الساعة 00:00 م
السبت 20 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.65 جنيه إسترليني
5.31 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.01 يورو
3.76 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

حظر "حماس" في بريطانيا.. الأهداف والدوافع

حجم الخط
77lUZ.jpg
خالد أبو الروس-وكالة سند للأنباء

أثار إعلان وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل حظر حركة "حماس"، ونيتها استصدار قرار من البرلمان يصنف الحركة كـ "منظمة إرهابية" تساؤلات حول أسباب ودوافع اتخاذ هذا القرار ودلالات توقيته.

وبررت باتيل هذه الخطوة بصعوبة "الفصل بين الشق السياسي والعسكري للحركة"، وأيضا "لبعث رسالة لليهود في بريطانيا بأنهم آمنون ضد معاداة السامية".

ويجمع مراقبون أن بريطانيا اتخذت القرار بحظر حركة حماس نتيجة تنامي التأييد والمناصرة للقضية الفلسطينية والمناهضة لإسرائيل، بالإضافة إلى عوامل مرتبطة بالوضع الداخلي البريطاني.

الأهداف

يقول أستاذ العلوم السياسية في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة إيران كنعان، إن وزيرة الداخلية البريطانية من أنصار إسرائيل، حيث التقت مصالحهما في هذا التوقيت.

ويشير "كنعان" في حوار أجراه مع مراسل "وكالة سند للأنباء" إلى أن إسرائيل من جهة تريد خنق قطاع غزة عبر وقف أنشطة الدعم لها بينما الوزيرة تريد أن تلمع وتسوق نفسها في الانتخابات المقبلة.

ويؤكد أن إسرائيل عبر علاقاتها وأفرعها في الدول خاصة الدول التي تمتلك زمام أمور التداولات المادية، والتي تتمثل في أمريكا وبريطانيا أن تقطع السبل المادية عن غزة وخصوصًا حركة حماس.

وينوه إلى أن إسرائيل لم تتوقف منذ سنوات عن محاولة إدراج حماس وفصائل المقاومة في غزة ضمن لوائح الإرهاب الدولية، وذلك للتضييق عليهم، بعد أن تيقنت إسرائيل أن محاولات حصار غزة باءت بالفشل.

ناقوس خطر

ويشدد على أن دلالات هكذا خطوة تمثل ناقوس خطر وخصوصًا إذا التحقت الولايات المتحدة الأمريكية وأيدت هذا القرار، فهذا من شأنه أن يسد أغلب الطوق الداعمة لحركة حماس في قطاع غزة.

وفي تقديره فإن القرار سيؤثر سلبًا على حركة حماس حال اعتماده من دول عظمى مثل أمريكا، لكنه إذا بقي في أروقة بريطانيا فستكون تأثيراته محدودة وستخرج حماس من هكذا أمر بسهولة.

ويرى "كنعان" أن بريطانيا خسرت الكثير من وزنها السياسي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، حيث أصبح قرارها يخصها وحدها ولا يؤثر على بقية دول الاتحاد الأوروبي.

"ولو كانت بريطانيا ما زالت عضو في الاتحاد الأوروبي لكان الوضع أكثر خطرًا وصعوبة على حركة حماس"، وفقًا لـ "كنعان".

ويشدد على أن حركة حماس أن تحذر في التعامل مع هكذا قرار أحادي الجانب والعمل قدر المستطاع على ألا تلحق أي دولة عظمى أخرى وراء هذا القرار.

وفي حال تبنت بريطانيا هذا التصنيف بعد مناقشة في البرلمان من المقرر إجراؤها الأسبوع المقبل، ستُعاقب العضوية في حماس أو الترويج للحركة بالسجن لمدة تصل إلى 14 عامًا، بموجب أحكام قانون مكافحة الإرهاب البريطاني وفق وزارة الداخلية البريطانية.

عوامل داخلية

أستاذ النزاعات الدولية إبراهيم فريحات، يقول إن تصنيف حركة حماس على أنها إرهابية من الحكومة البريطانية يثير نوع من الاستغراب كونه يفتقد لمناسبة محددة دعت اليه، كما أن الملف الفلسطيني لا يأخذ أولوية في السياسة الخارجية البريطانية.

ويُوضح "فريحات" في حوار مع "وكالة سند للأنباء"، أنه يمكن تفسير ذلك بالمناخ العام السائد لدى الحكومة البريطانية المحافظة والتي بدأ يقلقها التضامن الشعبي المتزايد في الأوساط البريطانية مع القضية الفلسطينية والجرأة غير المعهودة التي بدأت الكثير من الأطراف البريطانية التصريح بانتقاد إسرائيل بها.

"ويظهر ذلك في التأييد الذي تجده حركة المقاطعة BDS بين البريطانيين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تمثل التظاهرة الطلابية التي طرد بها طلاب جامعة لندن للاقتصاد للسفيرة الإسرائيلية أحد المؤشرات المهمة على القلق الإسرائيلي والبريطاني الرسمي الداعم لها"، بحسب "فريحات".

وذكر أن الوزيرة البريطانية التي نفذت حظر حركة حماس هي نفسها عبرت عن انزعاجها الشديد مما أقدم عليه طلاب الجامعة المرموقة، "ولربما مثل هذا الحدث بمثابة الشرارة التي كان لها دور في التسريع باستصدار القرار الذي كان يعد له منذ فترة طويلة".

أما العامل الآخر _تبعًا لفريحات_ هو المزايدات الحزبية البريطانية على بعضها البعض في الولاء لإسرائيل ومحاربة خصومها.

ويُكمل: "من المعلوم أنه منذ الهزيمة الانتخابية للزعيم السابق لحزب العمل جيمي كوربن المناصر للقضية الفلسطينية حتى قام الرئيس الجديد كير ستارمر بحرف بوصلة حزب العمل بشدة تجاه إسرائيل ومجموعات الضغط الموالية لها".

وفي تقديره، "هذا الانحراف باتجاه إسرائيل لدى حزب العمل ربما يكون هو الآخر قد دفع بالمحافظين المعروفين تاريخياً بدعمهم القوي لإسرائيل إلى الدخول في سوق المزايدات السياسية فيما بينهما أيهما يكون أكثر ولاءً لإسرائيل ومقدرة على محاصرة الفلسطينيين".

ويرى أنه قد يكون موقف وجهود الحكومة الإسرائيلية قد ساعد باستصدار مثل هذا القرار إلا أنه يصعب تخيل أن القرار قد صدر فعلاً؛ بسبب هكذا جهود لدولة أجنبية وتصور وجود نفوذ لديها على الحكومة البريطانية.

وعليه يعتقد أن العامل المتعلق بالقلق المتزايد من التحولات في المجتمع البريطاني حول هذا الصراع العامل الأهم، "ولو استمر فسيفرض على الحكومة البريطانية مستقبلاً اتخاذ قرارات أكثر اتزاناً باتجاه عدالة القضية الفلسطينية".

ويتفق مدير مركز تقدم للسياسات في لندن محمد مشارقة مع التحليل السابق حيث يعتقد أن القرار البريطاني بحظر حماس جاء نتيجة عدة أسباب قديمة وحديثة وأهمها الوضع الداخلي في بريطانيا.

ويشير إلى أن حزب المحافظين في بريطانيا التقط لحظة ضعف تاريخية في حزب العمال المؤيد التقليدي للقضية الفلسطينية، حيث ارتأت الحكومة البريطانية هذه اللحظة لتمرير قانون لتجريم حركة حماس مستغلة الوضع الداخلي في بريطانيا.

ويعتقد أن إعلان الوزيرة حظر حماس من واشنطن أمر في غاية الأهمية؛ لأن الولايات المتحدة منذ أشهر عبر وزارة الخزانة وجهاز الاستخبارات وزعت معلومات تشير إلى تواجد أنشطة لحركة حماس في دول عديدة.

مواجهة حركات التضامن

يقول رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا زاهر البيراوي إن السبب الحقيقي وراء القرار هو وجود ضغط قام به اللوبي الإسرائيلي مؤخرًا ورغبة في إسرائيل بتحقيق عدة أهداف.

وأول هذه الأهداف مواجهة حركات التضامن المتصاعدة والمد الشعبي المؤيد للقضية الفلسطينية في أوروبا عمومًا وبريطانيا خصوصًا عبر تضييق مساحة العمل التضامني وإسكات الصوت الداعم لفلسطين.

يشير "البيراوي" إلى أن وزيرة الداخلية البريطانية وظفت مصطلحات مثل "معاداة السامية" "والإرهاب"؛ لربط الشخصيات الداعمة لفلسطين بهذه الذرائع ومحاولة تشويه سمعتهم وجهودهم ومحاصرة المؤسسات.

ولا يظن "البيراوي" أن هذا الهدف يمكن تحقيقه على الرغم من أن بريطانيا قد تذهب في البدايات باتجاه فرض إجراءات ضد أنشطة التضامن الدولي وربما تلاحق بعضها لإثارة خوف المؤسسات والشخصيات الداعمة.

لكنّه يعتقد أن حركات التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني في بريطانيا قادرة على وضع استراتيجيات مناسبة، تقوم على التعامل القانوني مع مثل هذه القرارات والقوانين الجديدة ضد حماس.

ويتمثل الهدف الثاني من وراء القرار البريطاني هو محاصرة حركة حماس على مستوى علاقاتها الدولية؛ لأنه من وجهة نظره سُيعقدُّ هذه العلاقات على المستوى الرسمي العلني، فيما لو رغبت بعض الدول بالتواصل مع الحركة.

ويرى بأن هذا القرار أيضًا سيعقد مسألة المصالحة الفلسطينية الداخلية وملف إعادة إعمار قطاع غزة؛ لأنه سيسهل على بريطانيا وأمريكا وإسرائيل استخدام هذا التصنيف لتعزيز "الفيتو" ضد حماس؛ بهدف عرقلة وجود حكومة وحدة وطنية ودعم دولي لقطاع غزة.

ويعتقد "البيراوي" أن هناك علاقة عكسية ما بين القرار وتخطيط بريطاني وإسرائيلي؛ لإعطاء مبررات وذرائع؛ لتنفيذ عمليات عسكرية وأمنية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

ولا يستبعد الخبير أن يُستغل مثل هذا القرار من الاحتلال الإسرائيلي، لتنفيذ عمليات اغتيال لقيادات سياسية في الحركة.

وكانت لندن قد حظرت الجناح العسكري لحركة حماس فقط في المملكة المتحدة، في حين أن الحركة الإسلامية مدرجة على القائمة السوداء للمنظمات "الإرهابية" في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي خرجت منه بريطانيا في العام 2020.