تصاعدت التصريحات في الأيام الأخيرة، حول قرب التوصل إلى صفقة في قطاع غزة، قد تفضي إلى إنهاء الحرب، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.
ويعتقد مراقبون أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران و "إسرائيل" الأسبوع الماضي، زاد من فرصة الدفع نحو التوصل إلى اتفاق في قطاع غزة.
والجمعة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن الوسطاء يتواصلون مع "إسرائيل" وحركة حماس، للاستفادة من وقف إطلاق النار مع إيران، من أجل الدفع باتجاه التوصل إلى هدنة في قطاع غزة.
وأضاف الأنصاري في مقابلة مع وكالة فرانس برس، أنه "إذا لم نستغل هذه الفرصة وهذا الزخم، فستكون فرصة ضائعة من بين فرص كثيرة أتيحت في الماضي القريب. لا نريد أن نشهد ذلك مرة أخرى".
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الجمعة، إنه يعتقد أن من الممكن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أسبوع.
وصرّح ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، بأنه يعتقد أن وقف إطلاق النار في غزة وشيك.
وأضاف أنه كان يتحدث للتو مع بعض المعنيين بمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين "إسرائيل" وحركة حماس.
ماذا تقول حركة "حماس"؟..
من جانبها، وصفت مصادر مطلعة من حركة "حماس"، وفق ما نقلت عنها صحيفة "الشرق الأوسط"، الاتصالات واللقاءات التي تجري هذه الأيام في القاهرة والدوحة بالتزامن، بأنها "قد تكون الأكثر جدية"، لا سيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
ونبهت المصادر إلى أن واشنطن تظهر رغبة أكبر بأنها تريد الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت إن الاتصالات الحالية تركز على إيجاد صياغة للتوافق بشأنها والتفاوض حول بعض تفاصيلها لاحقاً خلال لقاءات غير مباشرة قد تعقد في القاهرة أو الدوحة.
ونوهت إلى أنه من المبكر الحديث عن اختراق يمكن أن يؤدي إلى اتفاق خلال الأسبوع المقبل، وأن الوصول إلى اتفاق، حتى ولو مرحلياً، قد يستغرق الأمر أسبوعين أو ثلاثة.
ورجحت "مصادر حماس"، أن يتم الذهاب إلى اتفاق مرحلي يفضي لوقف إطلاق نار لمدة متفق عليها، "قد نكون أقرب لإعادة صياغة الاتفاق المنسوب إلى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، والمحدد بـ 60 يوماً، على أن يشمل تعديلات غير التي قدمت حينها".
وأوضحت: "ومن ضمن تلك التعديلات وقف إطلاق النار على مدار تلك الأيام، وضمان تنفيذ البروتوكول الإنساني المتفق عليه بالكامل، وهذان أمران يمكن التأكيد أنه يوجد تقدم في المباحثات بشأنهما".
وبينت المصادر أن المشكلة الأساسية تكمن في التجاوب الإسرائيلي مع ما يطرح، مشيرة إلى أن هناك حالة من عدم الاهتمام لدى حكومة بنيامين نتنياهو بالمضي نحو اتفاق حقيقي.
وأكدت أن الصفقة الشاملة التي عرضتها حماس سابقاً ما زالت قائمة، وهي في محور المحادثات التي تجري في القاهرة.
وكشفت المصادر النقاب عن لقاءات فلسطينية- فلسطينية، وأخرى فلسطينية- مصرية، عقدت في القاهرة؛ تبحث فرص إنجاح أي اتفاق يضمن تنفيذ المطالب الفلسطينية المشروعة والتي تتمثل في إنهاء الحرب، ورفع الحصار، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع، وإعادة الإعمار.
وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، السبت، أن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، يصل القاهرة قريبًا وسط "مؤشرات إيجابية" على تقدم في محادثات الصفقة.
وأضافت أن الزيارة المزمعة تتزامن مع تغير نسبي في نبرة تصريحات وزراء الحكومة الإسرائيلية بشأن هذه القضية، ما يعزز فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قريبًا.
وذكرت الهيئة نفسها، الجمعة، أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ترأس اجتماعا أمنيا مصغرا لمناقشة تطورات الحرب على غزة ومفاوضات صفقة التبادل.
ونقلت عن مصدر سياسي إسرائيلي، أن "تل أبيب" مستعدة للانخراط في محادثات جديدة بشأن غزة وصفقة التبادل، شرط أن تستند إلى مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
وبينت القناة 12 الإسرائيلية الخاصة أن الحديث في "إسرائيل" يدور عن صفقة على غرار مقترح ويتكوف، أي وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا مقابل إطلاق سراح 8-10 أسرى أحياء ونصف الأسرى القتلى.
واستدركت القناة "مع ذلك، فإن المفهوم هو أنه خلال الستين يومًا الأولى، ستسعى إسرائيل إلى التوصل إلى اتفاق شامل وإنهاء الحرب".
والسبت، التقى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في واشنطن بعائلات أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، طالبوه فيها بالدفع نحو الإفراج عنهم.
ونقلت العائلات عن روبيو قوله إن "الانتصار الوحيد بغزة، سيتحقق عند إعادة المخطوفين فقط"، وأن "ثمة فرصة متاحة لإعادتهم الآن ضمن صفقة واحدة لا مجزأة".
وعقب مقتل 7 جنود في كمين للمقاومة بخان يونس، طالب العقيد احتياط كوبي ماروم، نتنياهو، باتخاذ قرار شجاع بشأن إنهاء الحرب في غزة، انطلاقاً من موقع القوة.
وقال "يتبين أكثر فأكثر أن هذه الحرب هي حرب استنزاف، ولا تساهم في تحرير الأسرى، بل تعرّضهم للخطر، وتقيّد قدرة الجيش الإسرائيلي على القتال، ولن تؤدي إلى تدمير حماس".
وتحت عنوان: هل نحن أمام صفقة قريبة؟، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي القريب من حماس إياد القرا، وجود العديد من الدلائل والإشارات التي تحفز التواصل لاتفاق في غزة.
وقال القرا إن نتنياهو يسعى لاستثمار ما أسماه "النصر على إيران"، في تكريس صورة القيادة القوية، محاولًا جني ثمار سياسية داخلية، ولا يرغب في العودة إلى تصدر غزة المشهد، والتي تخطف منه مشهد النصر وتعيد الأضواء إلى جرائم الحرب واشتعال الجبهة الداخلية لديه، بخصوص الأسرى.
ويرى القرا أن هناك ما يدور في الكواليس بين حركة حمـاس والإدارة الأميركية، وهو ما يحتاج إلى مزيد من النضج قبل أن يتولى ترامب شخصيًا الإعلان عنه.
ويضيف أن تعثّر إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومشاهد المجاعة وجرائم القتل عند مراكز توزيع المساعدات، أعادت العالم إلى مربع الإحراج الأخلاقي، وسط تصاعد الضغوط على "إسرائيل" بسبب فشلها في احترام القانون الدولي.
ويعتقد أن القاهرة والدوحة لم تتوقفا عن التحرك، والمقترحات على الطاولة باتت أكثر نضجًا، خاصة مع تفهم الوسطاء للكثير من ملاحظات المقاومة.
ويؤكد الكاتب القرا أن الكرة الآن في ملعب الاحتلال، الذي يتهرّب من إرسال وفده التفاوضي، ويماطل في إقرار الصيغة النهائية.
يأتي كل ذلك في وقت تتواصل فيه جرائم الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة، أمام أنظار العالم، العاجز عن وقف شلال الدم الفلسطيني لليوم الـ631.