الساعة 00:00 م
الأحد 28 ابريل 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.84 جنيه إسترليني
5.4 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
4.1 يورو
3.83 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

جيش الاحتلال يُعلن مقتل "رائد" شمال قطاع غزة

فلسطيني يحول موقعاً عسكرياً مدمراً إلى مسكن لعائلته النازحة

"عبق الألوان"..

بالصور الرسم بواسطة "الروائح".. مُبادرة أردنية فاقت "الخيال" للمكفوفين

حجم الخط
كفيف10.jpg
عمان - إيمان شبير - وكالة سند للأنباء

ما إن مررتَ بِمرسَمْ "دارة سهيل" في جبل اللويبدة المشهور بصبغته الفرنسية الذي يعتبر من أهم المعالم في العاصمة عمان، فإنك سرعانَ ما تنجذب تجاه اللوحات الفنّية المليئة بألوانِ "قوس قزح"، تُسافر بين فضاءِ خيال أصحابها عبر ريشةِ إبداعهم.

داخل المرسم لا يُمكنك أن تتخيل أن اللوحات الفنية بأنامل أطفالٍ مكفوفين، فعلى طول المكان يمتلأ بلوحاتٍ تمازجت بألوانٍ زاهية، ولِكُلِّ لوحة حكاية وتوقيعٍ خاص، يمتد البصر تلقائيًّا نحوها.

ثمة علاقة دافئة جمعت الفنان الأردني سهيل بقاعين بوالدته منذ نعومة أظفاره، لكنَّ سهم القدر أصاب عينيها؛ فأصبح "مرض السكري" يأكلُ مِن نظرها شيئًا فشيئا.

"ملهمتي" لم يكن لقبًا عاديًّا يُنادي به والدته، بل كان له سرًّا حين بات يطارد قوس قزح، لكي يرى ألوان أمه في مشروعه الخاص "دارة سهيل".

الفنان التشكيلي "بقاعين" الذي كبُر على حُب الألوان والتأملات، حاول أن ينطلق بتفكيره خارج الصندوق، وأمسك بطموحٍ ليس سهلًا حينما أراد تعليم المكفوفين "كيف يُعبّرون عن مشاعرهم" عن طريقِ الرسم من خلالِ مزج الروائح العطرية بالألوان، فرائحة الليمون تعني اللون "الأصفر"، أما رائحة الفراولة ترمز لـ "الأحمر"، ورائحة القرفة ترمز لـ "البني"، والقهوة ترمز لـ "الأسود".

"الرسم" ليس شيئًا هينًا للأشخاصِ الذين يُبصرون الحياة، لكن ثمة معجزات كانت مدادًا لأصحابِ "الإعاقةِ البصرية" حينما أثبتوا جدارتهم عن طريق "الشم" برسم اللوحاتِ الجمالية في إحدى المبادرات الإنسانية التي استهدفت المكفوفين.

"عبق الألوان" مبادرةٌ أردنيةٌ إنسانية إبداعية، أطلقها الفنان التشكيلي الأردني "بقاعين" منذ سنوات، يتم فيها تحويل الإعاقة إلى طاقة، والظلام إلى نور من خلالِ ألوان "قوس قزح". 

سهيل.jpg
 

من حيث يقطن في العاصمة الأردنية عمان بدأ حديثه مع "وكالة سند للأنباء" بالمدينةِ الأحب إلى قلبه إنها "غزة" التي لا يزال يحلم أن يعرض أعماله في أزقتها البسيطة.

عن هذه المدينةِ يستهل "بقاعين" حديثه: "غزة هي "القلب"، وستنعم بالحرية والانتصار عمَّا قريب، مُتمنِّيًا بشوقٍ كبير أن يتحقق حلمه في تعليم الرسم لِـ "المكفوفين" في فلسطين وغزة -خاصة-، والمشاركة في معارض فنّية، مُردفًا أن غزة هاشم ستعود إلى الحرية وتبقى مثل "طائر الفينيق".

ويُتابع: "فلسطين فوق الوصف، أعجز عن وصفِ كفاح الشعب الفلسطيني المقاوم، مُشيرًا أنه أقام معرضًا قبل 15 عامًا دعمًا لغزة وصمودها، والتركيز على معاناتها في الحصار وإغلاق الحدود، مُعبّرًا عن ذلك أنها حالة صعبة تتطلب لوحة تحمل "صرخة".

وبالرجوعِ إلى الوراء، يرسم ضيفنا صورة الطفولة بريشة تلك الأيام: "كانت طفولتي بها الكثير من الأحلام التي تُراودني، فكنتُ أحب قصص الخيال، والرسم على الشجر والجدران، ومطاردة الفراشات، مُحبًّا للحياة ومحاولًا أن أكتشف الجمال الذي لا يُرى".

"اللون هو الحياة"

وفي سؤالنا "ماذا تعني لكَ الألوان؟" يُجيب بعد ابتسامة: "اللون يعني القوة والطاقة والحياة كاملةً، واصفًا الحياة بدون ألوان بالشيء "القاتم والغامض"، مُكملًا "أحب الشمس؛ لأنني أرى الألوان الجميلة في الصباح الباكر".

انطلاقًا من الآية (لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ) يقول "بقاعين":" إيمانًا بهذه الآية الكريمة تطوعت خلال 12 عامًا، اخترت 21 طفلًا كفيفًا وأقمت معهم عدة معارض، واهتميت بتعليمهم، ومن ثم توجهت إلى أكاديمية المكفوفين موضحًا أن الخطوة ليست سهلة أبدًا؛ لكن كل شخص لديه الإيمان والفكر الذي يؤمن به".

سهيل 3.jpg
 

ويتحدث عن تجربته مع المكفوفين بنبرةٍ من الأمل: "استطاع الكفيف أن يقرأ الألوان بواسطة الشم من خلال معرض "قارئ اللون"، حيث وضعنا مادة في الألوان تُبين للكفيف دلالة كل لون، فمثلًا رائحة النعنع يعني اللون "الأخضر، ورائحة الليمون ترمز للون "الأصفر".

ويؤكد أن "التركيز" في المعارض التي أقامها في دولٍ عربية وأجنبية، يكمن في الخيال مُبينًا أنه الموطن الأصلي للإبداع وخلق فرص جديدة لهؤلاء المكفوفين من خلال الخروج عن المألوف بإقامة مبادرة "عبق اللون".

"عبق اللون"

وعن مُبادرة "عبق اللون" يستطرد: "هي عبارة عن كسر الحواجز للمكفوفين وذوي الإعاقات البصرية من خلال استطاعتهم الرسم والخيال، مؤكدًا أنها منحت المكفوفين مُتنفّسًا وتحديًا للعالم".

وتهدف المبادرة إلى الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، من خلال حقهم في التعبير عن آمالهم وأحاسيسهم عبر التخيل والرسم، وكسر حاجز الخوف لديهم ودمجهم بمجتمعاتهم، وفق "بقاعين".

وفي سؤالنا "ماذا تعلّمت من الأطفال المكفوفين؟" بعد صمتٍ يُجيب: " تعلّمتُ منهم أن أكونَ صبورًا، ولا يأس مع الحياة، بالإضافة إلى عدم وجود شيء صعب ومستحيل في العالم".

أما عن رسالة "الفنان التشكيلي" يسرد "بقاعين"، أؤمن أنَّ لِكُل فنان رسالة وهدف، مُستأنفًا أنه يجب أن تكون الرسالة ضد الظلم والعبودية والاستبداد، والقمع الذي نعيشه في ظل الظروف الصعبة".

ويُكمل: "الفنان رسالته مهمة من خلال الشعور بالآخرين، ودعم الفئات المهمّشة مثل ذوي الإعاقات البصرية، مُشيرًا أن كل شخص مُعرّض أن يفقد بصره فالاهتمام بالآخرين شيء إنساني عظيم".

ويختم إنسانيته بأمنيةِ قلبه البسيطة: "أتمنى أن تكون هناك مؤسسات داعمة لتسليط الضوء ودعم فئة "المكفوفين" المهمشة في العالم، وهي نسبة عالية جدًّا، مُردفًا "أنا دائمًا متطوع لهم، للتأكيد على وجودهم وتحويل الظلام إلى نور من خلال ألوان قوس قزح".

كفيف5.jpg
كفيف2.jpg
كفيف3.jpg
كفيف 4.jpg
كفيف 1.jpg
سهيل4.jpg
سهيل2.jpg
كفيفة.jpg