حذر إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، اليوم الأربعاء، من استغلال سلطات الاحتلال الإسرائيلي ظرف الحرب مع إيران، لتشديد الخناق على المقدسيين وفرض قيود غير مسبوقة على حرية العبادة.
وقال الشيخ عكرمة صبري في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء"، إنّ الاحتلال صعّد من إجراءاته التعسفية ضد المدينة المقدسة تحديدًا البلدة القديمة، والمواطنين والمسجد الأقصى منذ بدء المواجهة الإسرائيلية الإيرانية فجر الجمعة الماضية.
وأوضح أنّ هذه الممارسات تأتي استكمالًا للإجراءات القمعية التي كانت قائمة أصلًا منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر/ تشرين أول 2023، مؤكدًا أن الاحتلال يحرم مئات الآلاف من المصلين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى، بينما تبقى الكنس اليهودية والأسواق مفتوحة دون قيود.
ووصف الشيخ صبري، الأوضاع التي تفرضها سلطات الاحتلال في المدينة المقدسة بأنها ظاالمة وغير مبررة، مضيفًا "القيود التي فرضت على صلاة الجمعة الأخيرة حولتها إلى جمعة حزينة بامتياز، في ظل منع وصول المصلين وفرض الطوق العسكري حول المسجد".
ونبّه أن هذه السياسات تنتهك القوانين الدولية التي تكفل حرية العبادة والتنقل والمواطنة، مشددًا أن ما يجري "لا يمكن القبول به تحت أي ذريعة أمنية أو سياسية".
ودعا "خطيب الأقصى"، المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية إلى التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات المتصاعدة.
ولليوم السادس على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فرض إجراءات مشددة وإغلاق على مدينة القدس والضفة الغربية بعد ساعات من هجوم واسع على إيران بحجة "الامتثال لتعليمات الجبهة الداخلية".
وشملت الإجراءات الإسرائيلية، إغلاقًا شاملًا للمسجد الأقصى وكنيسة القيامة والبلدة القديمة، بالإضافة إلى تشديد الحواجز العسكرية والاقتحامات اليومية المتكررة لمنازل المواطنين واعتقالهم، وفق بيان سابق لمحافظة القدس.
وبموجب هذه الإجراءات، لا تسمح قوات الاحتلال سوى لحراس الأقصى وموظفين معدودين من دائرة الأوقاف الإسلامية بالدخول، في وقت يُحرم فيه آلاف الفلسطينيين من الصلاة في المسجد المبارك.
وعلى ضوء ذلك، اعتبر الباحث في الشؤون المقدسية زياد ابحيص، إغلاق الأقصى لليوم السادس على التوالي يأتي تنفيذًا مباشراً لتعهدات رئيس الوزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لحاخامات وقادة تيار الصهيونية الدينية، بالسماح لهم في اقتحام الأقصى وتحقيق حلمهم ببناء "الهيكل" المزعوم.
وأوضح ابحيص في تصريحٍ خاص بـ "وكالة سند للأنباء" أن نتنياهو التقى قبل نحو أسبوعين من بدء الهجمات على إيران خطابًا أمام حاخامات وقادة الصهيونية الدينية قائلاً لهم: "من منكم لم يكن هناك (الأقصى)؟ ستصعدون جميعًا"، ليرد عليه الحضور بالغناء: "سيُبنى الهيكل وستمتلئ صهيون".
وأشار إلى أن هذا الخطاب، الذي حضره كل من وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، تضمّن تشبيهاً للحرب الحالية مع إيران بما أسماه "نتنياهو" "حرب القيامة"، معتبرًا أن هذه الحرب "ستُتوّج ببناء الهيكل"، ما يكشف أن الهيمنة على "الأقصى "تقع في صميم أهداف الحكومة الإسرائيلية في هذه المرحلة.
وأضاف الباحث المقدسي، أن "نتنياهو" يتجنب منذ عام 1996 الإفصاح عن سياساته تجاه المسجد الأقصى إلا بعد فرضها عمليًا على الأرض، لكن خطابه الأخير شكّل خروجًا نادرًا عن هذه القاعدة، ما جعله محل ترحيب واحتفاء واسع داخل تيار "الصهيونية الدينية".
وأكد أنّ العدوان على "الأقصى" بدأ منذ اللحظة الأولى للتصعيد الحاصل مع إيران، إذ أقدمت شرطة الاحتلال على طرد المصلين فجر الجمعة، ومنعت إقامة الصلاة، واستمرت بإغلاق الأقصى لستة أيام متتالية، في محاولة واضحة لفرض عزلة قسرية عليه، وتكريس "السيادة" الإسرائيلية الكاملة على المكان.
وشدد أن ما يجري اليوم هو إعلان صريح من حكومة الاحتلال عن نواياها تجاه "الأقصى" وحق المسلمين فيه، داعيًا إلى موقف فلسطيني وعربي وإسلامي أكثر حزمًا لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة.