الساعة 00:00 م
الأحد 22 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.7 جنيه إسترليني
4.92 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.02 يورو
3.49 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

أطباء بلا حدود: إمداداتنا بغزة مهددة بالنفاد وعلى "إسرائيل" إنهاء عقوباتها

"طائرات ورقية في سماء الحرب".. أطفال غزة يحلّقون بأحلامهم فوق الركام

بالصور آلاء وخلود تتحايلان على محنتهما بالأمل.. تطريز أخَّاذ في خيمة لجوء

حجم الخط
آلاء وخلود أبو اسعيِّد
غزة - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

من رماد الحرب المشتعلة وتحت ظل خيمة مهترئة تُكابد فتاتان في عمر الورد مرارة حربين أولاهما الاحتلال وثانيهما فقدانهما حاستي السمع والنطق، والتي كان سببها الاحتلال كذلك، لكن هذا لم يمنعهما من أن يشقا طريق النور بأناملهما وفنهما من وسط ظلمة المعاناة وتحت وطأة الحرب.

بابتسامة خلابة مُزجت بكثير من قول حُبس قسراً في حنجرتيهما، تُخيط آلاء أبو اسعيِّد (26 عاماً) وشقيقتها خلود (19 عاماً) الفرح وتصنعان من الثياب البالية لوحات فنية تحمل عبق الوطن، في خيمة نزوحهما في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

وكانت آلاء التي فقَدَت سَمعها في قصف إسرائيلي قرب منزلهَا عام 2001م تملك موهبة الرسم والتطريز منذ صغرها، فقد عملت مع جمعية "سُلافة" منذ عام 2014، لكنها الحرب التي قطعت عليها الطريق، وسلبتها عملها ومنزلها الذي تحول إلى ركام بعد أن سيطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المناطق الشرقية لمخيم البريج.

WhatsApp Image 2025-06-22 at 10.33.43 AM.jpeg

"ابنتان فنانتان"..

تقول والدتهما "أم محمد" لـ"وكالة سند للأنباء"، "لدي ابنتان فنانتان تصنعان الموهبة رغم ما بهما من ألم وعجز عن السمع والنطق، ورغم أن الاحتلال كان السبب الأول في مُصابهما إلا أنهما صنعا النور من وسط العتمة".

فقد فقدت آلاء مصدر رزقها وأصبحت هي وشقيقتها تميلان للعزلة، وترفضان التفاعل مع الآخرين والانخراط في المجتمع، بينما تحاول والدتهما بشتى الطرق إخراجهما مما هما فيه، "وفق ما ذكرته أم محمد".

وتروي لمراسلتنا "جمع ابني بعض الملابس من قطع البالة القديمة، وشرعتا بالتطريز عليها، علّهما تستعيدان شغفهما، إلى أن حولتا الخيمة إلى لوحة فنية".

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، استعادت آلاء شغفها للتطريز التطريز، ولم تكن وحدها، فقد علّمت شقيقتها الصغرى خلود (19 عامًا)، وأصبحتا معًا تبدعان في تصميم الحقائب والمشغولات اليدوية.

ولم تتوقف الفتاتان عند صناعة الملابس فحسب، بل أبدعتا في إعادة تدوير علب الحلوى وعلب الألوان إلى حاويات مناديل مزينة، كذلك شادر الخيمة الذي كان له قصة أخرى، إذ صنعتا منه حقائب مزينة أضفت عليه لمسة إبداعية.

WhatsApp Image 2025-06-22 at 10.33.44 AM (2).jpeg

WhatsApp Image 2025-06-22 at 10.33.44 AM.jpeg

حُلم دفين.. وأمانيَ علَّها تتحقق..

أما "خلود" صاحبة الابتسامة الجميلة فقد كان لها الحظ الأكبر من الاهتمام وخوف الأم فقد أفقدها الاحتلال القدرة على الكلام والنطق مُذ كان عمرها عامين، وذلك بعد صاروخ إسرائيلي مَر من فوقها في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008، تسبب لها بصدمة وصرخة كانت آخر ما نطقت به حتى اللحظة.

فماذا يسع الأم من قول وقد كُبلت بشعور لا يمكن البوح به أمام عجز ابنتها عن الكلام، واصفة ذلك:" إلِّي كاسرني بنتي ما عندها لسان تقدر تتكلم، بخاف عليها ونفسي تأخذ حقها في كل شي"، مستدركة، "لكنها تحاول أن تغير من نفسيتها بالرسم والفن رفقة أختها آلاء".

تنظر إليهما الأم بحزن يعتصرها وتترجم حلمهما بصوتيهما معاً، "أن تمتلكا متجرًا بسيطًا تبيعان فيه منتجاتهما، وأن تتمكن فتياتها من السمع مرة أخرى؛ لتحيكا الفن بحب وأمل من جديد".

ولم تتمالك أمهما نفسها، تبكي بُحرقة قائلة لمراسلتنا:" الاحتلال سلب ابنتَي السمع والنطق، نفسي أشوفهم في أعلى المراتب، نفسي أشوفهم إشي نفسي يرجعوا يسمعوا ويتكلموا من جديد".

وتزيد بقلب اختلط عليه شعور الألم والأمل: "بناتي مثل الأطفال، أنا عايشة عشانهم"، تصمت برهة من الوقت وتقول "والله بناتي هُمة اللي سانديني هُمة كل إشي إلي في الدنيا يارب أقدر أحقق لهم إلي نفسهم فيه".

WhatsApp Image 2025-06-22 at 10.33.40 AM (1).jpeg

WhatsApp Image 2025-06-22 at 10.33.45 AM.jpeg

خلف هذه الخيمة يكمن وجع لا حد له، يشقه نور يشع من ظلمة الحرب والقهر، لا أحد يعرف بوجود آلاء وخلود، ولا يجدان من يشتري أعمالهما.

تقول أمهما: "لا أحد يدعمهما، لا سوق، ولا أدوات، ولا ماكينة خياطة، أما الإبرة فبالكاد استطعنا توفيرها"، آملةً أن يعود عمل ابنتيها ويُبصر النور من جديد.