الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

بالصور "مقلوبة النصر".. وعادات مقدسية أشعلت فتيل غيظ الاحتلال

حجم الخط
مقلوبة فلسطينية.jpg
القدس - فاتن عياد الحميدي - وكالة سند للأنباء

في حُب القدس متيمون، وفي ساحات الأقصى يتنقلون، رسموا معلماً عنوانه نصر وقوة دون رضوخ، هؤلاء الذين صنعوا من كل عادي أمراً غير اعتيادي، جعلوا من مأكولاتهم عنواناً للمقاومة، وأبحروا في دروس العلم لتكون نوراً يسري بهم في ثنايا المسجد العريق.

برائحتها الشهية وحبات الرُز التي تنسكب ويتبعثر بعضها على الأرض، وقد إلتَفَّت حولها حبات البطاطا والباذنجان في مشهد تراثي فلسطيني يتقد بُحب "الأقصى" ليُنضِجَ ما تُعرفُ بـ"مقلوبة النصر"، التي أصبحت رمزاً للمقاومة القاهرة للاحتلال، هذا الاحتلال الذي يغيظه بخار حرارة الطعام الفلسطيني كأنه لهب يلتهم جنوده واحداً تلو الآخر.

مقلوبة.jpg..0.jpeg

"مقلوبة النصر"

وهنا في حديث ماتع لـ"وكالة سند للأنباء" مع المرابطة المقدسية زينات الجلاد، تخبرنا أن الأكلة المفضلة لأهالي القدس والمرابطين هي "المقلوبة" والتي تُعرف بـ"أكلة النصر" أو "مقلوبة النصر"، إذ لا بُد من كل يوم اثنين وخميس أن تُصنع هذه الأكلة للصائمين وجميع المتواجدين عند "باب الرحمة" أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك.

"الشباب بدخلوها بطريقتهم" بنبرة ثقة قالتها "الجلاد"، بعد أن يمنع جنود الاحتلال إدخال أواني الطعام إلى باب الرحمة، ينتقل الشبان المقدسيون لإدخال الأواني بطرق خاصة، وكما قِيل " أهلُ مكة أدرى بِشِعابها"، وهُنا أهل القدس أعلم بكل طرقاتها من احتلال عقيم سارق.

بداية "المقلوبة" التي قلبت الاحتلال رأساً على عقب، كانت بتواجد المقدسيين عند باب السلسلة أحد أبواب "الأقصى"، واجتماع المرابطات هناك وإحضار أواني الطعام و "طنجرة المقلوبة"، كان كفيلاً بإشعال غيظ الاحتلال الذي أربكته "الطنجرة"!

بدأ الاحتلال بالتضييق على المتواجدين حتى منع إحضار المرابطات لهذه الأكلة، ما اضطرهن إلى إعداد "ورق الدوالي" والذي لم تقل حدة وطأته على "العدو" عن "المقلوبة".

وبعد مضايقات واعتداءات ومنع من الجلوس عند باب السلسلة، انتقَلنَ المرابطات إلى باب الأسباط، لكن كل باب هُناك هو طريقٌ لهُن وباب لقلوبهنَّ المعلقة في رِحاب "الأقصى".

تكثر "المقلوبة" في رمضان وأيام ذي الحجة والأيام المقدسة، وأيام صيام المرابطين في "الأقصى"، كما قالت "الجلاد".

لم يكتفِ الاحتلال بالوقوف في وجه المرابطين ومنعهم، بل تعدى ذلكَ لينسب تلك الأكلة إليه، في محاولة منه لسرقة التراث الفلسطيني، حتى يثبت تواجده في المكان وأحقيته به، وهذا ليس بعيداً على احتلال سرق "الفلافل والحمص" الفلسطيني، بل سرق الأرض والمقدسات قبل كل شيء.

فطور مقدسي.jfif

"فطور برائحة الأقصى والجمال"

أما عن الفطور الفلسطيني، بعد أن تغمض عينيك لك أن تتخيل وتستنشق رائحة كعكه المقدسي الممزوجة بعبق العراقة والقداسة الإسلامية، المغموس بالحمص وحبات الفلافل، تلك الكرات التي فاقت قيمتها االلآلئ، وكاسات الشاي التي ترفعها في سماء القدس فترى تلك القبة الصفراء تلمع مع تلك الكأس في السماء، وكأني بينهم أرقبهم بتكبيراتهم وأنا التي لم تكتحل عيني برؤية "الأقصى" يوماً ما، لكن مشهد النصر كفيل أن يكحل عيوننا مدى الحياة.

فطور القدس.jpg.crdownload

 

وفي مشهدٍ يكاد أن ينطق من هيبة المكان وهيبة الحضور، تحدثنا "زينات" عن تجمع العائلات المقدسية، والفلسطينية والتي تحضر من "الداخل المحتل" والمدن الفلسطينية المجاورة كطولكرم، جنين، نابلس، لتنتشر في تجمعات فجر يوم الجمعة بساحات "الأقصى"، والمسجد القبلي.

وهناك حيث تناول الفطور وأداء بعض الطقوس الدينية السابقة لصلاة الجمعة، تفترش العائلات الفلسطينية الأرض والساحات، وتتشارك العائلات الكعك المقدسي، ويتسابق الصغار خلف القطط الهاربة المتجولة في رحاب "الأقصى" لإطعامها،فتتجلى معالم الرحمة عند الصغار والكبار، وهنا أصوات الحديث والتكبير التي ترتفع كسنفونية تُعزف في الباحات، في مشهد رغم بساطته إلا أنه يضج بالجمال والثبات، واللُحمَة.

قطة.jpg

"حلقات علم"

انتقالاً من الطعام المقدسي إلى حلقات العلم التثقيفية، والتي تختلف بطابعها عن دروس الفقه والقرآن تحدثنا المرابطة في المسجد الأقصى والمختصة في الدراسات المقدسية، زينة عمرو عن حلقات العلم النسائية في المدينة المقدسة.

وفي اتصال "وكالة سند للأنباء" مع "عمرو" التي كانت في ذات اللحظة خارجة من حلقة علم لِلَم شمل المقدسيات من جديد، توضح لنا أن هذه الحلقات النوعية تتمثل في توعية الناس بما يدور في "الأقصى"، وبما يدور في القدس بشكل عام، بِذِكر التاريخ الفلسطيني والتاريخ الإسرائيلي، وإثبات أحقية الفلسطينيين في المكان.

وتؤكد "عمرو" لـ "وكالة سند" أن بهذه الحلقات يُعاد الرباط الذي كان في المسجد الأقصى، فهناك من يأتوا من أصقاع الأرض؛ ليعمروه ويردوا على الاقتحامات المتواصلة، محاولين نقل رسالةً للعالم أن "الأقصى" لن يكون فريسة للذين يحاولون فرض سياسة أمر واقع عليه ليكون معلماً يهودياً خالصاً.

وتوضح ضيفتنا أن هذه الحلقات تُلاحَق في سبيل منع إقامتها، ومنع نشر الحقيقة التي يسعى الاحتلال لتغليفها وتزويرها للحفاظ على بقائه في القدس، والإبقاء على رسم الهيكل المزعوم في أذهان "اليهود".

وتضيف "عمرو" أنه بالرغم من الآلام والجراح التي يعيشها أهل القدس، بسبب الاحتلال وممارساته ومحاولة التضييق وشد الخناق على المقدسيين، والتي أصبحت أهداف الاحتلال معروفة منها، لكن تمسك المواطن المقدسي ببيته وأرضه وعاداته اليومية سبباً لإدخال الاحتلال في حالة الغيظ والقهر.

يحاول المقدسي أن يكون طبيعياً رغم أن الظروف غير طبيعية، من خلال السعي وراء لقمة العيش، والقيام بعلاقات اجتماعية، وهو ما يميز أهل القدس الذين لديهم القدرة على بناء علاقات وترابط اجتماعي وتواصل كبير، كما بينت لنا "عمرو".

تحدثنا "عمرو" بنبرة النصر المحتم، "هناك فئة من أهل القدس رغم الانشغالات وحالات الضغط الكبير، إلا أنها أخذت على عاتقها وشعرت بالواجب الكبير تجاه المسجد الأقصى، فيتواجد الرجال والنساء في ساحات "الأقصى" منذ ساعات الصباح الباكر، ومنهم من يتواجد من قبل صلاة الفجر، لمواجهة هجمة المستوطنين الشرسة على "الأقصى" واقتحامه.

وفي هذا المكان المقدس، وجد المحبون لـ"الأقصى" ضالتهم بالرباط فيه، والذود عنه، إلى أن تتعالى تكبيرات النصر ويتشارك الفلسطينيون جميعاً الكعك المقدسي، والمقلوبة، أمام المسجد الأقصى المبارك، لترتسم لوحة تتجلى بدحر الاحتلال وبقاء الأرض لأصحابها.