الساعة 00:00 م
الجمعة 19 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
5.35 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.79 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

مسيرات العودة.. حصاد 2019 وجدل الأهداف والاستمرارية

حجم الخط
صوة أرشيفية
غزة - وكالة سند للأنباء

شهد العام 2019، العديد من الأحداث الهامة والمؤثرة في قطاع غزة، في مناسبات مختلفة، والتي كان أبرزها مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في الثلاثين من مارس لعام 2018.

وشاركت الجماهير على مدار أكثر من عام ونصف في مختلف نقاط التماس على الحدود الشرقية لقطاع غزة.

ويطالب المتظاهرين في هذه المسيرات، بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم التي هجروا منها عام 1948 ، تكريساً لقرار الأمم المتحدة رقم 194، وكذلك طالبت التظاهرات –بشكلٍ أبرز- برفع الحصار المفروض على قطاع غزة من قبل إسرائيل لما يناهز عقداً من الزمان.

وعلى مشارف انتهاء العام 2019، رصدت "وكالة سند للأنباء"، في هذا التقرير أبرز الأحداث التي تخللت مسيرات العودة، والمتغيرات التي رافقتها، ومدى تأثيرها عربياً ودولياً، وما هو مستقبلها في العام القادم.

وتباينت آراء أصحاب القرار والمحللين، في أحاديث منفصلة مع "وكالة سند للأنباء"، ما بين مؤيد ومعارض، مع الإشارة إلى بعض الانتقادات التي رافقت المسيرات، وطرق تصحيحها.

وأعلنت الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار قبل أيام، اعتماد برنامج جديد لمسيرات العودة، حيث تم اعتماد انطلاقها مرة واحدة شهرياً، وفي المناسبات الوطنية، بعد أن كانت تنطلق كل يوم جمعة من كل أسبوع.

وقال عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة، صلاح عبد العاطي "إن السبب هو إعادة التقييم الذي تقوم به الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، والذي أفرز ضرورة تجديد أشكال المقاومة السلمية والحفاظ على الطابع السلمي والشعبي للمسيرات، ولمد الحراك للتجمعات الفلسطينية كافة".

وأوضح أن كل هذه الأمور أفضت لأن تصبح مسيرات العودة شهرية الشكل والنمط على أن تبدأ في الثلاثين من آذار من العام القادم.

شهداء وجرحى

وقال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، إن إجمالي شهداء مسيرات العودة الكبرى بلغ (316) شهيدًا، من بينهم (62) طفلاً، وسيدتين، و(9) من ذوي الإعاقة، و(4) مسعفين، و(2) من الصحفيين.

وأشار القدرة في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أن عدد الجرحى بلغ (35.703)،  بينهم (6534) طفل، و(2642) سيدة، تنوعت إصابتهم بين الطفيفة والمتوسطة والخطيرة.

 ولفت إلى استهداف الاحتلال للطواقم الطبية (277) مرة، أصيب (776) مسعف، فيما أصيب (173) صحفيًا خلال تغطيتهم لمسيرات العودة، كما بلغت حالات البتر (158).

انجازات ومكاسب

عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة، عدّ أن أبرز ما حققته المسيرات خلال عام 2019 هو المحافظة على استمراريتها كفعل جماهيري يشكل حالة اشتباك مع الاحتلال رداً على الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، والعدوان المستمر على القدس، وقضية اللاجئين والأسرى والاستيطان.

كما اعتبر أبو ظريفة في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، أن المسيرات استطاعت أن ترسخ الجسر الذي يربط قطاع غزة بالمشروع الوطني الفلسطيني في إطار الصراع مع الاحتلال، والحفاظ على مكونات الوحدة الفلسطينية التي تجلت عبر الهيئة الوطنية العليا.

وتابع "استطاعت مسيرات العودة  أن تعبر عن الكل الوطني الفلسطيني، والتمسك بحق العودة، والضغط على الدول المانحة من أجل الإيفاء لسد العجر في ميزانيات "الأونروا"، وإعادة تفويضها لمتابعة قضية اللاجئين".

وعلى الصعيد الاجتماعي والحياتي، أوضح أبو ظريفة أن الثمار لم تكن كما يتمناها أبناء الشعب الفلسطيني، من تخفيف البطالة والفقر، ولكنها استطاعت أن تجبر الاحتلال على بعض التنازلات من خلال تخفيف الحصار وتقديم بعض التسهيلات للقطاع".

أثرها على الجانب الإسرائيلي

واعتبر عضو المكتب السياسي للديمقراطية، أن مسيرات العودة استطاعت أن تعمق حالة الخلافات السياسية والعسكرية في إسرائيل، والتباين بينهما في كيفية التعاطي مع مسيرات العودة من خلال ضغط الجانب العسكري الإسرائيلي على السياسيين في إسرائيل في تخفيف حدة الحصار المفروض على غزة.

كما أدت إلى خسائر على المستوى الاقتصاد الإسرائيلي، من خلال الخسائر التي كبدتها للمستوطنين المزارعين في غلاف غزة، والذين طالبوا حكومتهم بالتعويض عن الخسائر التي لحقت بهم بفعل البالونات الحارقة.

وأضاف أن المسيرات، استنفذت طاقة الاحتلال من خلال الجهد الأسبوعي، وحجم ما يقوم به الاحتلال على الحدود من تواجد واستهلاك أموال وإمكانيات، بالإضافة إلى التأثير على معنويات الاحتلال من خلال بعض ما قام به الشباب الثائر من أعمال مقاومة على الحدود.

وبحسب أبو ظريفة،  أنه على الصعيد الدولي أثبتت المسيرات جرائم الحرب الإسرائيلية، وقد تجلى ذلك من خلال قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بمحاسبة إسرائيل على جرائمها.

انتقادات وتوجيهات

ورأى أبو ظريفة، أن بعض الخطابات في مسيرات العودة خلال عام 2019، كان يغلب عليها الطابع الفئوي الحزبي، والخروج عن البعد الوطني.

وأوضح أن عمليات الضبط الميداني للجان المتعلقة بمسيرات العودة، في عام 2019 في ظل الاندفاع الشبابي الواسع لم تكن كافية للتخفيف من آثار العدوانية الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى ارتقاء العديد من الشهداء والجرحى في صفوف المتظاهرين.

 كما انتقد أبو ظريفة في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، الروتينية التي اتسمت بها المسيرات في عام 2019، بخلاف عام 2018 التي كانت المسيرات تحمل أنشطة متنوعة، كترسيخ حق العودة، والمسابقات وغيرها من القضايا.

 واعتبر عضو المكتب السياسي للديمقراطية أن هناك نقصا في الخطاب الإعلامي باللغات المختلفة، لإيصال الصوت لأكبر قدر ممكن من المساحات الدولية، لكسب حالة التضامن والتأييد الدولي.

ورأى أبو ظريفة ضرورة أن تخضع المسيرات لتقييم دوري فاعل، لضمان استمراريتها وتجاوز الثغرات.

كما طالب بإعادة مأسسة المسيرات، وتفعيل دور اللجان، وتفعيل المشاركين، ومحاولة العمل على إنهاء الانقسام لتعميم هذا النموذج بالضفة والشتات وأراضي الـ48.

انحرفت عن أهدافها في عام 2019

من جانبه، رأى عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض أن المسيرات حققت في الأسبوع الأول والثاني أهدافها، وأعادت الأضواء مجدداً لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وأن هناك ملايين اللاجئين يطالبون ومتمسكون بحقهم بالعودة.

وأضاف العوض في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، في واقع الأمر تدحرجت مسيرات العودة في عام 2019، وخرجت عن سياقها وبدأت تدخل في سياق الاستثمار التنظيمي الفئوي، وهو ما استدعى تقييمه بشكل فوري لكن للأسف تأخر كثيراً وأجري قبل شهر، من خلال قرار الهيئة العليا للمسيرات بتأجيل المسيرات حتى 3 شهور قادمة.

وعدّ العوض، أن هذا القرار لم يكن من منبع نضج سياسي، وإنما جاء تنفيذاً للتفاهمات مع الجانب الإسرائيلي، وقال "نعرب عن تحفظنا لهذه التفاهمات لأنها تندرج تحت سياسة الحل الاقتصادي مقابل الحل السياسي".

وحول ربط المسيرات في عام 2019 وتدحرجها لمصالح معينة، قال "إن حركة حماس حاولت من تطوير هذا المفهوم من خلال ربط المسيرات بكسر الحصار، وعندما بدأت تطبيقات التفاهمات المتعلقة بكسر الحصار بدأت فكرة التراجع عن مسيرات العودة، وهذا ما حذرنا منه باعتبار أنه لا يجوز وضع المسيرات على طاولة التفاهمات ".

وأضاف "أن المسيرات انتقلت في عام 2019 من أهدافها الحقيقية المرسومة لها، إلى مسألة التخفيف في بعض القضايا الإنسانية والاقتصادية، وبات حق العودة يتراجع تدريجياً".

 ورأى العوض أن المطلوب وطنياً لتصحيح مسيرات العودة في الأعوام القادمة، هو مغادرة مربع الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، والتمسك بالحل السياسي للقضية الفلسطينية وليس الحل الاقتصادي.

حققت أهدافاً جزئية

من جهته؛ أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن معيار الحكم على مدى تحقيق المسيرات لأهدافها في عام 2019، من عدمه مرتبط بطبيعة التفاهمات التي لم تعلن بعد.

وأضاف في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، "إذا وصلنا إلى تحقيق تفاهمات مجدية وفعالة لفك الحصار عن قطاع غزة، تكون المسيرات حققت أهدافها بنسبة عالية، لكن حتى الآن لم تعلن طبيعة التفاهمات وهل ترقى إلى كسر الحصار،  ولكن نستطيع أن نقول إنه وبشكل جزئي استطاعت المسيرات أن تحقق نسبة عالية من هذا الهدف".

ورأى عوكل، أن مستقبل استمرار هذه المسيرات في العام 2020، مرتبط بمدى التزام إسرائيل بتنفيذ التفاهمات، وفي حال التزامها ستبقى المسيرات مرتبطة فقط بفعاليات داخلية ومناسبات معينة وستكون منضبطة إلى حد كبير".

من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي تيسير محسين، أن العام 2019 استكمل ما تم البدء به من أهداف التي انطلقت من أجلها المسيرة، من تخفيف للحصار الإسرائيلي على غزة، وذلك عبر ما عرف بالتفاهمات التي تم التوصل إليها في مجال العمال، والصيد البحري، والمناطق الصناعية، ودخول الأموال والمساعدات الخارجية".

وأشار في حديثه لـ"وكالة سند للأنباء"، إلى أنه حتى الآن، لم تصل تفاهمات المناطق الصناعية إلى ترجمة عملية حقيقية، من حيث إعادة تشغيل هذه المناطق، والمتوقع أنه في عام 2020 سيشهد نقلة نوعية في هذا الجانب".

ويوافق محسين رأي الكاتب والمحلل طلال عوكل، في أن المسيرات ستستمر وستعود بشكل أقوى في حال لم يلتزم الاحتلال بتنفيذ التفاهمات وإعادة تفعيلها على مستوى القطاع.

وبين أن الاحتلال الإسرائيلي بات يتحسب بشكل كبير جداُ في عام 2019 لواقع القطاع، مع اقتراب دخول مسيرات العودة من عامها الثاني، من حيث تغيير استراتيجيته في التعامل مع المتظاهرين وواقع القطاع والبحث عن آلية جدية منها إعادة النظر في استخدام القوة مع المتظاهرين وتخفيف الحصار".

ولفت إلى أن القطاع لم يشهد حتى الآن النقلات النوعية المرسومة من خلال أهداف المسيرات، ولكن المتوقع أن عام 2020 سيشهد تخفيف تدريجي لواقع الحصار وتحسين الأمور الحياتية".

وبين محيسن أن المسيرات رسمت مرحلة من مراحل النضال الوطني, وأثبتت حالة التوافق الوطني الجامع على هذه المسيرات.