الساعة 00:00 م
الأحد 08 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.74 جنيه إسترليني
4.94 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.99 يورو
3.5 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

"الاستيطان الرعوي".. الوجه الآخر للتهجير والضم للسيطرة على الأراضي في الضفة الغربية

ذاكرة العيد تحلّ ضيفة في الخيام والمائدة مجرّد حنين

"الاستيطان الرعوي".. الوجه الآخر للتهجير والضم للسيطرة على الأراضي في الضفة الغربية

حجم الخط
الاستيطان الرعوي
رام الله- وكالة سند للأنباء

"ملائكة السلام" يظهر لك من الوهلة الأولى أنه اسم لمؤسسة أو جمعية خيرية، لكنه عكس ذلك تماماً ولا يمُتُّ لمعناه بِصِلة، إذ أنه مسمى لبؤرة استيطانية قرب مدينة رام الله أقيمت على أراضي المواطنين في قرية المغير، وحولت حياتهم في تلك المنطقة الى جحيم كباقي عشرات البؤر الرعوية الاستيطانية، المنتشرة على سفوح الضفة الغربية.

وفي الآونة الأخيرة برز اسم "الاستيطان الرعوي"، خاصة بعد حرب الإبادة على قطاع غزة، بانتشار المستوطنين على سفوح الجبال ونصب خيم وإقامة بركسات وغرف زراعية متنقلة، يقيم فيها عدد من المستوطنين مع أغنامهم وأبقارهم تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتعد سياسة "الاستيطان الرعوي" اليوم إحدى أخطر أدوات الاستيطان غير الرسمي التي تُستخدم لفرض وقائع جديدة على الأرض، وتهجير السكان تدريجيًا من أراضيهم عبر مزيد من التضييق من المستوطنين وجيش الاحتلال.

ويشير تقرير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان إلى أن المستوطنين استخدموا البؤر الرعوية للاستيلاء على ما لا يقل عن 789 ألف دونم من الأراضي، أي ما يعادل 14% من مساحة الضفة الغربية.

"ملائكة السلام"..!

الشاب محمد أبو عليا أحد سكان قرية المغير، والتي باتت من أكثر المناطق معاناة مع الاستيطان الرعوي في رام الله، فلم تتوقف اعتداءات المستوطنين على الأراضي التي استولوا عليها، بل طالت الاعتداءات منازل المواطنين ومحيطها خاصة مَن يرعون الأغنام والأبقار من المستوطنين.

ويلفت "أبو عليا" إلى أن المستوطنين أقاموا 5 بؤر استيطانية رعوية أُطلِق على أحدها اسم "ملائكة السلام" شرق قرية المغير، وهي عبارة عن مزرعة لتربية الأغنام والأبقار والخيول، حيث يتعمد المستوطن رعيها في السهل الشرقي قرب منازل القرية.

ويُبيِّن "أبو عليا" لـ"وكالة سند للأنباء" أن جيش الاحتلال يعمد إلى اقتحام القرية في حال اعترض أي مواطن فلسطيني على اقتراب المستوطن من منزله.

وباتت 90% من أراضي القرية مصادرة لأغراض عسكرية أو بؤرة استيطانية، خاصة بعد الحرب على غزة – وفقاً لـ"أبو عليا"، مؤكداً أنه لا يخلو يوم واحد من اعتداءات المستوطنين على النساء والأطفال وطردهم من أراضيهم ورعي محاصيلهم الزراعية تحت حماية جيش الاحتلال.

ويؤكد "أبو عليا"، إن عدداً كبيراً من سكان القرية فقدوا الثروة الحيوانية وأُجبروا على بيع مواشيهم لعدم توفر مكان للرعي بعد أن منعهم المستوطنون الذين حرموا المواطنين منذ عامين من الوصول لأراضيهم وقطف ثمار الزيتون.

بداية الاستيطان الرعوي..

ولا يختلف الحال في رام الله عن واقع البؤر الاستيطانية الرعوية في منطقة مسافر يطا، والتي يعتمد فيها المواطنين على رعي المواشي والزراعة كمصدر دخل وحيد لهم.

ويقول أحد النشطاء وسكان المسافر أسامة مخامرة، إن المنطقة تشهد تصاعدًا خطيرًا في سياسة "الاستيطان الرعوي"، والتي بدأت المؤسسات الاستيطانية تنفيذها نهاية عام 2022 وبداية عام 2023، من خلال دعم المستوطنين بقطعان كبيرة من الأغنام والأبقار؛ بهدف السيطرة على الأراضي الفلسطينية.

ويرى "مخامرة" في حديث لـ"وكالة سند للأنباء" أن هذه المؤسسات الاستيطانية قامت بتوزيع آلاف رؤوس المواشي على المستوطنات المقامة فوق أراضي مسافر يطّا، ليتسنى للمستوطنين إطلاقها في أراضي المواطنين الزراعية والمراعي القريبة.

وترافقت هذه الإجراءات مع منع السكان من الوصول إلى أراضيهم تحت تهديد السلاح، بالإضافة إلى تخريب ممنهج للمحاصيل والأشجار المثمرة، وفقاً لما وافانا به ضيفنا.

ونتيجة لهذا الدعم، يوضح "مخامرة" أنه تم إنشاء أكثر من 17 بؤرة استيطانية رعوية جديدة تنتشر في مختلف قرى وخرب مسافر يطّا، ويستخدمها المستوطنون كنقاط انطلاق لشن هجمات متكررة على المواطنين الفلسطينيين.

تدمير قطاع الزراعة

ويؤكد "مخامرة" أن هذه السياسة ألحقت أضرارًا كبيرة بالمزارعين، حيث باتوا غير قادرين على إخراج مواشيهم للرعي حتى قرب منازلهم، ما اضطرهم لشراء الأعلاف بأسعار مرتفعة، ونقلها من مراكز المدن بتكاليف باهظة.

بينما امتدت هذه السياسة إلى مناطق جديدة في مسافر يطّا، منها تل ماعين، وادي الجوايا، خلة المي، الديرات، والغزيوي، وحتى المناطق المصنفة "ب"، وسط تسهيلات تقدمها سلطات الاحتلال للمستوطنين في السيطرة على الأراضي، وحرمان الفلسطينيين من زراعتها أو رعيها.

ويبيِّن ضيفنا أن أحد المستوطنين أقام قبل عدة أسابيع بؤرة استيطانية رعوية في أعلى منطقة مطلة على الساحل الفلسطيني ما بين منطقتي الظاهرية والبرج جنوبي الخليل، ورغم أنه لا زال في مرحلة التجهيز والبناء لإحضار المواشي، إلا أنه يمنع المواطنين من الوصول لأراضيهم المحيطة بالبؤرة.

نزرع ولا نستطيع الحصاد..

ويُبدي المواطن شادي الهوارين، أحد اصحاب الأراضي المحيطة بالبؤرة تفاجُأه قبل شهر بحضور مستوطن ليلاً ونصب خيام وبركسات على أجمل قطع الأراضي في تلك المنطقة، وهي عبارة عن هضبة مرتفعة تطل على الساحل وقطاع غزة وكل المناطق المحيطة، بزعم أنها "أراضي دولة".

ويشير "الهوارين" لـ"وكالة سند للأنباء" إلى أن المستوطن شرع من اليوم الأول لحضوره للمنطقة، بنصب بوابة حديدية على بُعد مئات الأمتار، كما يمنع المواطنين من الاقتراب إلى المنطقة التي تزيد مساحتها عن 10 آلاف دونم من أراضي الظاهرية والبرج والتي لم يتمكن أصحابها من الوصول إليها.

ويوضح أن المستوطن منع المواطنين من حصاد محصول القمح والشعير من مئات الدونمات المحيطة به، كما يلاحق رعاة الأغنام ويهدد بإطلاق النار على من يقترب من المكان، ويطارد المركبات التي تحاول الوصول للمنطقة تحت حماية من جيش الاحتلال.

تهجير الفلسطينيين..

ويُظهر تقرير لمنظمة السلام الآن الإسرائيلي أن المستوطنين أنشأوا 100 بؤرة رعوية ما أدى لتهجير تجمعات فلسطينية كلياً أو جزئياً، مبيناً أن هؤلاء المستوطنين هم من المتطرفين وممن لديهم سجل إجرامي في المجتمع الإسرائيلي.

ويصنف جيش الاحتلال الإسرائيلي 41% من مساحة المستوطنات الرعوية على أنها مناطق إطلاق نار، وجزء منها ثقع في مناطق ضمن تصنيف "أ" و "ب" وليس فقط مناطق "ج".

وتمتد اعتداءات المستوطنين على مئات الدونمات المحيطة بالبؤرة الاستيطانية، كما يمنعون المزارعين من الوصول لأراضيهم، عدا عن إطلاق العنان لمواشيهم لرعي مزروعات وأشجار الفلسطينيين وفي محيط منازلهم.