طقوسٌ معهودة، ومظاهرٌ كثيرة يقيمها الغزّيون في أفراحهم، كإقامة فرحٍ في صالة كبيرة، ودعوة العشرات من الناس، وتوزيع دعوات الفرح، وإقامة الولائم، والسير بموكب مزين من المراكب تعلوها الأغاني.
تلك التفاصيل لم تبدو جلية هذه المرة في أفراح الغزيين خلال الأيام الأخيرة الماضية، منذ انتشار وباء فيروس "كورونا"، حيث تحولت الأفراح لتجمعات بسيطة تعود بالأذهان إلى الثمانينات، حيث البساطة وقلة التكاليف، وعدم وجود صالات الأفراح.
الشاب يوسف الشنطي والذي عقد قرانه يوم الـ27 مارس/آذار خطط كثيراً من أجل يومه هذا، حجز المكان المحدد لزفافه في إحدى صالات قطاع غزة، إلا أنه وقع في خيارين بعد الإجراءات التي أقرتها وزارة الداخلية بإغلاق صالات الأفراح ومنع التجمعات الكبيرة.
قرر يوسف أن يمضي زفافه باليوم ذاته المتفق عليه، لكن بإجراءات ومباهج أقل من المعتاد عليها في غزة.
اتفق أهالي العائلتين على أن يمضيا الفرح كما وأن كل أحبائهم حاضرين، فاجتمعا في المنزل وأقاما مراسم الزفاف.
سعادة غامرة
إيمان شقيقة يوسف تقول لـ "وكالة سند للأنباء"، أنه حينما صدر قرار وزارة الداخلية بإغلاق صالات الأفراح، كان الموقف صعبا علينا، لأنه تم طباعة دعوات الفرح، وطبيعة الفرح عندنا ليست عادية حيث نمضي أسبوعاً كاملاً في فعالياته".
وتضيف: " تخيلوا كل هذا الأمر نختصره بيوم واحد دون سهرة ودون غداء أو فرح كبير".
وتوضح أن الأمر ترك لقرار العروسين، وقررا أن يمضي كما هو دون الشعور بأن هناك شيء ما كان ناقصاً، تم تفريغ البيت، وتحويل صالته إلى صالة أفراح مصغرة من كوشة وكراسي وDj، وكيك".
وتوضح الشنطي، أن الفرح تم كما هو مخطط له، وبشكل جميل جداً، جميع التفاصيل التي أرادها الجميع كانت حاضرة، ولكن على نطاق ضيق جداً، والسعادة غمرت الجميع".
وتتابع: "السعادة تكمن في داخلنا وليست بكمية المظاهر الخارجية، ولقد تغيرت فعلياً لدينا فكرة الأفراح وشعرنا كم أن هناك الكثير من الأمور التي لا داعي لها في المجتمع، لكن توارثتها العادات في المجتمع".
قضاء الله
في بيتٍ آخر، كذلك كان موعد الفرح قد حُدد وخطط له، لكن القدر لم يأتِ كما يشاء العريس، ظهرت كورونا ووقع الشاب محمود أبو راس في حيرة من أمره.
ويقول أبو راس لـ "وكالة سند للأنباء":" قررتُ أن أبقى على يوم الزفاف كما هو، في ظل عدم وضوح نهاية لهذا الأمر، والذي قد يمتد لأشهر كثيرة لا سمح الله، فارتأينا الزفاف وسط عائلتي وعائلة العروس فقط".
ويوضح أنه تم تجهيز منزله وتزيينه بشكل كامل، بحيث زُفت العروس في بيت أهلها ثم انتقلت لبيت عائلته المجهز، وتم الفرح بجميع فقراته لكن على نطاق ضيق، منعاً للتجمعات، وامتثالاً لقرار وزارة الداخلية.
ويبين أن المرء يخطط ويرغب، لكن لا تأتي الأمور كما يريد دائماً، وكل ذلك قضاء الله وقدره، وعلى الإنسان أن يُسعد نفسه قدر المستطاع والمتوفر.
محمود لم ينقص من أمور فرحه شيئاً، حجز سيارة الزفاف وزينها وسار بموكب صغير لجلب العروس، وكذلك التقط صوراً، وعاش يومه كما لو أن الجميع حوله.
مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت خلال الأيام الأخيرة بصورٍ لدعوات حفل زفاف، وصالات البيت التي يتم الزفاف فيها، وسيارات موضوع عليها كمامات، في ظل إغلاق الصالات وانتشار كورونا ومنع التجمعات.
الكثير من رواد التواصل الاجتماعي قالوا أن الزفاف في هذه الأوقات فرصة لإقامته دون مظاهر البذخ والتبذير التي تشكل عبئاً اقتصادياً على العروسين وذويهم، بعيداً عن العادات المتوارثة، فيما يرى آخرون أن إقامة حفلات الزفاف في صالات الأفراح لها بهجة خاصة، وسط حضور جميع الأحباب.