقت الذي أثار فيه الحصار الإسرائيلي الشامل على المساعدات الإنسانية مخاوف من مجاعة في الأراضي الفلسطينية.
وقد دان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك التصعيد الإسرائيلي في الهجمات، وقال إن حملة القصف تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وأنها تعادل التطهير العرقي.
وأضاف أن "هذا القصف الأخير ... والحرمان من المساعدات الإنسانية يؤكدان على أن هناك على ما يبدو اتجاها نحو تحول ديموغرافي دائم في غزة، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي ويعادل التطهير العرقي".
ولاقت تعليقات تورك صدى لدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي دعا إلى وقف دائم لإطلاق النار أثناء حديثه في القمة العربية في بغداد يوم السبت.
توسيع دائرة العدوان
أشارت الغارديان إلى إعلان دولة الاحتلال بأن عمليات القصف كانت المراحل الأولى من عملية "عربات جدعون" العسكرية، وهي توسيعٌ للعدوان في غزة بهدف "تحقيق جميع أهداف الحرب". ورافقت الغارات حشدٌ عسكريٌّ كبيرٌ على طول حدود غزة، بهدف ترسيخ "السيطرة العملياتية" على أجزاءٍ من غزة.
وجاء تصعيد الهجمات الإسرائيلية في الوقت الذي غادر فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشرق الأوسط بعد زيارة استمرت أربعة أيام لدول الخليج العربية، حيث تعهدت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر باستثمار مليارات الدولارات في الولايات المتحدة.
وبحسب الغارديان تبددت الآمال في أن تُحدث زيارة ترامب تقدمًا جديدًا في محادثات التهدئة في غزة، بعد أن جدد الرئيس الأمريكي رغبته في تحويل غزة إلى "منطقة حرية". واعتُبر هذا بمثابة موافقة محتملة على خطته للسيطرة الأمريكية على الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وقد انهار وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير/كانون الثاني في منتصف مارس/آذار بعد رفض دولة الاحتلال الانتقال إلى مرحلة ثانية مقررة كان من شأنها أن تُنهي الحرب.
تفاقم معدلات الجوع
في هذه الأثناء تفاقمت معدلات الجوع وسوء التغذية بين الأطفال، بعد أن قطعت دولة الاحتلال المساعدات الإنسانية الحيوية عن القطاع في 2 مارس/آذار. وتعاني غزة من شحّ الرعاية الطبية، بسبب ندرة الإمدادات والضربات الإسرائيلية المتكررة على المستشفيات والمرافق الطبية.
وحثّ توم فليتشر، منسق الإغاثة في الأمم المتحدة، على استئناف المساعدات إلى غزة في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي، حيث حذّر من أن المجاعة تلوح في الأفق.
ورغم محاولات دولة الاحتلال النفي باستمرار أن حصارها المستمر منذ عشرة أسابيع يُسبب المجاعة في غزة. إلا أن ترامب أقرّ يوم الخميس بأن "الكثير من الناس يتضورون جوعًا في غزة".
وقد اقترحت الحكومة الإسرائيلية، خطةً لتوزيع المساعدات من مراكز في غزة يديرها متعاقدون خاصون وتحرسها قوات الاحتلال، لكن منظمات الإغاثة الدولية وصفت الخطة بأنها غير قابلة للتطبيق، وربما غير قانونية، إذ قد تؤدي إلى تهجير قسري.
وطالبت تلك المنظمات دولة الاحتلال برفع حصارها عن غزة والاعتماد على الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الإنسانية القائمة، ذات الخبرة الطويلة في نقل المساعدات إلى القطاع.
وقال فليتشر: "بإمكاننا إنقاذ مئات الآلاف من الناجين. لدينا آليات صارمة لضمان وصول مساعداتنا إلى المدنيين".
بدوره صرح رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، يوم السبت: "صُدمتُ بالأنباء الواردة من غزة: مدنيون يتضورون جوعًا، ومستشفيات تُقصف مجددًا بالقصف. يجب أن يتوقف العنف!".
فيما قالت وزارة الخارجية الألمانية يوم السبت إنها تشعر "بقلق عميق" إزاء الوضع في غزة، وأن الهجوم "قد يعرض حياة الأسرى المتبقين، بما في ذلك الألمان للخطر".
وأضافت أن "الهجوم العسكري الواسع النطاق من شأنه أيضا أن يزيد من تفاقم الوضع الإنساني الكارثي لسكان غزة والأسرى المتبقين".
ودعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، السبت، إلى الضغط لوقف "المذبحة في غزة" التي ترتكبها دولة الاحتلال، وقال إن مدريد تخطط لإصدار قرار من الأمم المتحدة يطلب من محكمة العدل الدولية إصدار حكم بشأن وصول المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية.