أكثر من 3 شهور مرت على إجبار الاحتلال، نحو 45 ألف فلسطيني، على النزوح من ثلاث مخيمات في شمال الضفة الغربية، واستمرار معاناتهم، دون وجود خطة حقيقية وموحدة لإيوائهم، أو الضغط لإعادتهم منازلهم في المخيمات.
وفي 21 يناير/كانون الثاني 2025، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا عسكريا شمال الضفة، استهدف مدينة جنين ومخيمها، ثم توسّع إلى مدينة طولكرم ومخيميها نور شمس وطولكرم.
وخلف العدوان أكثر من 13 شهيدًا، إلى جانب نزوح 45 ألفًا من المخيمات الثلاث، فيما يتصاعد التذمر من التقصير الحكومي في تقديم العون لهم، رغم الوعودات الكثيرة.
وعقدت الحكومة الفلسطينية آخر اجتماعين لها في جنين ثم طولكرم، وأقرت الحكومة خلالهما حزمة مساعدات عاجلة لدعم المدينتين ومخيماتهما، عبر تأمين الإيواء للنازحين، وتوفير مساكن مستأجرة للعائلات التي تضم مرضى أو حالات إنسانية خاصة، إضافة إلى بناء منازل مؤقتة وتخصيص موارد مالية لإصلاح المنازل المتضررة جزئيًا.
وانعكس ذلك بنوع من التفاؤل لدى النازحين، لكنه وضع الحكومة أمام اختبار القدرة على التنفيذ، في ظل أوضاعها المالية المعروفة، والظروف الميدانية التي يصنعها الاحتلال.
وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية غير مسبوقة، بسبب وقف "إسرائيل" تحويل أموال المقاصة، ما دفعها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، إلى صرف أجور منقوصة للموظفين، فيما تفاقمت الأزمة تزامنا مع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، وحجب أموال المقاصة.
وأموال المقاصة، هي مجموعة الضرائب والجمارك المفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب الفلسطيني، سواء من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية الإسرائيلية (البرية والبحرية والجوية).
وتستخدم الحكومة الفلسطينية أموال المقاصة بوجه أساسي لصرف رواتب الموظفين العموميين، وتشكل نسبتها 65 بالمئة من إجمالي الإيرادات المالية للسلطة الفلسطينية.
وأعلنت الحكومة تخصيص 5 مليون شيقل إضافية، كدفعة إسعافية للعائلات النازحة، و7 مليون شيقل للمتضررين من أصحاب المنشآت في جنين وطولكرم.
كما دعمت إنشاء مركزي إيواء في جنين وطولكرم، إلى جانب الاستمرار في صيانة المنازل المُتضرِرَة وتقديم بدل إيجارٍ للعائلات المُستَحِقَة.
نقص مراكز الإيواء
واعتبر الناشط من مخيم نور شمس شرق طولكرم، سليمان زهيري، أن المشكلة التي يواجهها النازحون حاليًّا، هي نقص عدد مراكز الإيواء، التي يفترض أن تأوي نحو 6 آلاف عائلة نازحة، في ظل محدودية عدد الشقق بالمدينة.
لكن الزهيري، رأى في حديثه لـ وكالة سند للأنباء، بأن المطلب الملحّ هو وقف عمليات الهدم الإسرائيلية في المخيمات.
وأردف "هناك مئات أوامر الهدم لوحدات سكنية في المخيمات الثلاثة، وإذا تم تنفيذها سيتضاعف عدد النازحين وتتعقد الأزمة أكثر".
وطالب الحكومة ببذل جهود سياسية ودبلوماسية لوقف أوامر الهدم، معتبرا أن ما يجري هو محاولة إسرائيلية لإعادة تشكيل ديمغرافي وجغرافي للمخيمات.
وأضاف "الحكومة لا تملك قرار وقف الهدم، ولكن عليها التحرك سياسيا ودبلوماسيا في كل الاتجاهات".
متفقًا مع الزهيري، يرى رئيس بلدية طولكرم رياض عوض، في حديثه لـ وكالة سند للأنباء أن مطلب النازحين الأول والأخير هو العودة للمخيمات، وأنه لا بد ممن ممارسة ضغط سياسي على إسرائيل لتحقق ذلك.
ويبدي عوض تفاؤله بتوجهات الحكومة، فيما يتعلق بتقديم المساعدات المالية للنازحين، واستيعابهم في شقق سكنية بالمدينة وأحيائها.
رفض إقامة مخيمات جديدة
وأردف "هناك إجماع على عدم التوجه لإقامة مخيمات جديدة، بل العمل لإعادة النازحين إلى منازلهم داخل المخيمات".
ويعتقد رئيس اللجنة الشعبية في مخيم نور شمس نهاد الشاويش، أن الحكومة، وعبر عقد اجتماعها في طولكرم، حاولت التأكيد على السيادة الفلسطينية في المدينة.
وأشار في حديثه لـ وكالة سند للأنباء أنه خلال الاجتماع، الذي شاركت فيه مختلف الفئات في طولكرم ومخيميها، استمع ممثلو الحكومة لمطالب اللاجئين، ووعدوا بمعالجة مشاكل النازحين، وبالتحرك السياسي لمنع وقف هدم البيوت وإعادة الناس لمنازلهم.
وأضاف الشاويش "أطلقنا حملة لحفظ كرامة الناس، عبر استئجار شقق وعدم إقامة مراكز إيواء جديدة".
لكنه استدرك بالقول "لا أحد يملك معه عصاة سحرية لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل عملية الاحتلال العسكرية، إنما برنامج لترميم ما يمكن ترميمه، وممارسة ضغوطات على المؤسسات الدولية للقيام بدورها".
محاولات "ترقيعية"
من جهته، عبر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، عن قناعته أن كل الجهود الحكومية هي مجرد محاولات "ترقيعية"، لا تعالج المشكلة بشكل جذري.
وأكد خريشة لـ وكالة سند للأنباء أن علاج المشكلة يتم بإعادة النازحين إلى بيوتهم، وعلى المدى القريب؛ توفير الشقق وفرص العمل والدعم المالي لهم.
ويرى أنه لا توجد هناك خطط حكومية واضحة لإعادة الناس لبيوتهم، وأن الخطوة يجب أن تُتبع بتحركات سياسية ضاغطة.
وقال "يجب على المستوى السياسي الفلسطيني البدء الفوري بتطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، فيما يتعلق بالاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية و "إسرائيل"، ردًا على اجتياح الاحتلال واستباحته مناطق السلطة، وعدم اكتراثه باتفاق أوسلو".
ولعدة مرات على مدار سنوات، قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير، تعليق الاعتراف بـ "إسرائيل" وإنهاء التزامات السلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات معها، لحين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967، إلا أنها لم تنفذ.
حرب لإسقاط حق العودة
بدوره، قال رئيس دائرة اللاجئين في منظمة التحرير أحمد أبو هولي، إن هناك حربًا إسرائيلية واسعة تهدف لإنهاء قضية اللاجئين واسقاط حق العودة.
وفي مواجهة ذلك، بين أبو هولي في حديثه لـ وكالة سند للأنباء، أن منظمة التحرير تتحرك على مختلف الصعد، في سبيل الحفاظ على كرامة النازحين أولًا، وضمان عودتهم إلى مخيماتهم.
وأشار إلى زيارة مرتقبة لسفراء وقناصل وممثلي العديد من الدول، المعتمدين لدى فلسطين، للمخيمات الثلاثة في شمال الضفة، للاطلاع على أوضاعها وظروف النازحين.
وأضاف "وضعنا ممثلي الدول في صورة المخاطر التي تتعرض لها المخيمات في ظل نزوح نحو 45 ألف لاجئ، بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر، وطلبنا منهم الضغط على الاحتلال لوقف حرب التهجير والحصار على المخيمات.