الساعة 00:00 م
الخميس 18 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.72 جنيه إسترليني
5.35 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.04 يورو
3.79 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

مكتبة المعمداني من رُكن ثقافي إلى مقر إيواء للجرحى والمرضى!

تقرير مصنع "الصفا" للألبان حديث الشارع الفلسطيني.. ماذا جرى به؟

حجم الخط
TERse.jpg
نابلس-أحمد البيتاوي

 

مع بداية العام 2000 وبالتزامن مع انطلاق انتفاضة الأقصى تحوّل حلم لجنة زكاة نابلس إلى حقيقة حين بدأت عجلة مصنع الصفا للألبان بالدوران، وفي فترة قياسية بدأت منتجاته عالية الجودة تشق طريقها في السوق المحلي، منافسة بذلك المنتج الإسرائيلي.

ظل المصنع ينتقل من إنجاز لآخر، فبعد حصوله على شهادة الجودة العالمية "الايزو"، زادت عدد أصنافه حتى وصلت لأكثر من 70، من الحليب الطازج والجبنة المبسترة مروراً باللبنة واللبن الرائب والبن أب وانتهاءً بلبن الشيمينت "عالي الدسم".

شكّل منتصف يونيو /حزيران 2007 وما تلاها من أحداث الانقسام، علامة فارقة في تاريخ المصنع، حين سيّطرت السلطة الفلسطينية في الضفة على جميع لجان الزكاة والمؤسسات الخيرية بحجة أنها تابعة لحركة حماس، فعمدت على إغلاق بعضها وتغيير مدراء ومسؤولي البقية الباقية.

ومنذ ذلك العام بدأ مصنع الصفا بالتراجع شيئاً فشيئًا، تراجعًا بات يهدد كل فترة بإغلاقه وتسريح جميع العاملين فيه وتفكيك خط إنتاجه، بسبب أزمته المالية وتراكم الديون عليه.

آخر الأزمات

وعن هذه الأزمة أوضح عماد اللحام؛ عضو مجلس إدارة مصنع الصفا وعضو لجنة زكاة نابلس: "منذ ثماني سنوات ونحن نعاني من أزمة مالية خانقة، تبرز كل فترة وتنعكس سلباً على أداء المصنع بشكل عام".

"آخر هذه الأزمات كانت قبل عدة أيام، حين تعطل خط التبريد الذي يعمل على غاز الأمونيا، مما أدى لتوقف خط الإنتاج".

ويحتاج إصلاح هذا الخط-وفق اللحام- "لأكثر من 75 ألف شيكل (20 ألف دولار)، وهو مبلغ قد يبدو بسيطاً ولكنه كبير بالنسبة لنا، خاصة إذا علمنا أن الديون المتراكمة على المصنع تجاوزت الـ 9 ملايين شيكل، ديون مستحقة لمربي الأبقار ومصانع البلاستك والكرتون".

وعن محاولات لجنة زكاة نابلس لإخراج المصنع من كبوته، يشير اللحام لموقع "سند للأنباء " إلى أن اللجنة تواصلت مع شركة في رام الله متخصصة بمساعدة المشاريع المتعثرة، ووضعت خطة إنقاذ، ربما تساهم في حل الأزمة.

مضيفا  "ورغم هذه الأزمة إلا أن جميع الموظفين يتلقون رواتبهم بانتظام"، مؤكداً في الوقت ذاته أنه جرى تسريح نصف الموظفين البالغ عددهم 60.

وناشد اللحام المواطنين والمحسنين الفلسطينيين والعرب بدعم لجنة زكاة نابلس كي تقوم بنشل المصنع من أزمته، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، مشدداً على أن تراجع الدعم العربي والخليجي على وجه التحديد ساهم في تفاقم الأزمة المالية.

المصنع كان يربح

بدوره، أكد رئيس لجنة زكاة نابلس السابق، عبد الرحيم الحنبلي، أن مصنع الصفا كان يحقق وحتى العام 2007 أرباحاً وصلت لأكثر من أربعة ملايين شيكل، كانت تحوّل للجنة الزكاة ومشاريعها التشغيلية.

وبيّن في حديث لـ "سند للأنباء": "مع أحداث الانقسام وحين أُجبرنا على الاستقالة من لجنة زكاة نابلس، قمنا بتسليم جميع المؤسسات التابعة لها ومن بينها بالطبع مصنع الصفا، لوزارة الأوقاف وبحضور محافظ نابلس(...) وّثقنا كل شيء في محاضر وكشوف رسمية، هي بحوزة السلطة اليوم (...)".

وحسب الحنبلي،  "كان مصنع الصفا مشروعاً استراتيجياً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، خططنا لأن يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتشغيل الأيدي العاملة والتخفيف من حدة البطالة".

موضحا "المصنع كان يّشغل بشكل مباشر وغير مباشر عدداً من مصانع الأعلاف والكرتون والنايلون وعشرات مزارع الأبقار والأغنام ومئات الموظفين والمزارعين والمهندسين والفنيين والسائقين والأطباء البياطرة".

حليب بالمجان

وحقق المصنع أول إنجاز على مستوى الوطن العربي حين أنتج حليباً معقماً يعامل معاملة حرارية ويظل صالحاً لمدة ستة أشهر دون استخدام أي مواد حافظة.وفق الحنبلي.

ويضيف: "كان مصنعاً ناجحاً بكل المقاييس، فرغم قصر عمره الإ أن منتجاته صارت تنافس الألبان الإسرائيلية التي يزيد عمرها عن أكثر من 50 عاماً".

و"كان للمصنع أيضاً دور إغاثي وإنساني حيث كان يقدم قروضاً للمزارعين ومربي الأبقار، على أن يقوموا بسداد هذه القروض من منتجات أبقارهم التي كان يأخذها المصنع".

وبين عضو لجنة زكان نابلس السابق : "كنا نوزع الحليب بالمجان على جميع طلاب المدارس من رفح جنوباً وحتى جنين شمالاً، دون أن ينعكس ذلك على أرباح المصنع، فقد كان ذلك جزءاً من رسالته ودوره الإغاثي (...) كنا نخطط قبل إجبارنا على الاستقالة لإنتاج الجبنة الصفراء والعصائر الطبيعية والتصدير للخارج".

وعن أسباب تراجع المصنع بهذا الشكل، يشير الحنبلي إلى أن تغير الإدارات وغياب التخطيط السليم وتذبذب جودة الإنتاج وسوء الإدارة وتدخل الأيدي الخارجية، وغيرها من الأسباب التي لا يمكن الحديث عنها أدت لفشل المصنع وتراجعه بهذا الشكل.

وتؤكد مصادر محلية ل"سند للأنباء" من داخل المصنع أن الفساد الإداري وغياب الرقابة المالية والتضخم الوظيفي الناتج عن توظيف غير أكفاء لأسباب حزبية، وتراجع جودة المنتج وفقدان ثقة المزارعين بإدارة المصنع بسبب ظاهرة "الشيكات الراجعة" كلها أسباب فاقمت من أزمته.

 ولا تبدو أي مؤشرات إيجابية تلوح في الأفق تُبشر بقرب حل أزمة مصنع الصفا، فيما يرى مراقبون أن جميع الحلول ستكون "ترقيعية" مؤقتة إن لم تكن بشكل جذري قائم على تغيير إدارته وعدم تدخل أي جهة خارجية.