تكاليف باهظة وخسائر كبيرة تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، خلال 12 يوما من الحرب مع إيران، التي بدأها الاحتلال في 13 يونيو/ حزيران الجاري، بضرب منشآت نووية وقواعد صاروخية واستهداف قادة عسكريين وعلماء نوويين.
وأفادت تقديرات أولية، نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، بأن الحرب على إيران، كلفت خزينة "إسرائيل" 22 مليار شيكل، موضحةً أن 10 مليارات شيكل ذهبت لتمويل إنفاق جيش الاحتلال؛ بما يشمل الذخيرة وصواريخ منظومات اعتراض الصواريخ والساعات الطويلة لتحليق الطائرات الحربية وتجنيد قوات احتياط.
فيما ذهبت 5 مليارات شيكل لتمويل تعويضات للمصالح التجارية والعاملين الذين اضطروا إلى التوقف عن العمل، بالإضافة لتعويض حوالي 15 ألف شخص الذين تم إخلاؤهم من منازلهم، وأخرى مثلها لتمويل الأضرار بالمباني والبنية التحتية التي نتجت عن سقوط الصواريخ الإيرانية.
ولفتت "يديعوت" النظر إلى أنه تم رفع نسبة العجز في الميزانية مسبقًا بسبب الحرب على غزة، ويتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 6%.
واستدركت: "تكاليف الحرب على إيران سترتفع أكثر، بسبب استمرار إقامة آلاف المستوطنين في الفنادق بعد إخلائهم من بيوتهم، وعدم إعادة فتح مصالح تجارية في مبانٍ لحقت بها أضرار وتمويل بقاء عامليها عاطلين عن العمل، وتمويل استئجار منازل للذين بإمكانهم البقاء في الفنادق لمدة شهر فقط".
وما "لم يُقدر حتى الآن" حجم الأضرار في ثلث العقارات التي تضررت جراء سقوط الصواريخ الإيرانية، ولا يزال حجم أضرارها غير واضح، "لكن التقديرات تشير إلى أن تكلفة ترميمها أو إعادة بنائها يتراوح ما بين مليار و1.5 مليار شيكل أخرى".
وعانت الأسواق المالية كذلك من تصاعد التوترات العسكرية، مثل إصابة الصواريخ الإيرانية بورصة الألماس الإسرائيلية، وهي قطاع يُمثل حوالي 8% من إجمالي صادرات "إسرائيل".
وكان من الممكن أن تتجاوز التكلفة الإجمالية للخسائر 12 مليار دولار لو استمرت الهجمات لمدة شهر، وفقًا لمعهد آرون للسياسة الاقتصادية ومقره "إسرائيل".
ويرى خبراء، في أحاديث منفصلة لـ"وكالة سند للأنباء" أن تعطل العجلة الاقتصادية المرحلي الذي تعاني منه "إسرائيل" اليوم قد لا يضر بشكل بالغ بالاقتصاد الإسرائيلي، لكن ما قد يشكل خطراً حقيقيا ويهدد الاقتصاد الإسرائيلي بالانهيار هو المنهجية الإيرانية في ضرب ما يسمى بـ"التسلح التكنولوجي" للاقتصاد؛ وهو ما سيؤثر بعمق في الاقتصاد على المدى البعيد، وقد يصعب التشافي منه أو يحتاج وقت طويل، وهو في نهاية المطاف تهديد حقيق ذو عمق خطير.
ضرب البنية المركزية للاقتصاد الإسرائيلي..
وقال الخبر وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس المفتوحة، عبد المجيد سويلم، إن الضربات الإيرانية في حال بقيت على هذه الوتيرة في ضرب المفاصل المسيرة للاقتصاد الإسرائيلي وخصوصاً التكنولوجي فإن الخسائر الاقتصادية ستكون عشرات أضعاف خسائر تعطل العجلة الاقتصادي.
ويرى "سويلم"، أن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد بشكل أساسي على بنية تحتية ذات تكنولوجيا عالية تدعمه وتحركه، وفي حال بقيت الضربات الإيرانية بمثل هذه المنهجية المتبعة في ضرب البنية التحتية للاقتصاد سيكون من الصعب تعويض تلك الخسائر حتى لو قدمت دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية كل الدعم والإنعاش، فإنها لن تقدم شيء لاقتصاد بالأساس متضرر بشكل كبير جراء معركة "طوفان الأقصى" منذ الـ7 من أكتوبر/ تشرين ثاني 2023.
بدوره، يرى المحلل السياسي والأكاديمي، الدكتور عمر جعارة، أن الاقتصاد الاسرائيلي من قبل الدخول في العملي العسكرية ضد إيران، فهو منذ بدء "معركة طوفان الأقصى" وحتى اليوم في انحدار كبير ووصل حده الأدنى بتاريخ الاحتلال.
وأضاف الأكاديمي "جعارة"، الاقتصاد الاسرائيلي اليوم غير قادر على تمويل الاحتياط الاسرائيلي وحتى رواتب الموظفين، مشيراً إلى أن طلبات التعويض الهائلة حتى لو بحدها الأدنى، سترهق ميزانية الحكومة التي هي في الأساس أوشكت على الاستنزاف، لذلك سيتم تعويض كل متضرر بما لا يزيد عن 500 شيكل، وهي تعادل 143 دولار.
وبين أن ميزانية الحكومة بنيت على صفقات ائتلافية، حيث ذهب جزء كبير من الميزانية الحالية للاستيطان والمستوطنين وطلاب المدارس الدينية، ولم تذهب لمتطلبات الدولة، ناهيك عن الاستنزاف التي فرضته معركة طوفان الأقصى، لذا فنحن اليوم أمام ميزانية شبه مستنزفة بالكامل، فالحكومة تحاول اليوم تقديم طلب لرفع الميزانية وهذا إجراء من الصعوبة بمكان، وفي المقابل تحاول اليوم رفع قيمة الشيكل مقابل الدولار بأي شكل من الأشكال.
واستهدفت إيران خلال أيام المواجهة العسكرية، بنى تحتية حيوية في تل أبيب وحيفا، بما في ذلك هجوم أدى إلى إغلاق مصفاة بازان، أكبر مصفاة نفط في "إسرائيل"، متسببًا في خسائر يومية تُقدر بـ3 ملايين دولار، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز.
وعلّق مطار بن غوريون عملياته ردًا على الضربات الإيرانية، وهو المطار الذي يستقبل عادةً حوالي 300 رحلة و35 ألف مسافر يوميًا، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التعطيل إلى خسائر اقتصادية أكبر.
وتزامن تعليق الرحلات في أكبر مطار في البلاد مع قيام شركة الطيران الوطنية الإسرائيلية، العال، بتعليق رحلاتها وتحويل مسار طائراتها، تحسبًا لأي تهديد بالاستهداف.
مدى الخسائر الاقتصادية جراء الضربات الإيرانية..
من ناحيته، يرى الباحث والخبير في شؤون الإسرائيلية، الأكاديمي علي الأعور، أن ضرب ميناء حيفا وتعطيله ومن ثم ضرب مبنى البورصة الإسرائيلية التي تعتبر قلب الاقتصاد الإسرائيلي النابض، شركة توليد الكهرباء في حيفا، وشركة تكرير النفط، ومن ثم ضرب بنى تحتية أخرى حساسة أدى إلى تهاوي الاقتصاد الإسرائيلي بشكل سريع.
وبين الباحث والخبير "الأعور"، أن الشلل التام يوقف عجلة الاقتصاد اليوم في "إسرائيل" جراء طلب "الجبهة الداخلية" بشكل متكرر من الإسرائيليين البقاء في الملاجئ، وبتالي تعطل كافة الشركات والمصانع.
وختم، أن المحزن أن هنالك دولا عربية عازمة على دعم حكومة الاحتلال حتى تبقيها تسير في مشروعها سواء في غزة أو لبنان وسوريا أو أخيراً في إيران، لكن في الجانب الآخر هذا الدعم قد يدعم فاتورة الحرب ويطيل من أمدها، لكنه لن يعمل على تشافي الاقتصاد الإسرائيلي بالشكل والوتيرة المطلوبة بعد نهاية الحرب، فسيكون قد تضرر بشكل عميق وعميق جداً.
والاثنين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن إسرائيل وإيران اتفقتا على وقف إطلاق نار "كامل وشامل" في ظل تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الساعة 04:00 بتوقيت غرينتش أمس الثلاثاء، وحث ترامب الجانبين على عدم انتهاكه.