يكابد الآباء في غزة من أجل توفير الحد الأدنى من الغذاء، لعائلاتهم وأطفالهم، في ظل انتشار المجاعة والحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على القطاع وسط استمرار آلة القتل والتشريد.
ويواجه أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الأساسية، مما أدى إلى أزمة جوع حادة تهدد حياة السكان.
ولا يمر يوم دون أن ترتكب قوات الاحتلال مجازر بحق المجوّعين الذين يدفعهم الجوع للتوجه مرغمين إلى نقاط "توزيع المساعدات" التابعة للشركة الأمريكية المدعومة إسرائيليا، رغم إدراكهم بأنها "فِخاخ" للموت وفرص النجاة منها ضيئلة، كما يجمع الغزيون.
وفي مقابلة مصوّرة أجرتها "وكالة سند للأنباء" يقول المواطن زكي الحداد، إن الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر أدى لتجويع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مضيفًا "عندنا أسر وأطفال ولا نجد الطحين ولا الطعام ولا موارد مالية نشتري بها ما يسد رمقهم".
وتابع الحداد بحسرة: "أطفالنا ينامون على الجوع ويصحون على الجوع.. لا طعام ولا أي شيء يسد رمقهم من الفواكه أو الخضار أو اللحوم، وحتى لقمة الخبز التي يمكن أن نكتفي بها في هذه الظروف الصعبة، لا نجدها".
ويشكك الحداد في جدوى التوجه إلى مراكز المؤسسة الأمريكية للمساعدات الإنسانية، مؤكدا أنها "مصائد موت".
أما النازح عبد الرحمن أبو عزيبي، فيؤكد أن حياتهم اليومية مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بسبب الاحتلال والحرب وإغلاق المعابر.
ويبدي أبو عزيبي استغرابه من نقص السيولة بشكل غير مفهوم في قطاع غزة، ويتساءل: "من أخذ السيولة؟ ومن الذي يرفع الأسعار بشكل جنوني يفوق قدرة الجميع؟".
وأشار إلى أنه وبسبب إغلاق المعابر يستشهد المواطنون وهم ذاهبون للحصول على مساعدات ضئيلة لا تذكر.
وأضاف، وهو يمسح بيده رأس طفله أمام خيمتهم: "لقمة أطفالها مغمسة بدمنا".
وتمنع "إسرائيل" منذ 2 مارس/ آذار الماضي دخول المساعدات الإغاثية والغذائية والطبية إلى قطاع غزة، ما تسبب بتفشي المجاعة وتدهور المنظومة الصحية بشكل خطير.
وتؤكد منظمات إنسانية، منها وكالات أممية، عبر بيانات يومية، خطورة الوضع الإنساني في قطاع غزة جرا استمرار الحصار وإغلاق المعابر.
وفي تصريح له مؤخرا، قال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، جيمس إلدر، إن العائلات الفلسطينية في قطاع غزة تعاني الأمرّين لتأمين وجبة يومية واحدة لأطفالها، حيث تدخل إلى غزة "كميات من القنابل والصواريخ تفوق بكثير ما يدخل من الأغذية".
وأضاف أن الوضع يزداد سوءا يوما بعد آخر، في ظل الحصار والهجمات الإسرائيلية المستمرة، واصفا الحالة الإنسانية في القطاع بأنها "قاتمة ومروعة ومحطّمة للآمال".
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت "إسرائيل" منذ 27 مايو/ أيار الماضي، تنفيذ خطة توزيع "مساعدات إنسانية" عبر ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأميركيا، لكنها مرفوضة من قبل الأمم المتحدة.