الساعة 00:00 م
الثلاثاء 08 يوليو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.55 جنيه إسترليني
4.71 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
3.92 يورو
3.34 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

عادل الرمادي.. لا يكتب من خيال بل من وجعٍ غزّيٍ ينزف شعرًا وقهرًا في قصيدته

"سارة" تقاوم الحياة برجليها بعد أن أفقدها الاحتلال ذراعيها

في ظل استمرار حرب الإبادة وإغلاق المعابر..

بالصور الحمى الشوكية.. التهاب يلف أجساد أطفال غزة ومنظومة صحية عاجزة!

حجم الخط
التهاب السحايا
غزة - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

في غرفة مكتظة بالمرضى وصراخ الأطفال، أمهات تهدهد على أطفالها وتُخفي قلقاً من مستقبل صحةٍ مجهول أمام أمراض تنتهك أجساد أطفالهم الصغار، تحت أزيز حربِ موتٍ وجوع في قطاع غزة.

أيادٍ رقيقة تلفها ضمادات وإبرة عُلِّق بها محلول علَّها تُخفف بعضاً من الألم لأجساد أطفال هزيلة لم تتجاوز أعمارهم الأشهر، في ظل انتشار مرض الحمى الشوكية "السحايا" في صفوفهم جراء سوء التغذية وقلة النظافة.

ويتعرض 60 ألف طفل رضيع في قطاع غزة إلى خطر الإصابة بمرض الحمى الشوكية "السحايا" المعدي، في ظل استمرار انتشار سوء التغذية والإغلاق الإسرائيلي للمعابر، وفقاً لما ورد عن مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة.

أطفال غزة.jpg

إصابات في صفوف الأطفال..

ولا تكاد تسمع صوت بكاء الرضيعة ديما أبو نحل التي لم يتجاوز عمرها الشهرين بوزن كيلو و500 غرام، تصارع بهما "نقص الأوكسجين، والتهاب الحمى الشوكية".

تقول السيدة خديجة والدة الطفلة ديما لمراسلتنا إنها ومنذ ميلادها لطفلتها في شهرها الثامن لا تنفك تتردد إلى المستشفى يوماً بعد يوم، في ظل تفشي الفايروسات وانتشار الأمراض بشكل مهول ومرعب خاصةً في صفوف الأطفال.

أطفال.jpg

وتصف لـ"وكالة سند للأنباء"، أن طفلتها لا تحظى بمناعة قوية، بل تأثر من "الهواء الطاير"، وتزيد أن غياب التغذية وعدم التمكن من توفير حليب الأطفال والحليب العلاجي، إضافة إلى تلوث مياه الشرب، فاقم من حالتها الصحية.

وتُبدي السيدة "خديجة" تخوفاً على أطفالها الخمسة من أختهم الرضيعة، متخذة جميع الطرق الوقائية والاحترازية، خاصة وأن "الحمى الشوكية" مرض مُعدٍ.

وتزيد: "أحاول قدر المستطاع توفير المعقمات وأدوات النظافة، والحرص على تقليل أي تلوث، كذلك إبعاد الأطفال عن أختهم ديما حتى لا يصابوا بالعدوى".

الحمى الشوكية.jpg

وعلى سرير مجاور في الغرفة نفسها، تهدهد السيدة أماني صالح أمٌ للتوأم أسامة وعبد الله صلاح شاهين (6 شهور) برفق على طفليها اللّذين يقاسيان آلام الحمى الشوكية "السحايا" في ظل أزمات الاحتلال المركبة في قطاع غزة.

ويُعانى الطفلان من ارتفاع في درجات الحرارة دون انخفاض حيث بُدئ الأمر بـ8 ساعات بين كل ارتفاع، تلاه 7 ساعات حتى وصل الأمر لارتفاع حرارتهما كل ساعتين.

تقول "صالح" لـ"وكالة سند للأنباء"، إن جميع أنواع خافضات الحرارة لم تُجدِ نفعاً مع طفليها، رافقها إسهال وقيء، حتى تبين بعد الفحوصات الطبية إصابتهما بالحمى الشوكية.

وتزيد أن نسبة التهابات الحمى لدى طفليها أحدهما 68 والآخر 55، مُرجعةً السبب إلى انتشار الفايروسات الممرضة في أجواء القطاع في ظل الاكتظاظ السكاني.

محاليل.jpg

وبجسده الهزيل وأصابعه الرقيقة التي آلمتها إبرة "الكانيولة"، تمكث أم محمود الديري، في مستشفى شهداء الأقصى منذ أيام رفقة حفيدها محمد الذي لم يتجاوز عمره (45 يوماً)، حيث يعاني من نسبة مرتفعة وصادمة من التهاب الحمى الشوكية وصلت حتى 2000.

وتصف معاناتها ومعناة والدة الرضيع في ظل عدم توفر حفاظات الأطفال والحليب، إذ يعاني الأطفال في هذا المرض من إسهال متواصل يصل إلى 7 مرات يومياً.

وتوضح ضيفتنا أن حفيدها الصغير وبجسده الهزيل أصيب كذلك بالتهابات الجلد "السماط" نتيجة الإسهال المستمر، ناهيك عن أزمة الحفاظات التي يبلغ سعر القطعة الواحدة منها 7 شواكل (2 دولار)، بينما تُبدي قلقاً على مصيره في ظل الأوضاع الراهنة.

التهاب الحمى الشوكية.jpg

مرض مُعدٍ.. و"إسرائيل" ماضية في تعنتها..

إلى ذلك، يقول المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى خليل الدقران، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمارس سياسة التجويع بحق الفلسطينيين والأطفال في قطاع غزة، بإمعانه في إغلاق المعابر ومنع دخول حليب الأطفال والغذاء والمستلزمات الطبية اللازمة.

ويشير في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إن حوالي 60 ألف طفل رضيع في قطاع غزة بحاجة إلى الحليب الصناعي 1 و2، في وقت يمنع فيه الاحتلال وصوله إلى القطاع.

ويُنبه ضيفنا أن انعدام الغذاء والحليب تسبب بسوء تغذية وصل إلى مراحل شديدة لدى الأطفال ترتب على إثرها انتشار العديد من الأمراض على رأسها التهاب الجهاز التنفسي، التهاب الجهاز الهضمي وانتشار الأمراض الجلدية.

وعن التهاب "السحايا" الحمى الشوكية، يوضح "الدقران" أن هذا المرض الناتج عن سوء التغذية وقلة المناعة وعدم وجود بيئة صحية داخل قطاع غزة، في ظل عيش الغالبية الكبرى من العائلات داخل مخيمات النزوح في بيئة غير صحية.

ويحذر "الدقران" من خطورة هذا المرض كونه مرضاً معدياً، لافتاً إلى أن مستشفى شهداء الأقصى يضم حالياً 90 طفلاً من مرضى التهابات الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والحمى الشوكية، من أصل قدرة استيعابية لا تتعدى 40 طفلاً فقط داخل القسم.

ومن بين هذه الأعداد 21 طفلاً من مرضى التهاب السحايا "الحمى الشوكية"، -وفقاً لما ذكره ضيفنا-، مبيناً أنه في ظل أزمات مستشفيات القطاع وزيادة عدد حالات المرضى استدعى الأمر لتنويم كل 3 أطفال على سرير واحد.

ويستقبل المستشفى يوميا من 3 إلى 5 حالات لأطفال مصابين بالتهابات السحايا وأمراض معدية أخرى "وهي سابقة لم يُعتد عليها قبل حرب الإبادة على القطاع.

وما يزيد خطورة الأمر أن الفحوص تبين أن الإصابات بالتهاب السحايا هي نتيجة عدوى بكتيرية وليست فيروسية فقط، ولهذا مضاعفات أكبر وأشد خطرا على حياة الأطفال، خاصة مع الواقع المعقد في المستشفى لعدم توفر إمكانية العزل الطبي المطلوبة في مثل هذه الحالات.

ويوضح "الدقران" أن كل حالة مصابة تحتاج من أسبوع إلى 10 أيام من العزل الطبي والمتابعة والعلاج بالمضادات الحيوية الدقيقة، في ظل شح شديد بهذه المضادات، نتيجة الحصار المشدد وإغلاق المعابر.

ارتفاع مقلق في أعداد المرضى والمستشفيات لا تحتمل..

إلى ذلك، يوضح رئيس قسم الأطفال بمستشفى النصر والرنتيسي للأطفال راغب ورش أغا في تصريح سابق، إن المستشفى سجل مئات الإصابات بالمرض خلال الأسابيع الأخيرة، محذرًا من ازدياد يومي في الحالات، في وقتٍ يعاني فيه القطاع من نقص حاد في المياه النظيفة ومستلزمات النظافة الشخصية، ما يرفع من معدلات انتشار الأوبئة والأمراض المعدية.

ويشير "أغا" في تصريحاتٍ صحفية، إلى أن المرافق الصحية باتت عاجزة عن الاستجابة لحجم الاحتياج، نتيجة سياسة الاحتلال التي تستهدف البنية التحتية الصحية بالتدمير، فضلًا عن التهجير القسري لما يزيد عن ثلثي سكان قطاع غزة، وتكدس أكثر من مليون ونصف مواطن في مناطق مكتظة تفتقر لأبسط مقومات الحياة والرعاية الطبية.

ويُنبه من أن استمرار هذا التكدس في غياب المياه النظيفة والرعاية الصحية، يهيئ بيئة خصبة لتفشي أمراض خطيرة مثل السحايا، خاصة في ظل العجز الحاد في الأدوية والمضادات الحيوية ومستلزمات الوقاية.

ويدعو "أغا" الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية إلى التدخل العاجل، من خلال دعم المرافق الصحية وتوفير كميات كافية من المياه الصالحة للشرب، والأدوية الأساسية والمضادات الحيوية، إلى جانب دعم وحدات الرعاية الأولية، محمّلًا المجتمع الدولي المسؤولية الأخلاقية والإنسانية الكاملة إزاء الكارثة الصحية المتفاقمة التي يواجهها المدنيون في غزة.