الساعة 00:00 م
الخميس 09 مايو 2024
22° القدس
21° رام الله
21° الخليل
25° غزة
4.64 جنيه إسترليني
5.24 دينار أردني
0.08 جنيه مصري
3.99 يورو
3.71 دولار أمريكي
4

الأكثر رواجا Trending

بعد إنجاز 50% منه.. لماذا فكّك البنتاغون الأمريكي ميناء غزة العائم؟

مهنة شارفت على الاندثار..

بالفيديو والصور الأخوان "الترتير".. ينفردان بصناعة الأهلّة وقباب المساجد

حجم الخط
صناعات.jpg
نابلس - لبابة ذوقان - وكالة سند للأنباء

بين أزقة البلدة القديمة، يلفتُك عبَق الماضي وأصالة التاريخ، وتلك القباب اللامعة التي تثير في نفسك حباً وحنيناً، هناك، وسط ألواح من "الستانلس ستيل" والحديد وأدوات اللِّحام والقص، يشدك ذاك المحلّ الوحيد، صانعُ الأهلّة والقِباب على أطراف البلدة.

وفي محلهما القديم الواقع على أطراف البلدة القديمة في نابلس، ينغمس الأخوان يوسف وسعيد الترتير في تشكيل الألواح المعدنية، لتصير بين أيديهما قطعًا فنية صُنعت بمقاييس هندسية دقيقة، وضعا فيها ما درساه من أُسس في مدرسة الصناعة، إلى جانب ما تعلماه وأتقناه على يد والدهما الراحل.

وهنا زارت "وكالة سند للأنباء" الأخوين "الترتير"، اللَذين يمضيان يومهما بصناعة وتشكيل الأهلة وقباب المساجد، في مهنة لا يمارسها سواهما في الضفة الغربية والداخل المحتل.

عن بداية الحكاية يُرجع "يوسُف" هذه المهنة لعام 1962م، حين بدأ والده العمل بها واتقانها، ثم نقلها لأبنائه.

يصنعُ الأخوان الأهلة والقباب لمساجد الضفة والداخل المحتل في هذا المحل الذي ورثاه عن والدهما، ولندرة الطلب في الشتاء يلجأ "يوسف وشقيقه" لصناعات أخرى تتعلق بالمدافئ وطاولات المطاعم وغيرها، مثلما قال "يوسف".

"مهنةٌ نادرة"

وعلى رفوف المحل القديم تتناثر قطعٌ نحاسية وأدوات القص واللحام، تتوسطها صورة الوالد الراحل المعلقة على الجدار، ينظر إليها يوسُف قائلاً: "تعلم والدي المهنة خلال ستينات القرن الماضي في الأردن، كان هو وشخص آخر بالقدس فقط من يصنعان الأهلة والقباب".

ويضيف، لم يرث أحد المهنة عن والده ومَن يعمل فيها بالقدس بعد وفاتهما، إلا أن الشقيقين ورثاها عن والدهما وأكملا الطريق من بعده.

"توأم؟"، وبملامحهما المتشابهة جداً كمهارتهما في مهنتهما النادرة، ينظر يوسف لشقيقه مبتسماً، "الكثير من الناس يظنون بأننا توأمين لشدة تشابهنا".

يرتدي "الأخوان" قفازات سميكة تحمي أيديهما من حدة ألواح الستانلس والحديد خلال قصها وتشكيلها، وببراعة وخفة تصير بين أيديهما على شكل أهلة، وقطعٍ أخرى يتم تجهيزها لصناعة القباب.

 لا تخلو هذه المَهمة من إصابات العمل، لكن ضيفانا يصفان بحب تعايشهما مع هذه القطع والأدوات، التي أصبحت جزءاً من حياتهما متجاوزينِ الصعوبات التي ترافقها.

"شغفٌ وفخر"

شغفهما بمهنتهما بدا واضحًا عندما قال "سعيد" لـ " وكالة سند للأنباء" "أشعر بالفخر عندما أمر من أمام أحد المساجد، وأقول لأولادي هذه القبة صنعتها أنا وعمُّكم، وهذا الهلالُ شكّلناه سويّا".

وبثقةٍ يقول "يوسف" لمراسلنا:"اُنظر لأي مسجد تراه بالضفة أو الداخل المحتل، وسمِّ لي أي مسجد سأقول لك إننا من صنعنا قبته وأهلته".

وبسؤالنا عن كيفية صنع الهلال، يصف لنا الأخوان ذلك، بالبدء العمل بـِ صاج (لوح) من الستانلس ستيل، يُقص على شكل هلال، ثم تُصنّع الكرات التي تحمل الهلال على العامود، وبعدها تُلحَم على ماكنة خاصة قبل جمع الهلال كاملا، وكل ذلك يتم اعتمادًا على معايير هندسية وقياسات دقيقة.

ومن واقع خبرة يشير "الأخوان" إلى أن طول وارتفاع الهلال يجب أن يتناسب مع طول المئذنة، وإذا كان ارتفاع المئذنة 40-50 مترًا، يكون ارتفاع الهلال نحو مترين.

ويبيِّنا أن هناك من الهلال بارتفاع يصل لثلاثة أمتار حتى يبدو واضحاً من مسافات بعيدة، ويدلل على وجود المسجد.

يستغرق عمل الشقيقين في الهلال يوما ونصفا، في حين يستغرق عمل القبة نحو عشرة أيام، وعند الانتهاء من تجهيزهما، يقوم عامل البناء بوضع الهلال وتركيبه، ويبقى تركيب القباب مهمة الأخوين "يوسف" و"سعيد".

وعلى الرغم من تعرض الأهلة والقِباب لمختلف العوامل الجوية من الأمطار والرياح وأشعة الشمس الحارقة، إلا أن صناعتهما تبقى مكفولة طوال الحياة لجودتها ومقاومتها وتحملها لمختلف الظروف.

"رمز إسلامي"

عندما كان الصليب رمزاً للكنائس والأماكن المسيحية، اتخذ المسلمون الهلال رمزًا لهم ليدل على وجود مكان إسلامي وشعائر إسلامية في هذا المكان.

وتحرص جميع المساجد على وضع الأهلة على قبابها ومآذنها، حيث يُتخذ الهلال رمزاً إسلاميا على مر العصور.

وهناك دلالات مختلفة لتركيب الهلال كما قال "يوسف"، فتدل فتحة الهلال للأعلى على الطراز التركي، وعندما تكون فتحته لليمين يُعرف أنها على الطراز العثماني، ولليسار على الطراز الأموي.

ويذكر "يوسف" أن غالبية العمل في الوقت الحالي يكون على الطراز العثماني، مُنبّها أن فتحة الهلال عادة ما تكون باتجاه القبلة.

ينهي الأخوان حديثهما ل "سند" بالقول:"أولادنا لا يرغبون بتعلم المهنة، وإن لم يرثها أحد عنا ويتعلمها من الممكن أن تفتقد بلادنا لهذه الصناعة".

IMG-20220113-WA0027.jpg

 

IMG-20220113-WA0019.jpg

 

 

IMG-20220113-WA0021.jpg

 

IMG-20220113-WA0024.jpg

 

IMG-20220113-WA0026.jpg