الساعة 00:00 م
الجمعة 26 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.76 جنيه إسترليني
5.37 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.08 يورو
3.8 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

حوار حنان عشراوي سيدة فلسطين "الحديدية".. وهذا وجهها الخفيّ في العائلة

حجم الخط
حنان عشراوي.jpeg
رام الله - غزة/ حاورتها إيمان شبير

امرأةٌ قويةٌ وصلبة وجريئة في قولِ الحق، ويُقال عنها "سيدة فلسطين الحديدية"، ولطالما بدت للكثيرين بصورةٍ تختلفُ جذريًّا عن الصورِ الحقيقيةِ التي تحتفظ بها الكاميرات عن شخصيتها الداخلية.

اختارت طريقًا في حياتها ليس سهلًا مُحمّلًا بالقضية الفلسطينية منذ أن كانت شابة في المرحلة الجامعية، ثم نَشطت سياسيًّا وبرعت في قوتها الذاتية وتميزت بعلاقاتها السياسية والقيادية.

ولم يستطع أحد أن ينال القرب منها، لكنَّ شخصية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "أبو عمار" كانت الأقرب إلى عقلها، إذ كان يَسمح لها بـمساحةٍ من الحرية في طرحِ القضايا التي تُخالف رأيه، ودون أن تؤثر العلاقة فيما بينهما.

ولم يكن غريبًا أن تحظى الدبلوماسية حنان عشراوي بمكانة خاصة في قلبِ أبيها الراحل، عندما جاءت على الدنيا قال للأطباء: "هذه هي الطفلة التي كنّا بانتظارها".

نشأت في أسرةٍ مثقفة وأدبية، ومحافظة على الحقوق الإنسانية والاجتماعية، فمنذ طفولة "عشراوي" اعتمدت على استقلاليتها الذاتية وبناء ثقتها بنفسها.

من "رام الله" مكان إقامتها إلى غزة نقل هاتف "وكالة سند للأنباء" حديثٍ شائق قريب من الوجدان، الملامح الشخصية والعلمية لحياة "عشراوي".

حنان عشراوي (75 عامًا)، ولدت في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وعاشت طفولتها بين مدينتي نابلس ورام الله، متزوجة ولها ابنتان "أمل، وزينة".

ضيفتنا ناشطة سياسية فلسطينية مسيحية، كانت قائدة في الانتفاضة الأولى، والمتحدثة الرسمية باسم السلطة الفلسطينية، حصلت على شهادة الماجستير في عصر النهضة ونقد النصوص من الجامعة الأمريكية في بيروت.

وشغلت مناصب عديدة، حيث انتخبت عضوًا باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 2009، وترأست دائرة الثقافة والإعلام فيها، كما شغلت منصب الناطقة الرسمية باسم الجامعة العربية خلال الفترة 2001-2002.

وكتبت "عشراوي" العديد من الكتب والمقالات والقصائد والقصص القصيرة عن السياسة والثقافة والأدب الفلسطيني، وأبرز كتبها المشهورة عالميًا كتاب (This Side of Peace) – "هذا الجانب من السلام".

تنبشُ "عشراوي" ذاكرتها في مستهل حديثها معنا، لتتحدث عن طفولتها: "كُنتُ في طفولتي سعيدة أنني بجانب أبوين يوفرون لي الراحة النفسية، ويزرعون في داخلي معانِ القوة والجرأة والقدرة على رفض القبول بأي قيود مُجحفة على شخصيتي".

أما والدها فهو شخصية "عطوفة" كما تصفه مستكملةً عن أثره فيها: "أكثر ما كان يُميّز والدي داوود ميخائيل هو إيمانه بحقوق المرأة بشكلٍ واضح، وكان نشيطًا سياسيًّا، محاولًا حمايتنا من الواقع السياسي، وهذا ما عكس إيجابيًّا على حياتي الشخصية والسياسية، عندما أوصاني بوصيةٍ ثمينة "كوني جريئة في الحق".

بينما والدتها شخصية مُتنوّرة ومُفكّرة وتتمتعُ بالثقافة، تقول: "والدتي زرعت في داخلي الشعور بالاستقلالية والثقة، وعدم القبول بأي قيود، مُردفةً: "هذا المزيج جعلني أعيش في بيئةٍ منضبطة وغير تقليدية بعيدة عن الترهيب".

البيئة السياسية التي تمتعت بها "عشراوي" وحملت خلالها هم القضية الفلسطينية لم تمنعها عن قربها من ابنتيها، بنبرةِ حب تصف تلك العلاقة: "علاقتي بهم، علاقة محبة، حميمية، تفاهم، وتواصل باستمرار، لافتةً أن ابنتيها خارج الوطن".

بدت دموع "عشراوي" واضحة في صوتها المرتجف أثناء حديثها عن غربة فلذات أكبادها: "في قلبي حرقة شديدة؛ لأنني أشتاق للأجواء العائلية معهن ومع أحفادي، والوسيلة الوحيدة لاجتماعنا هو مغادرتي فلسطين، لأنهن لا يمتلكن بطاقة الهوية المقدسية التي تُمكنهما من دخول فلسطين بأريحية".

وتستطرد: "مؤسف أنك لا تستطيع توفير الحرية لأبنائك في وطنهم، لكنّ هذا هو قدرنا تحت سلطة الاحتلال وعنصريته".

"المناصب السياسية"

عشراوي وأبو عمار.jpg
 

قالت "عشراوي" ذات يوم في إحدى الحوارات التلفزيونية: "لا أستطيع أن أبتعد عن السياسية؛ لأن السياسة هي حياتي لكنني ابتعدت عن المناصب"، عن ذلك توضّح لنا: "السياسة بنظري ليست ممارسة السلطة، نحن الشعب الفلسطيني جميعنا سياسيين؛ لأننا مناضلين وتحت الاحتلال الإسرائيلي ونعي أهمية النضال فلا أحد يتخلى عن انتمائه الوطني".

وتتابع: " أنا لا أستطيع أن أتخلى عن عملي السياسي الدبلوماسي، موضحة أن لديها مواقفها التي تخدم فيها فلسطين والقضية".

وتسرد بنبرةٍ من القوة: "لستُ أنا من تعيش وراء القضية الفلسطينية، ولكنني أعيش لخدمة القضية لذلك تخلّيتُ عن الكثيرِ من المناصب".

وفي سؤالنا: "بعد النضال، والمواجهات، كيف تنظرين إلى القضية الفلسطينية والتحولات التي حدثت بالقضية؟"، أجابت: " القضية الفلسطينية لم تضعف رغم كل المحاولات لطمس الهوية ومحو الفلسطيني من الوجود"، مبينةً أنه بدأ يتضح بشكلٍ واضح طبيعة النظام العنصري للمحتل الذي دمّر الشعب الفلسطيني منذ عام 1948.

وترى "عشراوي"، أن الشعب الفلسطيني لا زال يعيش بامتدادات الـ 48، من حيث إقامة إسرائيل على أرض فلسطين، وإعطاء المحتل المساحة والحق بالتصرف في فلسطين وشعبها كما يُريد، مِن سرقة وهدم وتدمير وقتل وحصار وعنف لافتةً أن الفلسطيني  رغم ذلك ظلَّ متمسكًا بهويته وتاريخه وأصالته وثقافته وبإيمانه بعدالة قضيته.

"الراحل "أبو عمار"، ما الذي كان يُميزه عن غيره ليحظى بإعجابك؟"، تبتسم بعد استراحةِ صمتٍ وترد على تساؤلنا: "أبو عمار انسان بمعنى الكلمة، وقربه من الناس وتقبل الاختلاف كان لافتًا في شخصيته، فأصالة المحبة كانت واضحة، بالإضافةِ إلى أخذه مفهوم "الأب" حرفيًّا في علاقاته المقرّبة، مُردفةً أنه في ذاتِ الوقت كان مُحنّكًا سياسيًّا، وجسّد الهوية الوطنية الفلسطينية".

"غزّة المُشرِقة"

بابتسامةٍ خجولةٍ تحدثت "عشراوي" عندما سمعت كلمة "غزة"، "أنا عندما تزوجت زرت قطاع غزة، ما رسخ في ذهني عنها  أنها البحر الجميل، والأفق الواسع، والوجه الجميل بعيدًا عن الألم الكامن فيها".

وعن الوجه الآخر لغزة، تزيد: "ثمة ظلم مركب يعاني منه أهل غزة، وخاصة تداعيات الانقسام الداخلي الذي سبب لهم الكثير من المعاناة"، لافتةً أن غزة استطاعت أن تواجه العنف والدمار، وتستمر في المواجهة، فغزة يجب ألا تترك وحدها.