الساعة 00:00 م
الخميس 09 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.64 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.71 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

الطفلة الغزية التي أشعلت دموعها منصات التواصل.. ما سر بكاء مي غالية؟

حجم الخط
الفتاة غالية.png
غزة – آلاء المقيد – وكالة سند للأنباء

لطالما شكّل الأطفال هدفًا أساسيًا للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه الوحشية المتكررة، في حربه المتواصلة منذ سبعة شهور على قطاع غزة، فهم إنّ نجوا من الموت، فلا يمكن أن يفرّوا من مواجهة مباشرة مع الدمار والرعب، الذي يُفضي إلى مأساة أكبر من طفولتهم.

قبل أيامٍ قليلة أجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان بيت لاهيا على النزوحٍ مرةً أخرى، بعد إبلاغ سبعة أحياء فيها بضرورة مغادرتها بزعم أنها "ساحة قتال خطيرة"، بالتزامن مع قصفٍ مدفعي وجوي كثيف للبلدة.

ومن بين هؤلاء مي غالية (12 عامًا) التي ظهرت في مقطعٍ مصوّر تبكي بحرقة أثناء نزوحها رفقة شقيقيها من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما أشعلت حالتها المأساوية منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر نشطاء أنّ بكاء هذه الطفلة والتعب الذي بدا جليًا على ملامحها يُلخصان معاناة الآلاف الذين يعيشون في قلقٍ ونزوحٍ دائمين منذ شهورٍ طويلة.

في اتصالٍ هاتفي أجرته مراسلة "وكالة سند للأنباء" مع الطفلة "مي" استهلت حديثها بوصف الحال الذي يعانون منه منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الفائت: "تعبنا كثيرًا حياتنا صارت كلها نزوح في نزوح، كلما شعرنا بالاستقرار انقضّوا علينا وهجّرونا، كما أننا لا نسلم من الموت والرعب في كل تنقلٍ لنا، وأمامنا مصير مجهول لا نعلم تفاصيله".

وتحكي "مي" بلغتها البسيطة العفوية عن معاناة عائلتها في الحرب، فهي أخت لـ 6 أولاد جميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، منهم مَن يُعاني من إعاقة جسدية أقعدته على كرسي متحرك، ومنهم يُعانون من مشاكل في السمع والنطق، وغالبًا لا يدركون ما يجري حولهم.

سر بكائها المرّ..

في نزوحهم الأخير من منزلهم الكائن في منطقة "فدعوس" شمال بيت لاهيا، قسّم والدها أولاده المرضى على ثلاث مجموعات ليتمكنوا من النجاة، كان لـ "مي" نصيب مرافقة اثنين منهم والهرب نحو مراكز إيواء بعيدة مناطق الاستهداف الإسرائيلي.

تُضيف: "أخذت أخوتي أحدهما مقعد والآخر أبكم لا يُدرك ما يجري حوله، وسرت بهما في الشارع بحثًا عن مكانٍ آمن لنا واتفقنا أن نلتقي ببقية العائلة في مركز إيواء قريب(..) كانت أصوات الانفجارات والقذائف تلاحقنا من كل جانب، سمعت أحد الجيران يقول قصفوا عائلتكم بالقذائف وكلهم استشهدوا".

لم تتمالك "مي" نفسها عند سماع الخبر أخذت تبكي بحرقة وقهر وتنظر حولها بعجز كبير، لكنّها في الوقت ذاته كان عليها الاستمرار في رحلة البحث عن ملجأ آمن، تأوي إليه مع شقيقيها.

وتردف: "حين سمعت خبر استشهاد أهلي أصابني انهيار شديد، كيف أتصرف؟ وماذا عليّ أن أفعل بإخوتي؟ التفت إلى الوراء أكثر من مرة علّني ألتقي بأمي وأبي، لكن للأسف لم أجدهما، فقررت مواصلة المشي لكن كان الخطوات ثقيلة جدًا والهمّ أكبر من عمري بكثير".

وظهر شقيقها بالفيديو وهو بالكاد يستطيع السير بكرسي متحرك متهالك، وفي ذات المقطع ظهرت "مي" وهي تحاول مساعدة شقيقها الآخر في تحريك الكرسي، ودموعها تنساب كالشلال على وجنتيها من "قلة الحيلة والعجز"، فلم تجد إلا البكاء لتُعبّر عن معاناتها، كما تُخبرنا.

عند وصولها إلى مركز إيواء في معسكر جباليا شمالي القطاع، تفاجأت "مي" بوجود والديها وبقية إخوتها هناك، تشير إلى أنّ الدنيا في تلك اللحظة لم تسعها من فرحتها بأنهم لا زالوا على قيد الحياة، ولم تصبهم قذائف الاحتلال في مقتل، قائلةً: "تنهدت من جوا قلبي وشكرت الله أننا ناجون جميعًا من الموت".

ويحتاج أشقاء ضيفتنا الستّة رعاية خاصة، خاصة الذين يعانون من مشاكل في الحركة، فالتنقل بهم "أمر شاق جدًا" ويحتاج جهدًا في الأوقات الطبيعية، فما بالكم في الحروب التي لم تُبقِ شارعًا إلا دمرّته أو ألحقت أضرارًا فيه، ما يُعيق تحركهم والتنقل بهم بسهولة؟"، تتساءل ميّ غالية.

وتؤكد أنّ المعاناة التي يعيشها الغزيون بفعل الحرب وويلاتها تتضاعف يوما بعد آخر، منبّهة إلى أنّ ظروف حياة الأطفال في غزة أصبحت قاسية، فهم يجدوا أنفسهم مجبرين على القيام بمهام تتجاوز طفولتهم؛ لإسناد عوائلهم.

وتأمل ميّ غالية من العالم ألا يعتاد على مشاهد الفلسطينيين المأساوية، وأن يضغط الجميع من أجل إنهاء الحرب التي تركت آثارها الدامية والقاسية على حياة الأطفال في قطاع غزة.

وتشير بيانات منظمات دولية إلى أن نحو نصف مليون طفل في القطاع كانوا يحتاجون خدمات الدعم النفسي والاجتماعي قبل اندلاع الحرب، في حين تشير التقديرات اليوم إلى أن جميع أطفال غزة بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية جراء أهوال ما عاشوه.