الساعة 00:00 م
الخميس 02 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.71 جنيه إسترليني
5.3 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.03 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

معاناة الفلسطينيين تتفاقم في ظل غياب نظام وطني لإدارة الكوارث

أطفال غزة يدفعون ثمن الأسلحة المحرمة

قانون حماية الأسرة.. يعارضه علماء الشريعة وترحب به مؤسسات نسوية

حجم الخط
9HZ8O.png
أحمد البيتاوي - وكالة سند للأنباء

ما إن أقر مجلس الوزراء في الـ 11 من أيار/ مايو الماضي، "قانون حماية الأسرة " بالقراءة الأولى، حتى تبع ذلك موجة من المواقف الرافضة والمؤيدة.

وقد صار القانون المثير للجدل حديث الساعة والناس وطغى على أخبار "خطة الضم الإسرائيلية".

المؤيدون للقانون؛ وهم في غالبهم مؤسسات نسوية وشخصيات رسمية وحقوقية، يرون فيه فرصة حقيقية للحد من "العنف" داخل الأسرة ورفع الظلم عن الفئات الضعيفة كالمرأة والطفل.

 في حين يرفض القانون كثير من رجال الدين وأساتذة في كليات الشريعة ومحامون، ويرون أنه يحتوي على العديد من النصوص المخالفة لأحكام الشريعة والتي تساهم في نشر العلاقات المحرمة، وتقليد للقوانين الغربية.

ويقع مشروع "قانون حماية الأسرة" الذي دفعت به مؤسسات نسوية وتقدمت به وزارة التنمية الاجتماعية في 54 مادة.

ويتضمن سن عدد من العقوبات والغرامات بحق مرتكبي العنف داخل الأسرة، سواء كان هذا العنف جسدياً أو لفظياً أو اقتصادياً.

كما يعطي مشروع القانون مرشدي الحماية في وزارة التنمية ونيابة حماية الأسرة منح صلاحيات الضبط القضائي.

ماضون نحو إقراره

وزيرة شؤون المرأة آمال حمد أكدت من جانبها أن ارتفاع حالات العنف ضد النساء، يتطلب المضي في إقرار قانون حماية الأسرة وتعزيز ثقافة احترام النساء وحصولهن على جميع الحقوق التي يكفلها القانون.

وأعلنت الوزيرة أن القانون بحاجة لإقراره بالقراءتين الثانية والثالثة قبل اعتماده رسمياً. مشيرة لوجود إرادة حقيقية لتبنيه نتيجة لإدراك الحكومة بضرورة حماية الأسرة من العنف.

وحسب حمد فإن تأخر إقرار القانون جاء بسبب كثرة التحديات والأزمات التي واجهت الحكومة الحالية منذ توليها المهمة.

مخالف للشريعة وقيم المجتمع

في المقابل، أعلنت مجموعة من رجال الدين رفضها لهذا القانون.

واعتبروا أنه يحتوي على الكثير من المخالفات لأحكام الشريعة الإسلامية وقيم المجتمع، ومناقضًا للفطرة ولما تقتضيه العقول السلمية ويؤدي لتدمير الأسرة وإضعافها.

وجاء في البيان الذي وقع عليه العلماء "أن القانون يهدم أساس العلاقات الأسرية، المتمثلة بالمودة والرحمة والإصلاح والتسامح والاحترام المتبادل، ليقيمها على أساس صراعي خارجي تسلطي".

وشددوا على أنه يشكل انتهاكاً للخصوصية الأسرية والعلاقات الخاصة بين الزوج وزوجته، والأب وأبنائه، ونقلها من النطاق الخاص إلى العام، وفيه تعزيز للقيم الفردية المتحررة من كل القيود الدينية والمجتمعية.

ونوّه العلماء إلى أن القانون توعّد كل من يحد من هذه الحرية، أو يعارضها ولو بالكلام، وعد تلك المعارضة جريمة تستوجب الملاحقة والحبس والمعاقبة والتعنيف والعزل الأسري.

ورأوا أن القانون يقضي على أي سلطة تأديبية أو اعتبارية أو دينية للوالدَين على أولادهما، أو للزوج على زوجته وأسرته.

سيداو في الخلفية

من جانبه، قال المحامي والباحث القانوني بهاء غانم، إن مرجعية تفسير هذا القانون هي نصوص الأمم المتحدة وليس القانون الفلسطيني أو المحكمة الدستورية.

وأكد: "هو أحد إفرازات وثيقة سيداو المرفوضة شعبياً وعشائرياً والتي وقعت عليه السلطة عام 2014 دون تحفظات".

وأشار غانم في تصريحات خاصة بـ "وكالة سند للأنباء" إلى أن الخطير في هذا القانون هو أنه ينص على إلغاء جميع النصوص المحلية التي تتعارض معه كقانون الأحوال الشخصية وغيره.

وأكمل: "بعد إقرار هذا القانون سيعملون على وضع قانون أحوال شخصية جديد دون أي مراعاة للمرجعية الدينية للشعب الفلسطيني".

وأوضح: "من نصوص هذا القانون أنه يحق لأي شخص أو جار سمع شجاراً داخل أحد المنازل بتقديم شكوى لمركز حماية الأسرة، ألا يفتح ذلك المجال أمام البلاغات الكيدية والكاذبة؟".

ولفت إلى أنه يمنع الأب من تقويم سلوك زوجته أو أبنائه حتى بالكلام واعتبار أي توجيه لهم عنف لفظي يستوجب العقوبة، كما يتيح للزوجة أو البنت ممارسة أي عمل بدون ضوابط تحت حجة الحرية الاقتصادية.

وبيّن غانم أن القانون ينص على إيقاع عقوبة الحجر على أموال الزوج حال اعتدائه على زوجته، وهذا تدخل في عمل المحاكم الشرعية وسحب لصلاحيتها.

واستطرد: "الجمعيات النسوية سعت لتمرير هذا القانون بصمت مستغلة جائحة كورونا ومنعت الجهات صاحبة الاختصاص من الحصول على نسخة منه".

وأكد أنهم حصلوا عليه بصعوبة بعد أن خاطبت نقابة المحامين وزارة الشؤون الاجتماعية.

ويقترح غانم بديلاً عن هذا القانون المثير للجدل، فيقول: "البديل هو عقد مؤتمر شامل يضم الجمعيات النسوية وأهل الاختصاص من شرعيين وقانونيين، ثم صياغة قانون آخر يضمن حماية الأسرة".

وشدد على أن يكون القانون الجديد "بناء على القانون الفلسطيني والأحوال الشخصية وبعيداً عن الإملاءات الخارجية التي لا تحترم الديانات".

مطلب وطني وإنساني

وعلى النقيض من ذلك، يرى وكيل وزارة التنمية الاجتماعية، داوود الديك أن قانون حماية الأسرة هو مطلب وطني وإنساني.

ووصف الديك، الانتقادات التي وجهت للقانون بأنها مجرد أكاذيب وافتراءات وصلت لحدّ الترهيب والتكفير.

ونفى استغلال جائحة "كورونا" لتمرير القانون أو أن تكون نصوصه مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ومشجعة للرذيلة والانحراف.

واستدرك: "فكرة القانون بدأت عام 2005، وجرى تطوير عدة نسخ منه وتداوله في أروقة الحكومات المتعاقبة".

وتابع: "دعونا نعترف أننا لسنا مجتمع مثالي، وأن العنف مستشرٍ في الكثير من الأسر، ولدينا قدر لا يستهان به من ظواهر العنف النفسي والجسدي والجنسي والتحرش وسفاح القربى".

وادعى وجود "استغلال اقتصادي وجنسي وعمالة أطفال وتسول وحرمان من الميراث وصولاً إلى قتل النساء".

وشدد على أن القانون يحترم الخصوصية ويقدم معالجات نفسية واجتماعية وقانونية واقتصادية للضحية، وينص على أهمية تأهيل الجاني.

وأضاف: "يعارضون القانون لأنه لا يتوقف تحريك الدعوى الجزائية في جرائم العنف الأسري على شكوى من الضحية".

واستطرد: "فالقانون ينص على حق الضحية أو أحد أفراد الأسرة أو الشهود على إبلاغ مرشد الحماية أو التقدم بالشكوى إلى نيابة حماية الأسرة أو الشرطة".

لسنا في مدينة فاضلة ولكن..!

وفي الاتجاه المعاكس، يقول أستاذ القانون في جامعة النجاح علي السرطاوي: "لسنا في المدينة الفاضلة، لكن أي قانون يجب أن يكون فيه موازنة لجميع المصالح حتى لا يكون انعكاساً لمصلحة فئة دون غيرها، وإلا فقد القانون صفة العدل".

وتساءل مستنكراً على صفحته في فيس بوك: "أم أن البعض حصر الشعب الفلسطيني في بعض النخب الموجودة في رام الله؟".

وبيّن السرطاوي أن هذا القانون لم يعرض على أصحاب الاختصاص في المحكمة العليا النظامية وقضاة المحكمة الدستورية وديوان قاضي القضاة وقضاة المحاكم الشرعية ولا مجلس الإفتاء الأعلى، ولم يكن لهم أي دور في صياغة بنوده.

ويشدد وزير العدل السابق على أن الناظر في مشروع القانون يري أنه يغلب عليه الطابع الجزائي من دفع غرامات وعقوبات مع أن غالبية القوانين الحديثة تميل في العلاقات الأسرية إلى الإصلاح والإرشاد الاجتماعي.

ويلفت النظر إلى أن الصياغة التشريعية لمشروع القانون فيها الكثير من "العور" والتعريفات الواسعة والفضفاضة.

ودعا السرطاوي إلى دراسة مشروع القانون بتروٍ وأن كان هناك ضرورة لا تحتمل التأخير، فليكن انعكاساً حقيقاً لمصالح لجميع الأطراف وأن تستشار به بقية الجهات الرسمية صاحبة الولاية والاختصاص.

وختم قائلاً: "القانون بصيغته الحالية قد يكون سبباً للجدل والفرقة، نحن في الوقت الحالي بحاجة للوحدة والبحث عن القواسم التي تجمع ولا تفرق وتعزز ثقة الشعب بقيادته ومنظومة قيمه وهويته".