الساعة 00:00 م
السبت 28 يونيو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.64 جنيه إسترليني
4.78 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.96 يورو
3.39 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

العلم الفلسطيني يكسر حاجز الصمت في ملاعب أمريكا

آخرها دعوة شاي ألون.. دلالات تصاعد الدعوات الإسرائيلية لحل السلطة الفلسطينية

حجم الخط
حل السلطة الفلسطينية
نابلس- نواف العامر/وكالة سند للأنباء

من على تلال مدينة البيرة، وقرى بتين ودورا القرع، وسط الضفة الغربية، حيث أقيمت مستوطنة "بيت إيل"، عاصمة الإدارة المدنية الإسرائيلية، وغير بعيد عن مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله، أطلق رئيس مجلس المستوطنة شاي ألون، أوائل الأسبوع الجاري، أحدث دعوة إسرائيلية لـ "حل السلطة الفلسطينية وطي صفحتها بالكامل"، باعتبارها "عقبة أمام الأمن الإسرائيلي".

دعوة ألون تضاف لسجل قيادات حكومية وحزبية إسرائيلية، جاءت في سياق مقال كتبه في صحيفة معاريف، أن "ما بعد الحرب على إيران يجب أن يُستثمر لـتحييد العدو القريب وهو هنا تمثله السلطة الفلسطينية، عبر حلها بالكامل ونقل مهامها الإدارية إلى جهات حددها بأنها غير مسلحة"، وفق تعبيره.

وشنت "إسرائيل" عدواناً على إيران فجر يوم الـ 13 حزيران/يونيو الجاري، واستمر لمدة 12 يوماً، واستهدف قيادات عسكريين وعلماء نوويين، قبل أن ترد إيران بهجمات باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي استهدفت مواقع عسكرية واستخبارية داخل الأراضي المحتلة، وقصف قاعدة "العديد" الأميركية في قطر، قبل يوم من التوصل لاتفاق بوقف إطلاق النار.

تصفية البنية السياسية للفلسطينيين

ويرى ألون أن "الانتصار الإسرائيلي" على إيران يجب أن يُستكمل داخليًّا، عبر ما أسماه إغلاق الملفات العالقة في الضفة، وحيث أن السلطة الفلسطينية بالنسبة له ليست شريكاً، بل كيان يجب إنهاؤه، فيرى أن "الزخم الاستراتيجي الحالي يجب أن يصل إلى الضفة لتصفية البنية السياسية المتبقية للفلسطينيين".

ويصمم المسؤول الاستيطاني أن البيئة الشعبية الفلسطينية معادية، وأن مخيمات اللاجئين في نابلس وجنين هتفت ضد "إسرائيل" خلال الحرب، وهذا دليل على فشل السلطة في تغيير المزاج العام، وهو ما يستخدمه كمبرر للمطالبة بتفكيكها.

وفي سبتمبر/أيلول 1993، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إسحاق رابين، ورئيس اللجنة التنفيذية بالمنظمة آنذاك ياسر عرفات، على إعلان أوسلو، الذي أفضى لتشكيل سلطة فلسطينية منتخبة بصلاحيات محدودة.

وفي إطار تنفيذ الاتفاق، انسحبت إسرائيل من غزة وأريحا، في حين عاد الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ومسؤولو منظمة التحرير الفلسطينية إلى أرض فلسطين من تونس، وأسسوا السلطة الفلسطينية.

وباتت السلطة الفلسطينية اليوم، في موقف لا تحسد عليه؛ فهي في نظر قطاع من الفلسطينيين والقوى المعارضة تتهم بملاحقة المقاومة ومستمرة في التنسيق الأمني، وتراه وسيلة لحماية المشروع الوطني، بينما في نظر الحكومة الاسرائيلية ورموزها لا تقوم بما عليها وفق اتفاق أوسلو، وتدفع أموالاً للأسرى، وتشكل عبئًا حقيقي يجب التخلص منه، وفي أفضل الأحوال إضعافها وخنقها ماليًّا.

ولا تبدو تصريحات "ألون" منفصلة عن الرؤى الحزبية الاسرائيلية ومرتبطة بتنامي الدعوات المنادية بضرورة السعي لتفكيك السلطة ككيان فلسطيني، يرى اليمين الإسرائيلي أن لا مبرر لبقائه، ويجب تفكيكه كلياً بما يتفق ومشروع إعادة تشكيل الضفة، المتماشي مع الرؤية الصهيونية الصرفة.

وليس نتنياهو وحده يتفرد بمواقف متشددة من بقاء السلطة ومشروع الدولة الفلسطينية العتيدة كطموح فلسطيني عام، ويوافقه جُل أعضاء حكومته الحالية وعلى رأسهم الوزراء سموتريتش وبن غفير وكاتس وساعر وأوريت ستروك وياريف ليفين، حيث يرى الأخير أن أضرار السلطة الفلسطينية تفوق فوائدها، لذلك لا بد من المساس بكبار المسؤولين وفرض ثمن على الأرض.

الدعوات في سياق حرب الإبادة

ويرفض عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، المسوغات والدعوات الاسرائيلية لحل السلطة الفلسطينية، معتبرًا أنها تأتي في سياق حرب الإبادة للفلسطينيين في غزة والضفة، واستهداف الثوابت الفلسطينية، وضرب التمثيل الفلسطيني وعنوانها الرئيسي السلطة الفلسطينية.

ويشدد القيادي أبو يوسف في حديث خاص بـ وكالة سند للأنباء، على أن الحرب مع إيران والمنطقة، بمثابة تصدير سياسي يحرف الأنظار عن الواقع والإبادة، بينما يأتي تصريح الزعيم الاستيطاني ألون ضمن خطة الحسم والضم الإسرائيلية، يسندها نحو ألف حاجز تقطع أوصال الضفة، والسُعار الاستيطاني المتسع في محاولة عبثية لكسر الشعب الفلسطيني.

ويضيف أبو يوسف، أن القرصنة الاسرائيلية الرسمية للأموال الفلسطينية وعائدات الضرائب، ومصادرتها، تتطلب مضاعفة المسؤولية على كاهل المجتمع الدولي، بوضع آليات للعقوبات على "إسرائيل" وقطع العلاقات مع احتلال محميٍّ من دول كبرى.

ومنذ 2019، قررت "إسرائيل" اقتطاع مبلغ 600 مليون شيكل (165 مليون دولار) سنويا من أموال المقاصة، مقابل ما تقدمه السلطة الفلسطينية من مخصصات شهرية للأسرى والمحررين.

وزاد الرقم السنوي لهذا الاقتطاع المتعلق بمخصصات الأسرى والمحررين ليصل إلى متوسط 700 مليون شيكل سنويا (195 مليون دولار).

ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، لم تتمكن السلطة الفلسطينية من دفع رواتب موظفي القطاع العام بنسب كاملة، وراوحت النسبة بين 50 و90 بالمئة من الرواتب الشهرية.

وتشكل أموال المقاصة 65 بالمئة من إجمالي الإيرادات المالية للسلطة الفلسطينية.

إضعاف السلطة اقتصاديا

ويصف عضو المجلس الثوري لحركة فتح تيسير نصر الله، تنامي الدعوات الاسرائيلية لحل السلطة الفلسطينية، بأنها تعبر عن التوافق والإجماع الإسرائيلي الأمريكي، الرامي لإضعاف السلطة الفلسطينية وحضورها وتمثيلها، مشيرًا إلى الأهداف التي تقود لاستنزاف موارد السلطة المالية.

ويردف نصر الله في حديث لـ وكالة سند للأنباء أن السلطة باتت غير قادرة على توفير الأموال والمستحقات المالية لموظفيها، على مدار الشهور الماضية.

ويعتقد نصر الله أن كافة الجهود الإسرائيلية، وبضمنها الدعوات لحل السلطة وحصارها، تأتي في سياق الهجمة الإسرائيلية ووسيلتها خطة الحسم، لإنهاء الحلم الفلسطيني بإقامة دولته، فيما السلطة منذ نشأتها وفق الرؤية الإسرائيلية، تعبر عن مشروع دولة ويجب محاربتها.

ويقول نصر الله إن الاحتلال وحكومته تحارب فكرة الدولة الفلسطينية المنتظرة كمحاربة للشعب وكيانيته وحقوقه وتمثيله، على وقع خطة تفصل الضفة وغزة عن بعضهما البعض، وتضغط لتنفيذ التهجير الفلسطيني مشيرا الى أن تفكيك السلطة وتحويلها لمناطق إدارية، يتم العمل عليه إسرائيليا، في الوقت الذي لا تتوقف الاقتحامات اليومية لمدن وبلدات الضفة وانتهاك لسيادة السلطة الفلسطينية.

ويخلص نصر الله إلى أن من ضمن الأهداف الإسرائيلية في الحرب مع إيران، تأجيل المؤتمر الدولي الذي كان مزمعًا عقده في نيويورك، بتوافق فرنسي سعودي، والذي كان بمثابة اعتراف دولي جديد بالدولة الفلسطينية المنشودة.

وكان من المخطط عقد "مؤتمر فلسطين الدولي" بمشاركة رفيعة المستوى في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك بين 17 و20 يونيو/ حزيران الجاري، برئاسة مشتركة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، لمناقشة الأوضاع في غزة، وبحث سبل التوصل إلى حل الدولتين في فلسطين، بالإضافة إلى تشجيع الدول على اتخاذ خطوات نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وعقب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأجيل المؤتمر.

الاعتراف الدولي

على صعيد متصل؛ يعتبر المحلل السياسي رأفت الظاهر، أن التصريحات الإسرائيلية الرسمية والحزبية، تهمش وجود السلطة الفلسطينية على الأرض، وتغفل حق السلطة الفلسطينية في استمرارها استنادا لاتفاق أوسلو.

ويصف الظاهر في حديثه لـ وكالة سند للأنباء، التصريحات الإسرائيلية، بالعنصرية المتطرفة، الساعية لتهميش دور السلطة وتقليصه، لكنها برأيه تناقض اعتراف نحو 150 دولة حول العالم بدولة فلسطين.

ويرى الظاهر أنها لا تعدو كونها تصريحات تخويف وترهيب للكينونة الفلسطينية وقواها، ومعبرة عن نفسية تضغط لتشكيك الفلسطيني بحقه، على الرغم من الظروف الصعبة والعصيبة والدعم والانحياز الأمريكي لـ "إسرائيل".