الساعة 00:00 م
الجمعة 23 مايو 2025
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.83 جنيه إسترليني
5.07 دينار أردني
0.07 جنيه مصري
4.06 يورو
3.6 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

تغير المواقف الأوروبية من حرب الإبادة.. ما السر وما مدى التأثير؟

حماس: لا مفاوضات حقيقية منذ السبت ونتنياهو يُحاول تضليل العالم

منظمات أممية ومحلية لـ سند: الاحتلال يضلل العالم في قضية مساعدات غزة

حين ينام العالم.. ويستيقظ الرعب في غزة

الضفة في رمضان.. مظاهر باقية رغم زحمة المادة

حجم الخط
-1458606230.jpg
أحمد البيتاوي- سند

تُحافظ المدن الفلسطينية بالبقية الباقية من الأجواء والمظاهر الرمضانية، رغم انتشار الثقافة المادية التي طغت على العلاقات الأسرية والاجتماعية.

ففور الإعلان عن دخول شهر رمضان عبر مآذن المساجد، تتعالى صيحات التكبير والاستبشار بقدوم هذا الزائر.

يعانق المصلون بعضهم بعضًا، وتتصافح أيادي المارة ويتسامى الكل عن الضغائن المتراكمة طوال عام مضى.

ويبدأ الأطفال بطقوسهم الخاصة، يجتمع الآباء والأحفاد في بيت العائلة الكبير يتبادلون التهاني والتبريكات وسط عناق دافئ. تلك هي "البقية الباقية" من مظاهر وأجواء رمضان في الضفة.

نابلس.. طعم آخر

مساجد مزدحمة وأضواء ملونة تُزيّن مداخل وحارات وشوارع البلدة، ومنصات أُعدت لفرق النشيد والمدائح الدينية، وزاوية خُصصت للحكواتي، وأخرى للمهرجين وألعاب الأطفال.. هكذا بدت البلدة القديمة في نابلس برمضان.

عند تجوالك في أزقة البلدة القديمة، التي يعود تاريخ بنائها لمئات السنين، يُخيّل للناظر أنه يسير في شوارع دمشق العتيقة. تمتزج رواح البخور مع رائحة الحلويات النابلسية مع العطر المنبعث من محلات البهارات والتوابل والفلافل.

يشدك منظر المخلالات وألونها المختلفة، وعصائر الخروب والتمر الهندي والليمون والرمان، وسط صيحات الباعة: "الله وليك يا صايم.. رمضان كريم.. اللّي ع بالوا ما يحرم حالوا..".  

في هذا السياق، يشير الحاج السبعيني أبو الوليد النابلسي لمراسل "سند" إلى أن لرمضان في نابلس طعم ومذاق خاص يميزه عن بقية المدن الفلسطينية.

وبيّن أن أهالي نابلس اعتادوا على الاحتفال في ليالي رمضان وإحياء التراث الشعبي والتاريخي للمدينة، وإعادة إحياء بعض العادات القديمة "حتى لا ينساها الجيل الجديد".

ويضيف: "الحكواتي من أبرز المظاهر التي تشهد إقبالًا واسعًا بين مواطني نابلس، يتوسط هذا الشخص القادم من الزمن الجميل، الأطفال والكبار في ساحات المدينة القديمة، مرتديًا زيه الشعبي وعمامته البيضاء حاملًا كتاب الحكايا بين يديه".

 أبو محمد (47 عامًا) أب لخمسة أطفال، اعتاد على المشاركة في الحفل الأسبوعي الذي يقام في بلدة نابلس القديمة ضمن فعالية "ع السوق نازل".

وقال لـ "سند": "أحاول حضور هذه الليالي كل عام، فمن خلالها نعيد تراث آبائنا وأجدادنا، ونشعر ببهجة رمضان، هنا تتجمع العائلات وتلتقي بأجواء جميلة بعيدًا عن متاعب الحياة".

وتابع: "أطفالي سعيدون بأجواء الاحتفال، خاصة عند بدء زاوية الحكواتي".

"أشرح لهم أن هذا الرجل كان منذ زمن كالتلفاز في أيامنا هذه، كان الناس يقصدون حلقاته كل ليلة في إحدى المقاهي الكبيرة في نابلس لسماع قصصه". يضيف "أبو محمد".

وتلتقي العائلات النابلسية في مكان الاحتفال بهذه الليلة، في جو رمضاني مفعم بالروحانية، تتعالى أصوات المنشدين وفرق المديح النبوي الصوفي لتُطرب الحاضرين وتمتعهم بالصلاة على النبي المصطفى.

"الفقدة".. توطيد لصلة الرحم

ويشتهر المجتمع الفلسطيني عمومًا، بعدد من العادات الاجتماعية الطيبة التي تظهر مع بدء عدد من المناسبات الدينية خلال العام، وتهدف لتوطيد صلة الرحم وتعزيز النسيج الاجتماعي.

 فمن "الشعبونية" وهي العادة النابلسية الشهرية في شهر شعبان، إلى "الفقدة" في رمضان، التي تعد من أكثر العادات انتشارًا في نابلس خلال الشهر الفضيل.

وتختلف تفاصيل العادة الاجتماعية الرمضانية "الفقدة" من مدينة فلسطينية لأخرى، لكن تشترك في فكرتها العامة.

ففي نابلس، اعتاد الناس على زيارة الرجل لشقيقاته وقريباته الإناث أو ما يُطلق عليهن باللغة العامية "الولايا"، حيث يقدم لهن ما تيسر من هدايا أو مبلغ مالي.

أبو محمد (50 عامًا) من إحدى قرى مدينة جنين اعتاد كل عام خلال رمضان على زيارة "الولايا" وهن شقيقاته وبناتهن وبنات إخوانه وتقديم الهدايا لهن، حيث يحمل في سيارته ما تيسير من مواد غذائية ومنزلية.

ويبين لـ "سند": "هؤلاء أرحامنا. نحن نقوم بواجبنا مرضاة لله وزيادة في أوصال المحبة والتكاتف، فزيارة الأرحام تورث بركة في العمر وزيادة في الرزق".

خطوة رمزية

وقد تتم "الفقدة" بشكل عفوي وفردي بين الإخوة أو بشكل جماعي ضمن برنامج معد سلفًا، حيث يجتمع الإخوة وينطلقون في موكب مشترك لزيارة أرحامهم وتفقد أحوالهم.

ويذكر أنه تقدم في هذه العادة ما تيسر من مساعدات، كالرز والسكر والطحين، في خطوة ذات دلالة رمزية بعيدًا عن التكلف والتباهي.

السيدة أم سالم السعيد، تصف لمراسل "سند" مشاعرها عند استقبال إخوتها وأقاربها أثناء زيارتهم في رمضان.

وأفادت: "زيارتهم تساوي الدنيا وما فيها، شهر رمضان شهر بركة، وهو فرصة ذهبية لتجمع أفراد العائلة وتبادل أطراف الحديث والسؤال عن أحولنا".