أكدت مسئولة أممية على وجود أزمة جوع شديدة في قطاع غزة في خضم حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ نحو عام وعرقلة إدخال الإمدادات الإنسانية واستخدامها كسلاح ضد المدنيين الفلسطينيين.
وقالت "كورين فليشر" المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال كارثيًا. الجوع والمرض يطاردان السكان المحاصرين، والتقديرات حاليا بأن نصف مليون شخص يعانون من الجوع بشدة.
وأبرزت فليشر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل شن هجمات عسكرية في مناطق يُفترض أنها إنسانية وآمنة، مما يؤدي إلى قتل مدنيين محاصرين في القصف.
وذكرت أن المنظمات الإغاثية التي تحاول تخفيف هذه الأوضاع اليائسة لا تزال تعاني من عراقيل في توزيع المساعدات، وتواجه مخاطر على موظفيها بسبب الهجمات العسكرية الإسرائيلية.
وأشارت إلى أنه في الأسبوع الماضي، أكد تقرير صادر عن منظمة اللاجئين الدولية، وجود "أزمة جوع شديدة" في قطاع غزة وربطها بإجراءات السلطات الإسرائيلية، وأن "التغيرات في أوضاع الجوع مرتبطة بشكل وثيق بالقيود التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية".
عقاب جماعي
أنهت فليشر قبل أيام زيارة ميدانية استمرت عدة أيام إلى قطاع غزة وتفقدت المناطق الإنسانية التي تشهد نزوحا شديدا من السكان.
وقالت عن ذلك "عندما تكون هناك، ترى كيف يتكدس الناس في هذه الـ 11٪ من القطاع، الذي كان بالفعل واحدًا من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في العالم. ترى الخيام المؤقتة واحدة تلو الأخرى على الشاطئ، حتى تصل إلى حافة المياه، وعندما تأتي الأمواج، يتم جرف بعضها. ويضطرون لإعادة نصبها مجددًا".
وأضافت "الشوارع مليئة بالناس، وعندما تذهب إلى الملاجئ [التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)]، بالكاد يمكنك المرور مشيًا".
وأبرزت فليشر بعض الأوضاع الإنسانية الصادمة في قطاع غزة "إذ لا توجد وظائف، ولا توجد سيولة مالية. والأطفال في الشوارع بدلًا من المدارس؛ يحملون المياه".
تأثر بأوامر الإخلاء
أكدت فليشر أن منظمات الإغاثة الدولية تأثرت سلبا بشدة بأوامر الإخلاء الإسرائيلية المتكررة بحيث "فقدنا 20 موقع توزيع، وخمس مطابخ متنقلة. ومستودعنا الأخير لم يعد في متناول اليد، وكان علينا نقل مركز عملياتنا مؤقتًا، نحن بالتأكيد لسنا في المكان الذي ينبغي أن نكون فيه [من حيث الوصول والتوزيع] لعدة أسباب. أحدها هو أن الوضع أصبح غير آمن بشكل متزايد لعمال الإغاثة".
وقالت "تعرضت سيارة تابعة لنا لإطلاق 10 رصاصات قرب نقطة تفتيش للجيش الإسرائيلي، وكان أفرادنا بداخلها. الناس الآن خائفون. نعمل في العديد من الأماكن الخطرة حول العالم. هذا هو عملنا. الناس ينضمون إلى هذا العمل لأن لدينا إجراءات لتجنب الصراعات وإدارة الوضع الأمني مع الأطراف المتنازعة. لكن هذا لا يعمل في غزة".
وحذرت فليشر من أن حوالي نصف مليون شخص في قطاع غزة يعانون من مستويات جوع شديدة – ما نسميه بالفعل بالمجاعة، وقالت "نحن الآن نوصل الطعام لعدد أقل من الناس. نحضر الطعام، ربما حوالي ثلثي ما نحتاجه. لكننا لا نتمكن من توزيعه داخل غزة".
وأوضحت أن ضعف توصيل المساعدات مرتبط بعمليات الإخلاء، وفقدان نقاط الوصول والقيود الإسرائيلية الشديدة.
ونبهت إلى أن "مدينة غزة قد دُمرت بالكامل، كل شيء سيكون بحاجة إلى إعادة إعمار. لم أرَ أزمة مثل هذه في 25 عامًا من عملي في المجال الإنساني. أنا قلقة جدًا وأشعر ببعض التشاؤم الآن، لأننا لا نستطيع القيام بعملنا".
وشددت على أنه "يجب أن يحدث وقف إطلاق النار. ولكن إذا لم يكن هناك وقف إطلاق النار، فيجب على الأقل أن تعمل قواعد الاشتباك للسماح للعمليات الإنسانية بتوصيل المساعدات وهذا لا يحدث حاليًا".